العناوين تفسد متعة النص

9 4 2
                                    

“الموت فنّ
على غرار كل ما عداه
وإني أمارسه بإتقان

كم أحلم أن أتجرد من مظاهر الحياة مراتٍ
أتخيلني أخلعها كما أخلعُ ملابسي كلها
برغبة لا حد لها في الإنكار ...
أرميها بسرعة وكأني معها أتخلص من كل شيء،
حتى من فكرة كوني بشراً !
أقف في حضن شجرةٍ أسميها حياتي،
تلامسني أوراقها الرطبة و تخدشني بلطفٍ أغصانها الصغيرة، أغمضُ عينيَّ بهدوءٍ، مشرعة ذراعي لأقصى ما يفرد طائر جناحيه.
أقف صامتة بخشوع، حتى تتحد أنفاسنا أنا وشجرتي،
لا تنكرني. لا تخاف مني.
أتجرد من كل شيء عرفته وتعلمته، من الإجابات، الأفكار، الأسئلة الوجودية، الحقائق، الموت، القوى الخارجية،
من البشر والغبار والغضب والحرية والفرص والخسارات،
من وجهي و ذاكرتي والمكان والزمن. من الحب والخوف والغثيان والنهايات
أخرج من العالم الذي أعرفه ولا أنتمي إليه،
في أعماق الظلام، بفردانية لا حد لها،
أتوحد مع كل ذرةٍ من حولي،
لا أرتبك لا أخاف، لا أفكر.
لا حزن لا سعادة، لا رغبة، لا آلهة، لا قلقٌ، ولا كآبة
أشعرُ بنفسي تحل بنفسي، أو أني أعودُ إلى الغيب
حيث كنتُ عبثَ الفكرة في وجودي.
شيئاً فشيئاً أشعرُ أني كائنٌ لا مرئي،
أني امتدادٌ للطبيعة، جسدي هذا الضبابُ الخفيفُ،
و شعري عشُّ العصافير البردانه،
فمي أفكارُ وردةٍ مجهولة،
وجهي غيمة تتعلم كيف تمطر للمرة الأولى،
قلبي ألم الكائنات الضعيفة تحت هذا الليل.
ولأني لم أعد أعرفُ أين أقفُ ولا من أنا ولا ماذا أريدُ
ولا بما أشعر، لأني لا أستطيعُ فهمَ كلِّ هذه الفوضى
التي تتربى في دمي !
غاضبة من كل شيء، أحس بنفور غريب من كل الكائنات
دون أن يؤذيني أحد، حتى الذين أتصوفُ في محبتهم.

أرتكبُ  هذه الخيالات، هذا العُري أحياناً لأني لا أريدُ أن أكونَ لحظتها أكثر من نجمةٍ
مطفأة أو ورقةِ خريفٍ أو ريشةِ طائرٍ مهاجرٍ، ،
لا تهتمُ بقدَرِها ولا بالكائنِ الذي انفصلت عنه ولا بالغيبِ الآتي.

أفعلُ هذا وكأني أودُ قتلَ هذا الجسد الساخن الذي أسكنه، أن أحطِّمَ هذا الرأسَ المحشو بالانهزام واليأس والكآبة والضعف والأفكار الجبانة، أن أتحرَّرَ من كوني إنساناً، أن أعودَ إلى أصلي الذي لا أعرفه و أتوقُ إليه بكلِّ روحي

أتعرى أحيانا لأنها طريقتي في الهرب من زيف الحياة و الكذب والبكاء لساعات بدون سبب، أتعرَّى وكأني أحرقُ بيتي و أتبرأ من فكرةِ اللجوء والاحتواء.
لو أنى أملكُ حريتي، لجعلت من حياتي القصيرة كل هذه الأرض، وأنا أتبعُ إشاراتِ قلبي الغامضة حتى النفس الأخير...

#سيلفيا_بلاث

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Apr 30, 2019 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

الموت فنّحيث تعيش القصص. اكتشف الآن