#الخاتمة
#الجزء_الأول
-" لم أعد أريدك عدنان ...طلقنى !"
لم يستوعب منطقها بعد ...
وبدت الكلمات جوفاء لا تحوى معنى ولا تدخل عقله من الأصل تصطدم بعقله المتحجر فتفر عنه ....
غمغم بصوت حاد لم يستفق بعد من وقع قبلتها اللذيذ :
-" ماذا ؟ ماذا تقولين !"
زفرت فيروز وملامحها المنبسطة تحول لأخرى منقبضة ...صارمة ...وهى تضغط بيدها على يده التى تحيط خصرها لتبعده عنها ....
متأففة ....
متعجرفة ...
وبداخلها رماد الإنتقام يتوهج مجددا ....ورماد شئ أخر ....
شئ لا تعلمه ولكنه يضايقها ....
همست بإقتضاب :
-" طلقنى عدنان ! ...عرفت الأن انك لك زوجة معلقة ....فهل إستخدمت بعض من رجولتك المنعدمة لتحررها من شئ لا تريده !"
كلماتها أذته ....هو له مبرر ومبرر قوى أيضا ...
لم يكن يعرف ..!
هدر بها وهو يقترب خطوة فباتت أنفاسه الحارقة رياح خريف جارفة تزيد رماد عنادها توهجا وإشتعالا لتزايد ....
-" ماذا تقصدين فيروز ! إن كنت تريدين الطلاق لما أتيتى لعرينى بهذا التأنق قاصدة إغرائى ....لما صممتى هذه اللعبة ....اليس لإيقاعى بهواك ...وها أنا على بداية الطريق ....إذا لما تنسحبين من لعبة لست قدرها !"
هى لم تلعب ...لم تكن تريد اللعب معه ....
كانت تريد إيلامه ...تذكيره بخطورة طيشه التى لم يتخلى عنه بعد ....
أن يلقى عهدا بزواج ويلقيه بطيات الماضى غير أبه بروح تعلقت به ..وإنتظرته ....
كيف كانت ستخبره ...
أرادت إخباره وهى قوية ....ليس لتقول له أنا زوجتك فحسب عد لى !
بل أنا زوجتك فإترك سبيلى ...أنا أتخلى عنك !
أدمعت عينيها وهى تتذكر مشاعرها التى تحاول جاهدة تلجيمها ...كى لا تنطلق بوجهه ....
لكنها فشلت وهى تشعر بدموعها تنهمر على وجنتيها ضاربة بإرادتها عرض الحائط !!
أشفق عليها وقلبه الهائج بين ضلوعه ينتفض لأجلها ...
لم يكن يعرف أنه أوجعها ...
أنه بغبائه هذا كان سببا فى بكاء عينيها الجميلتين لأعوام ....
لم يحبها بعد ...ولكنها الشقية نجحت فى التفرد بمكانة خاصة لها بين جوارحه ...لم تكن لتكون لغيرها ...
لأنها واحدة فحسب فيروز .....
زفر يقترب منها خطوة أخرى ولم تكن قادرة على الإبتعاد وقد تبددت كل مقاومتها الأن ...
مسح دموعها بإبهاميه يهدهدها بحنو هامسا :
-" غبى أنا أعلم ....أن أتسبب فى بكائك ...بكاء حورية مثلك أنا أغبى من فى العالم .....
لكنك تحبيننى فيروز ...ولازلت باقية على ...أنا متأكد حتى لو سكنى كرهى قلبك سيظل به جزء ولو صغير خاص بى ...ألا يحق للمخطئ فرصة ثانية ...."
بللت شفتيها بتمهل وعقلها يعود للعمل بعدما هدأت دموعها فهمست بتهدج :
-" وإن نجحت !"
إبتسم وقد ظن أنه أقنعها ...
أنها سهلة المنال !
همس بغنج :
-" تكونين زوجتى لأخر العمر !"
تهكمت وإبتسامة سخرية لا يفهم لها مقصد علت ملامحها الحزينة لتهمس ساخرة :
-" الأولى أم الثانية !"
قطب بين جبينيه وعقله يفهم مقصدها ...ولكنها لم تكن لتعتمد على عقله المتهور فى إستنتاج مقصدها بل همست بها صدريحة :
-" وماذا عن راندا ...زوجتك التى كانت بين أحضانك منذ أيام ..تقبلها ...تصالحها وتطمئنها أنك لن تنجرف لأحد ...وحتى إن فعلت ...هى فى قلبك ....ماذا هل تبخر كلامك ...أم أنك كنت تكذب !"
