الجزء الأول

4K 70 11
                                    

(خطوات نحو الهلاك) 

                             ~ المُقدمة ~
                       **************
هل لحياتك قواعد؟ ..
أم أنها فوضى.. ؛وأفعالك هوجاء؟
إن الأيام هي صحيفة الأعمال، فجملها بالأفعال.
خيرُ الأمم نحن.
{كُنتم خير أمة أخرجت للناس، تأمرون بالمعروف وتنهون عن المُنكر.. } فكونوا!

-----------
سُفرة دايمة يا عبد الحميد. 
أردف السيد " طه" وهو يبتسم بحنو، شاكرًا شقيقهُ على تلك الضيافة المُشرفة والاستقبال الحسن والترحيب به وبأسرتهُ، بينما يبتسم عبد الحميد بمودة وهو يقول بهدوء:
- ألف هنا على قلبك يا أخويا، والله خطوة عزيزة وأنا مبسوط أوي بزيارتكم لينا النهاردة.
اكتفى طه بابتسامة هادئة، ريثما يغسل يديه عقب انتهاء طعامه، وبعد عدة دقائق، جلس بصحبة شقيقه بالصالون يحتسيان قدحان من الشاي، وبالمطبخ وقفت زوجته سماح تلملم الصحون وتستعد لغسلها ذوقيًا لمساعدة زوجة عبد الحميد، بينما تهتف الأخيرة باعتراض:
_ لا والله ما يحصل يا سماح، إقعدي أنتِ إرتاحي مايصحش كدا.
تذمرت سماح في قولها وهي تخبرها:
- عيب والله يا إيمان، هو أنا غريبة، أنتِ اللي ترتاحي، كتر خيرك شقيانة من صباحة ربنا في أكل العزومة وأكرمتينا، خليني أغسل الصحون مجراش حاجة.
وبعد مناقشة دامت لدقائق فحسب، انصاعت إيمان لها وتركتها تقوم بتنظيف الأطباق كما أرادت، لتفعل هي مُهمة أخرى وتقديم الحلوى لهم بكامل رضا ومحبة..

أعاد عبد الحميد وضع قدح الشاي على الطاولة بعدما انتهى من احتساءه، ليواصل حديثه مع شقيقه بتنهيدة ممدودة:
_ عاوز نصيحتي يا طه؟.. لازم تشد على عيالك شوية وتركز معاهم، حياتك ماينفعش تبقى كُلها شغل وبس، دا حتى صحتك هتفنى، بص لنفسك يا طه ماحدش بينفع حد.
"طه" بنبرة مهمومة:
- أعمل إيه يا عبد الحميد؟.. أنا بجري على 3 عيال، والمصاريف قطمت ضهري، لو ماشتغلتش وركزت معاهم هصرف منين؟ لازم أعمل كدا، دا غير جهاز نورا، إنت ناسي إنها هتخُش كمان سنة ولازم أجهزها زيها زيّ البنات، ربنا المستعان..
تنهد "عبد الحميد" بعمقٍ وهو يومئ برأسه في هدوء، لم يُحبذ إفساد تلك اللحظة العائلية الآن، قرر أن يدع الحديث لحين ٱخر، ويستمتع بوقته معه وأولاده..
بالفعل قضوا وقتًا ممتعًا مُحملًا بالدفئ، ليعود طه مُجددًا بصحبة زوجته وأولاده الثلاث إلى منزلهم البسيط..
قام بتغيير ملابسه وجلس بصحبة أولاده في صالة منزله البسيطة ذات الأثاث القديم، بينما جلست سماح قبالتهم وقد ظهر الامتعاض جليًا على ملامح وجهها،..
صدح صوت هاتف الإبنة الكبيرة له، فنهضت على الفور إلى غرفتها لتنعم بالحديث مع خطيبها، أما عن "طه" فقد قال بهدوء حازم:
- إبقي فهميها يا سماح بلاش كلام في الليل مع خطيبها، والكلام برضوه يبقى بحدود، دا مهما كان برضوه لسه غريب.
رمقتهُ سماح بنظرة ثاقبة قبل أن تردف بنفاد صبر:
- خليها تعيش أيامها، ما كل اللي في سنها كدا، إن مكانتش هتعيش أيامها دلوقتي هتعيشها إمتى.
طه وقد احتدت ملامح وجهه، بينما يقول بضيق:
- أيامها دي ماينفعش تعيشها إلا بالطريقة دي؟.. أنا بقول بلاش كلام نص الليل ولازم يكون فيه حدود بينهم كدا يبقى مش هتعيش أيامها؟، نفسي تساعديني في تربيتهم شوية، أنا الحمل زاد عليا مش قادر يا سماح.
زفرت بقوة وهي تواصل بنبرة متجهمة:
- إنت كدا عمرك ما بتشكر غير في نفسك، أنت اللي عملت كل حاجة وأنا ولا حاجة.
- خلاص يا جماعة استهدوا بالله، اهدوا.
هتف "أحمد" الإبن الثاني لهما والذي بلغ من عمره ثمانية عشر عامًا، بدا الانزعاج واضحًا على قسماته وهو يردد:
- يا بابا عملت إيه في اللي قلت لك عليه؟ 
تنهد "طه" بهمّ، بينما يردف بجدية:
- ربنا يسهل يا أحمد، لما ربنا يفرجها هجبلك الموبايل اللي بتقول عليه، بس أنت ركز في مذاكرتك.
امتعض وجهه وأطلق زفرة قصيرة، فيما يتجه نحو غرفته وهو يلتقط هاتفه ذا الموديل القديم وينظر له بإحباط، ثم يجري اتصالا على أحد أصدقائه بكليته، حيث أنه بأولى جامعة القاهرة الآن..
- إزيك يا محمد؟ 
- إيه يا نجم، أخبارك إيه؟!
يبتسم "أحمد" ويُجيب:
-كله تمام.
تنهد الأخير مستطردًا:
-عاوزين نظبط خروجة حلوة بكرا أوك
وافقه قائلًا بضحكة خفيفة:
- أوك، أنا قلت لأبويا إني عاوز ملازم مهمة وخدت تمنهم يعني الأشية معدن والحمدلله..
-----------------------

خطوات نحو الهلاك حيث تعيش القصص. اكتشف الآن