°°°تجري تلك الأقدام الصغيرة الحافية على العشب الأخضر وصوت قهقهتهما جل ما يسمع في تلك الحديقة الواسعة، يسقط الفتى الأشقر بغتة لتقع الطفلة أيضا، وتنطلق ضحكاتهما البريئة.
وقفت الصغيرة وسحبت الفتى نحو علية منزلهم، بينما يتسللون على أطراف أصابعهم و كأنهم لصوص يحاولون دخول مصرف.
"من اليوم هذا مكاننا السري اتفقنا؟"
هتفت الصغرى بمرح ليقهقه الأطول ويبعثر شعرها مردفا
"لك ذلك أوديت ..لن أخبر أحدا حتى كارمن"
"هل تعدني أنك ستبقى معي للأبد يا لوكاس"
"أعدك! أعدك يا أوديت أني لن أتركك"
استيقظ لوكاس من دوامة هاته الذكريات على صوت صاحب الرداء الأبيض، ليستقيم من جلسة القرفساء وسأله متلهفا بملامح عبث بها القلق والوجل عبثا.
"هو بخير صح؟ عمي بخير أيها الطبيب؟"
تحمحم الطبيب و أومأ بالإيجاب قائلا
"العملية كانت ناجحة، هو بخير الآن وسوف يستيقظ بعد ساعات قليلة، لكن يجب أن يأخذ أوديته بانتظام فقد لا يحالفه الحظ كهاته المرة"
شكر الطبيب ليركض اتجاه غرفة عمه كما يلقبه ونظر له من خلف الزجاج، تنهد بعمق كلما تذكر أن سبب وصوله إلى هنا كان ابنته أوديت، وضع رأسه بكفيه ليتجه نحو السكرتيرة الخاصة بالسيد رايتشل.
بلل ريقه ونطق بنبرة جادة وأعين حادة
"اسمعي! سيبقى الأمر سرا اتفقنا"
التفتت إليه السكرتيرة وحمحمت تعيد نظاراتها لفوق رأسها محدثة إياه بنبرة رسمية هادئة
"سيد لوكاس أنا أعمل مع السيد رايتشل مدة سبع سنوات وهذا كاف لأعرف بعضا من ماضي ابنته، كما أنها ليست أول مرة يحدث هذا فقد سبق وأخفيت أسرار كثيرة بخصوص ابنة السيد رايتشل يا سيد لوكاس"
رفع لوكاس حاجبه الأيسر ثم أعقب
"أريد معرفة كل ما تعرفينه، آنسة ...؟"
"مارينا! مارينا أليكنز"
"حسنا! لنذهب للكفتيريا الخاصة بالمشفى ونتحدث آنسة أليكنز"
أومأت له وبعدها توجه الاثنان الى حيث يوجد المقهى الخاص بالمستشفى ليطلبا كوبين من القهوى، و يطالبها بالحديث قائلا
"تفضلي آنسة أليكنز أخبريني بما تعرفين؟"
أخذت نفسا عميقا لتجلس باعتدال ويداها متشابكتان فوق الطاولة، ثم باشرت الكلام قائلة
"حسنا أنا أعمل سكرتيرة للسيد رايتشل قبل سبع سنوات، لاطالما تحدثت مع الآنسة أوديت فرغم أنها كانت من النوع الخجول، إلا أنها كانت لطيفة...
سمعت أنها عرضت لطبيب نفساني بدون أن يعرف أحد عندما كانت في الرابعة عشر من العمر أي بعد رحيلك أنت عن هنا، لم أعرف لأي أسباب حينها..."
تابعت إخباره بما جرى بينما هو يوجه كافة تركيزه مع ما تقوله.
فبعد أن عرضت أوديت على الطبيب النفسي، للآسف لم يكن الطبيب شخصا جيدا، وإنما مجرد وغد حقير، استغل صغر سنها وانفراده بها، إذ تحرش بها مرات عدة ووصل به الأمر لمحاولة اغتصابها.
بالتأكيد ما إن سمع السيد رايتشل بالأمر غضب غضبا شديدا، ووظف أفضل المحامين لكي يعاقب ذاك الوغد على جرمه ويندم لعبثه مع صغيرته.
بعد أيام قليلة من الحادثة صارت أوديت تتغير تدريجيا وقبل أيام من المحاكمة عثر على الطبيب النفسي مقتولا بطريقة بشعة.
أقفلت قضية مقتله بحجة أنه مات منتحرا، لكن الأمر ليس كذلك، سلسلة من الجرائم بدأت تحدث وكأنما قاتل متسلسل يستهدف المقربين لأوديت سواء كانوا ممن تحبهم أو تكرههم.
أكيد أصابع الاتهام توجه نحوها لأنها قبل كل جريمة تحدث مناوشة طفيفة بينها و بين الضحية، وبعد ساعات من ذاك الشجار أو دقائق فقط يموت من قد تشاجرت معه، لكن ما من دليل يثبت هذا، إضافة إلى ذلك فوالدها استغل نفوذه ومرتبته لحمايتها.
أعادت السكرتيرة النظارة لمكانها ورتبتها جيدا متابعة حديثها
"أنا أعذره فهي الكنز الوحيد المتبقي من زوجته الراحلة ولكن هو لم يضع في الحسبان أنه سيكون من ضمن المستهدفين يوما.
أنا لا أعرف كيف تفعل أوديت ذلك، لأنها تكون بعيدة كل البعد عن مكان الجريمة وهذا لصالحها أكيد سيد لوكاس ابقى بعيدا عنها حتى لا تتأذى أنت أيضا."
ارتشفت القليل من كوب قهوتها لتستقيم رافعة حاسوبها الشخصي تاركة لوكاس يغرق وسط بحر صدمته.
وضع رأسه بين كفيه وعيناه لا تزال جاحظة من هول ما سمع ولكن لم لم تخبره كارمن بما قالت السكرتيرة مارينا؟ لا شك أن هناك الكثير من الأسرار لا تزال مخفية.
تكررت جملة واحدة في عقله من بين كل ما قالته السكرتيرة مارينا
'سمعت أنها عرضت لطبيب نفساني بدون أن يعرف أحد عندما كانت في الرابعة عشر من العمر أي بعد رحيلك أنت عن هنا'
سأل نفس السؤال الذي أبعد النوم عن عينيه، هل هو سبب ما يحدث؟ بسببه أوديت عرضت لطبيب نفساني وتعرضت للتحرش و محاولة الاعتداء، لا يمكن لكل هذا أن يحدث لها فقط لأنه ذهب.
لكن ما تفسير موت بعض من من هم قريبون منها، كيف تستطيع أوديت أن تقتل أحدا أصلا.
الأمور تتعقد وما إن يكتشف شيئا جديدا يجد أسئلة جديدة تطرح في ذهنه، أسئلة بدون إجابات.
أنت تقرأ
لعنة داجية
Horrorعاد بعد سبع سنين هربا من ماض مشين، تواق لرؤية فتاته الدعجاء ليصفع بمرارة حاضر أسوء منه ماض، تغير عصف بها و من ملاك بأجنحة فراش تحولت إلى شيطان بأعين حمراء صارت. فهل له أن يعيدها؟ Odette Lucas