لم يكن قادرا بعد على الإستيعاب ...كيف تعرف عنه كل هذا ؟
كيف بهذه السهولة ..هذه الشابة اليافعة المتلبسة بتربة قريتها ولم تتحرر منها بعد ....تجذبه من يديه كطفل أبله وتضعه أسفل شلال ماء بارد ...أزال عنه زيفه ....
غروره كرجل ....
كبريائه ....
وحتى مشاعره ....
جردته من كل شئ ...كل شئ لتبقيه أمام حقيقة واحدة ...مهما تقدم بالعمر ...
مهما نجح وحقق من مكاسب ....
سيعود لهذا ال " عدنان " الذى أطلق وعد طائش بالزواج ....
تصر على إيلامه وتذكيره بخطأه ...فهتف مجروحا يدافع عن كرامته الموؤدة :
-" لم أكن أعرف بوجودك حينها فيروز !"
عذر أقبح من ذنب !
رفعت حاجبيها بإستهزاء واضح ...لتهمس مستنكرة :
-" وقد عرفت عدنان من منا ستختار !"
إبتعد عنها خطوة ....كأنه يبتعد عن هوية مستعرة ...ستقحمه بمواجهة مع نفسه ...
مواجهة يكرهها ....
هل حقا يحب راندا هذا الحب الذى يغنيه عن أى أنثى أخرى ؟
هل كافية هى أن تحتل قلبه فلا تترك إنشا لأحد غيرها ؟
أم ...أم أن فيروز نجحت فى دق أول مسمار بنعش علاقة ضعيفة تهرب دوما من ترميمها ....
تعرف راندا كثيرا بنزواته ....يتشاجران ...يصالحها ...
تحبه ...وثمن حبها رضاها بكل ما يفعله ...
تحبه ...فيخطئ ..وماذا يفعل ....يصالحها بطرق جذابة لا يملكها غيره ؟
بل لأنها لا ترى غيره ...
فماذا إن علمت بفيروز ....ستقبل ؟؟
ستتعايش ....
أم أنها القشة التى ستقضم ظهر البعير ....
صمت عقله هذه المرة عاجزا عن إدارة الأمر ....ترك العنان لقلبه ....
فهمس بها :
-" أريدك أنت ! و ...."
أكملت نيابة عنه ...تشفق على حالته المزرية :
-" كما تريدها هى ...كما أردت كل فتاة وقعت بطريقك ....هذا لأنك لا ترحم ...لا تفكر بغير نفسك ...ألم تفكر مرة واحدة كم تألمت راندا بنزواتك المثيرة للحنق ...الإشمئزاز....
كم تألمت حين تراك ترافق أخرى بدلا عنها ....
وترضى وتسامح ...والأن ستجبرها أو تستبدلها ....
لم تخيب ظنى عدنان ....ليتنى لم أقابلك الأن ....فحبيب طفولتى قد تدمر ....
طلقنى عدنان ولا تدعنى أكرهك ..."
كبريائه لا يتحمل كل هذا الهجوم ....
يجب أن يدافع ...
يزأر ...
يصرخ بها ...
أليس خير وسائل الدفاع ..الهجوم ...
قبض على عضدها صارخا :
-" من ولاك قاضيا بهذه الحكمة لتحكمى من أنا ؟ وبماذا أشعر ؟؟
أنت غبنة البارحة ...تجرأت كثيرا ...ولماذا لا أحاسبك أيضا سيدة فيروز ...."
كان يؤلمها بقوة ولكنها إبتلعت هذا الألم بصمود ...وحالته شجاعة وهى تهمس بصوت حاد "
-" لن تفعل ...لأنك ستدرك حينها كم أنك أحمق ...فلا تؤلم نفسه على شئ لن يجدى !"
نفضت يده عنها وهى تزفر بضيق وألم وتبتعد عن أفقه مجددا هاتفة بحدة :
-" إنتهى الأمر ...أنت عرفت الأن ....حررنى وعد لحياتك عدنان ....."
أنفاسه مضطربة متحشرجة ....كأنه بصراع لا ينتهى ...ولن يفعل ...فلتوه إبتدأ ....هدر بظهرها بعد أن إستدارت كى تغادر :
-" لن أفعل فيروز ...على الأقل ليس قبل أن أحاول !"
لم تلتفت له وهى تهتف ببرود :
-" واضح أنك تهوى الفشل !! بالتوفيق ..."
لوحت بيديها وداع متهكم وهى تختفى من أمام ناظريه تاركة إياه عاجز عن أى شئ ...حتى عن التفكير ....فإرتمى أمام البحر يستمد منه سعة وصبر كى يستوعب بعد ماذا حدث !!!
