06

161 58 35
                                    


سيارات الشرطة ملأت الطريق المقابل لشقة السكرتيرة مارينا، وتلك الأضواء الزرقاء والحمراء الصادرة عنها انعكست على وجه كارلوس التعب من شدة التفكير.

هو متأكد أن أوديت من فعلت ذلك لكن هو لم يجدها هناك، كما أنه لم يجد دليلا ولو صغيرا يؤكد فرضيته.

استقام من على مقدمة السيارة متجها نحو هؤلاء الذين يدفعون السرير الذي تعتليه جثة مارينا ذات البشرة الشاحبة والشفاه المتشققة كما لو كانت في صحراء قاحلة.

هز رأسه بيأس محدقا لجثة هاته الشابة اليافعة، لقد كانت طموحاتها كبيرة ولكنها قد تهدمت وتلاشت بتلاشي روحها عن هذا العالم.

.

-"لقد فعلنا الصواب يا أوديت، هي تستحق كل ما حدث لأنها كشفت أسرارنا يا أوديت"

هذا الصوت الأشبه بفحيح الأفاعي طرق مسامع تلك التي تبكي وترتجف خوفا وهلعا

-"ل-لا أريد رؤية الدماء مجددا أرجوك توقف عن قتل الآخرين ...لا أريد رؤية الدماء لقد تعبت"

صرخت أوديت بقهر و دموعها نهشت من وجنتيها نهشا، تضم ذاتها بذاتها، تضم جسدها المرتجف بيديها اللتان لازالتا ملطختان بدماء صار لونها غامقا مائلا للأسود.

-"لا يا أوديت هل نسيت اتفاقنا الصغير يا أوديت"

أطلق ذاك الصوت قهقهات ساخرة صاخبة، اخترقت مسامع أوديت كالسهام مجبرة إياها على إغلاق أذنيها بقوة مترجية إياه بالتوقف.

-"دعيني أتولى زمام الأمور يا أوديت، ذاك اللون الأحمر القاني أليس جميلا يا أوديت، ألا تريدين رؤيته مرارا وتكرارا يا أوديت؟ ذاك السائل المخملي ألا تريدين تذوقه والسباحة في أعماقه عزيزتي أوديت"

تابع ذاك الصوت بعبارات تمجد القتل وإسالة الدماء بينما الأخرى لازالت تطالبه بالتوقف.

طرق على الباب جعل ذاك الصوت المبحوح يتوقف، وكيان أسود اخترق جسد أوديت لتختفي ملامحها المرتعبة الوجلة، وتتغير إلى أخرى باردة جامدة.

فتحت باب غرفتها ببطء ليظهر لوكاس بملامحه المرهقة، هو لم يعد يتذوق طعما للنوم أو الراحة منذ عاد إلى بلده، موضوع واحد أرهق تفكيره
'تغير أوديت'.

نظر إلى يديها الملطخة بالدماء ليبتسم بسخرية، هو لم يصدم لهذا المنظر فرؤيته لمارينا وسط بركة من الدماء كان مشهدا أكثر رعبا بكثير.

دخل الغرفة تحت نظراتها الباردة ليباغتها بعناق جعل جسدها يتراجع للخلف بسبب فارق القوة والحجم بينهما، اتسعت أعين أوديت وتلاشى البرود عن طلائعها، وكأنما ذاك الكيان الغريب قد اختفى أو غادر جسدها.

ارتجفت شفتاها مندرة ببكائها لترفع يديها وتبادله العناق بقوة ودموعها تنساب بغزارة وكأنها شلالات تتدفق منها خزانات من المياه.

- "لوكاس أرجوك أنقذني ..أنقذني!"

نطقت بصوت مخنوق مشددة على عناقهما كونها تعلم أنه بعد ابتعاده عنها سيعود ذاك الكيان المستبد و يسمح لخيوط سيطرته بالتحكم بها كدمية البروسيلين.

أما لوكاس فقد انعقد لسانه صدمة، افترض أنها قد تدفعه أو حتى تقتله لتلحقه بسابقيه، ولكن آخر ما فكر به أن تبادله عناقه وتبكي على كتفه متوسلة إليه أن ينقذها.

لكن مما سينقذها؟

حاول الابتعاد ليسألها، لكنها تشبتت به أكثر وصوت بكائها يزداد، كذلك شهقاتها الملتهبة، وكأنما إذا فصل هذا العناق سيفصلها عن حريتها.

فشدد على عناقهما، علها فرصة ليحضيا بفرصة تهدأ فيه مشاعرهما المتضاربة، يرتاح فيه فكرهما الصاخب، ويعم السلام أرواحهما التائهة.

لعنة داجيةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن