الفصل الخامس عشر
_________صوت صفير الرياح الباردة تلفح وجهها وتصم أذنيها.. عيناها معصوبة.. وكأنها تائهة وسط صحراء..!
لم يطمئنها سوى صدى صوت تعرفه جيدا..!_ أمي! أخيرا جيتي! وحشتيني.. ليه سيبتيني!
عارفة إنك زعلانة مني.. لأني بقيت زيها.. شيطانة!
بس هي اللي عذبتني.. خليتني انتقم منها في ناس تانية.. علمتني القسوة وسرقت مني طيبتي!
وبقيت لوحدي.. خالد سابني.. وولادي هينسوني!أمسكي أيدي يا ماما ..خديني.. ماتمشيش تاني وتسيبيني! محدش بيحبني غيرك!
الصورة تهتز بعقلها مع اختراق صوت رنين يأتي من بعيد..فانتفضت فجأة ووجدت نفسها قد سقطت بغفوة وهي جالسة تنتظر شاهندة!
الآن أدركت أنها كانت تحلم ذاك الحلم العجيب بوالدتها..!تكرر الطرق على الباب بشكل متواصل..ليفيق ذهنها بالكامل.. وذهبت تتفقد الطارق..! فأصابتها الدهشة من قدوم زائرة لم تتوقع أن تأتيها بتلك الظروف!!
_ معقولة! أنتي جاية لحد عندي بنفسك؟!
تسائلت عايدة مذهولة.. بينما فريال تتأملها بشفقة!
لقد تبدلت وأصبحت هزيلة وأختفت الدماء من وجهها فصار شديد الشحوب بعين غائرة محاطة بسواد!!
أما الأخرى، فمازالت لا تصدق أن أم زوجها خالد هي من أمامها، فركت عيناها ربما تتخيل من أثر النوم، فلم يعد مجال للشك.. الأم فريال هي من تقف على عتبة بيتها..!
قطع حديث نظراتهما، فريال: أيه يا عايدة مش هتقوليلي اتفضلي ولا أيه؟!
أفسحت لها المجال مرددة: أتفضلي!
ولجت للداخل. فوجدت مكان شديد التواضع! جلست بركنٍ ما على إحدى المقاعد البسيطة، أما عايدة فمازالت لا تستوعب وجودها، والصمت يتملكها.. فبادرت فريال الحديث:أنا جيت اتكلم معاكي عشان نحل الوضع ده!
أنقبض قلبها تخوفًا من تأتيها بخبر طلاقها من خالد، فعزائها الوحيد أنها مازالت تحمل أسمه، وتتمني أن تظل مقترنة به حتى أخر انفاسها..!فريال: عجبك حياتك كده؟ ليه ياعايدة اتصرفتي بالقسوة دي، أنتي كنتي هتقتلي ابني او اخويا
طب أنا وعندك سبب تحقدي عليا.. إنما أمي عملتلك أيه عشان تعامليها كده
وصممت تنظر لها مترقبة دفاع يبرر أفعالهافوجدتها شاردة بنظرات غائمة هاتفة بصوتٍ يحمل من الحقد والكره الكثير!
_ كنت بنتقم من شكرية! كنت بتخيلها مكانها بنفس ضعفها.. مش قادرة تتحرك ..ولا تتكلم.. كان نفسي اشوفها عاجزة قدامي..كل اللي اتمنيت اعمله فيها عملته في أمك!
وواصلت بنبرة أزدادت قساوة:
وفي كل مرة بعتيني بدالك.. حقدت عليكي أكتر! لأن الوقت اللي أنا بتمني فيه أمي تكون عايشة واتنعم في حنانها ورضاها وأبقى تحت رجليها.. انتي كنتي بتهربي من مسؤليتك ناحية أمك وتبعتينا مكانك! ماتعمليش قصادي ملاك ..أنتي كمان نفس القسوة والجحود!