أضيع الصلوات، وأغرق في ظلمات المعاصي

310 39 13
                                    

أضيع الصلوات، وأغرق في ظلمات المعاصي والإدمان على الانترنيت، وكلما اتجهت للتوبة انتكست من جديد، وعندما أنتكس يضيع مني كل شيء وأخاف من غضب الله.. فماذا أفعل ؟

حل هو الدعاء.
لقد مررت من مثل هذه التجربة، بل أني أعيشها مع كل ذنب أقرر تجاوزه والتوبة منه..
﴿قَدۡ أَفۡلَحَ مَن زَكَّىٰهَا ° وَقَدۡ خَابَ مَن دَسَّىٰهَا﴾ [الشمس ٩ - ١٠]
النفس عندها قابلية للتزكية وللدنو، كل بحسب ما تلقنها أنت.

الخطأ الذي نرتكبه، والذي يرتكبه الكثير من الشباب هو أنه يظن، أنه بمجرد أن يقرر أنه سيعرض عن ذنب معين، سينقطع عنه مباشرة ولن يعيد الالتفاتة إليه أبدا.. أما الخطأ الثاني فهو الاعتماد على النفس للخروج من الذنب، كأن المسألة بيده، ما أن يقرر تركه سيترك..
المسألة في الدين ليست عبارة عن معادلات؛ حين تقرر أن تتوب، فعليك أن تبرهن صدق نيتك (رغم أن الله سبحانه يعلم السر وأخفى، يعلم نيتك وهل أنت صادق أم لا) ولكن يجب أن تبرهن على ذلك بأفعالك.
كيف ذلك؟
بأن لا تقنط من الوقوع في الذنب، تتوب بعد كل مرة، ولو وقعت فيه ألف مرة تعيد التوبة ألف مرة...
أذكر قصة، للإمام أحمد أظن أو للحسن البصري، لا أذكر بالضبط من صاحبها، كان قد جاءه طالب علم، وكان يُعرض عنه ويطرده في كل مرة، لكن الطالب كان يعود رغم ذلك، وكان يصر ويلح على الشيخ.. وما كان ذلك إلا اختبارا من الشيخ للطالب حتى يرر صدقه، وهل سيتحمل فعلا الأذى في سبيل تعلم دينه.. ولله المثل الأعلى.. يريد الله منك ذلك الإلحاح عليه، أنك تذنب وتعود بعد كل مرة، باكيا ومنكسرا بين يدين، ذليلا تطلب عونه، لأنه لا حول لك ولا قوة إلا به...
لأنه إن أنت اعتمدت على نفسك، فلن تُقلع عن هذا الذنب أبداً، ولكن إن وفقك الله لذلك، يقول كن فيكون، فتصبح مُعافا من ذنبك كأنك لم تسمع بهذا الذنب أبدا..
فباختصار، الإنابة والعودة بعد كل مرة، وكثرة الدعاء واللجوء إلى الله بأن يعينك ويقويك على نفسك..
ووالله ما وجدت طريقة فعالة أكثر من هذه، بل ربما هي الطريقة الوحيدة.. أذكر بعض ذنوبي، عدت إليها لأكثر من 15مرة، وكانت كل مرة أعود إليها فيها تزيدني انكسارا وذلا بين يدي الله، ثم بين ليلة وضحاها سبحان الله، تاب الله علي حتى ما عدت ألتفت لذلك أبدا...

بالنسبة للصلاة فنفس الشيء، وحسب تجربتي أيضا، ولأن الثبات على الصلاة كان أصعب شيء عشته منذ بداية الالتزام، فالشيطان يشدد عليك لأن الصلاة رأس الفلاح..
صل ما استطعت.
تقوم صباحا، يصيبك الكسل ولا تصلي (وأنا هنا لا أقول لك اترك صلاتك وكن متراخيا، بل عليك أن تجاهد نفسك) تغلبك نفسك فلا تصلي لا صبح ولا ظهر ولا عصر.. ثم في لحظة يتقوى إيمانك، أو تزعم أنك ستبدأ الصلاة، ابدأها من اللحظة التي قررت فيها، صل المغرب وادع الله كثيرا بأن يثبتك على صلاتك، ادع وابك كثيرا كثيرا، وليكن دعاؤك صادقا وبحرقة.. حل وقت صلاة العشاء، تجاهد نفسك ما أمكن على أن تصليها، لكن إن لم تفعل، وحل يوم جديد، تبدأ من جديد وتعيد الكرة، صل الوقت الذي أنت فيه وادع الله كثيرا..
وأخبرك مسبقا، أنك ستشعر بالنفاق، وستستغرب حالك، أنك قبل قليل كنت تبكي بين يدي الله وتدعو بحرقة أن تثبت على صلاتك، ثم ما أن يحل الوقت التالي حتى تعود وكأنك بعمرك ما دعوت الله وبعمرك ما عزمت أن تصلي أبدا.. فتستغرب، هل انا فعلا من كان قبل قليل يحب الصلاة ويبكي بين يدي الله؟ نعم، أنت، ولست منافقا، لأن المنافق لا يبكي في خلوته، ولأن المنافق لا يتحسر على حالته..
فلا تكثرت لوساوس الشيطان..
وجاهد ما استطعت، حاول أن تقوم للصلاة مباشرة بعد الأذان لأن التأجيل هو من يجعلك تتكاسل..
وأعد الكرة في كل مرة في كل مرة حتى يرى الله صدقك وإلحاحك عليه، وصدق رغبتك في الثبات على صلاتك.. وما أن يرى الله منك الصدق والسعي لذلك حتى يوفقك ويثبتك على دينه، وتكون من المصطفين عنده.. كما فعل الإمام بعد أن رأى الصدق في ذلك الطالب، أصبح يفتح له الطريق ويقربه منه ويجلسه إلى جانبه.. فإن كان هذا حال عبد ضعيف، فكيف بالكريم؟
وأخيرا، أخبرك بهذا من باب التبشير، لقد جربت هذه الطريقة في صراعي على الثبات على الصلاة، ودام ذلك لشهور، إلى أن حلت إحدى الليالي، رأيت نفسي في منامي، أمام الكعبة لوحدي، ولافتة أمامي مكتوب فيها اشهد ان لا اله الا الله وأشهد ان محمدا رسول الله، وكنت أردد الدعاء الذي كنت أردده دائما في سجودي "اللهم ثبتني على صلاتي" وأبكي أمام الكعبة...
منذ ذلك اليوم سبحان الله، ما قطعت الصلاة أبدا.. وكله من توفيق الله عز وجل.

أما عن الانترنيت، فنصيحة، أغلق مواقع التواصل جميعها لمدة شهر أو شهرين، حتى تتجاوز حالة الهوس الذي تعيشه بها، واقرأ وتفقه في دينك، واختلي بربك، ستكتشف كم كنتَ تافها عندما كنت تضيع وقتك أمام شاشة لا تسمن ولا تغني من جوع.

نسأل الله أن يوفقك ويثبتك على دينه.

لأننا غاليات2 🌸حيث تعيش القصص. اكتشف الآن