_____________________________________________
فى اليوم التالى
بالشركة
تأخر عدنان فى المجئ ...وكانت جالسة على مكتبها منذ الصباح ...لا تعلم لماذا أتت ؟
ألم تنتهى الحكاية ؟
كيف تنتهى ولازلت معلقة على ذمته ....
زفرت وهى تلتقط قلما لترسم أى شئ يخرج توترها على الورق ....
وحلت رباط شعرها لتركه يتدلى على أحد جانبيها كانت جذابة بشكل ساحر ....
لا تدرى أن أحدهما يراقبها بهيام جديد عليه .....إنه قصى ....يتأمل ملامحها البريئة وأهتمامها بما تفعل يجعل عينيها تضيق كخليج لبحر أزرق صاف ....جذابة بحق ...تفتك بمشاعره وقلبه متربعة عليهما منذ أول لحظة رأها بها وهو يراقبها ....
وحينها فقط ألح عليه أمرا تأجل لسنوات ....أن يختار شريكة دربه التى ستكمل معه رحلته بهذه الحياة ...
رأها فتجدد إيمانه بالجمال ..
بالقوة ....
بالدفء ....
بالحنان ...وبكل شئ !!
أراد أن يقترب منها ولكنها غامضة ....ففكر من من الممكن أن يفيده فى أمر كهذا !
السيد عدنان ....متعدد العلاقات وله خبرة واسعة ....
لم يأت بعد فإنتهزها حجة أن يحادثها قليلا ....
إقترب منها يصفر برقة لحن شهير ...أجفلها وفزعت قليلا لتراه يدندن وملامحه تتراقص على لحنه ...إبتسمت وهى تسأله بحدة خفيفة :
-" أنت أيها المتسكع ...مجددا ....ماذا تريد !"
إبتسم بصدق وهو ينهى لحنه بصفيرة إعجاب هامسا برقة هائمة :
-" أريدك أنت !"
رفعت حاجبها ...أجفلتها جرأته ...ولا تنكر أنها أعجبتها ....
همست بتلاعب :
-" لكننى صعبة المنال !"
همس يلاعب حاجبيه بمرح :
-" وأنا قادر على الإحتمال !"
ضحكت وهى تهتف مصفقة بمرح :
-" قافية مميزة وجميلة !"
-" حتما ليست أجمل منك !!"
توردت خجلا وإحمرت وجنتيها ...ولم تدرك أن أحدهما إحمر من الغضب وهو يراقب عصفورى الهوى أمامه ....تنحنح بضيق وهو يهدر :
-" قصى ...ما أتى بك لإدراتنا ...."
إبتسم قصى برقة وهو يرقب فيروز والحرج يغلقها كحلوى شهية ليهمس لعدنان صديقه :
-" إدارتنا مملة للغاية ...فجئت أبحث عن المرح !"
هدر عدنان بحدة :
-" لسنا بالملاهى هنا !! ماذا تريد "
كانت نظرات عدنان لها حارقة تكاد توديها صريعة ....شئ ما بداخلها سعيد بهذا ..
وشئ ما أكبر وأعم لديها يؤنبها على تماديها السخيف بهذه اللعبة !
همس قصى فى أذن عدنان يقترب منه :
-" أريدك بأمر هام ...حياة أو موت !!"
نظر له عدنان شذرا وهو يهمس بتعالى :
فى إستراحة الغداء !!"
أومأ قصى راسه إيجابا وهو يتحرك نحو عمله بعد أن أومأ ىأسه برقة يحيها ...فحيته ...وأحرقت جوف عدنان غيرة !!!
إقترب منها هامسا بزمجرة مخيفة :
أنتِ زوجتى فيروز ...لا يحق لك التسامر مع رجل غريب هكذا ؟!"
هتف بها عدنان غضبا وعيناه تبث شرا يكاد يفتك بها
-" أنت تعيش فى وهم !"
همست وهى تحاول تحرير يدها من قبضته لتتراجع خطوتين للخلف ...
-" إذا ما الذى أتى بكِ إلىّ ....أليس لإثبات هذا الوهم !"
قبض على عضديها بكفيه وهو يحاصرها بينه وبين الحائط يجبرها على الإعتراف بما يثأر لكرامته ولكنها أبت أن تستجيب ...
-" بل لكى أتحرر من هذا الوهم عدنان !"
دخل غرفته وهو يصفق الباب كالرعد وردودها قاتلة ...تقتل أى فرصة له أو أمل ! لكنه سينجح حتما !
_________________________________________
فى إستراحة الغداء ....بينما وقف عدنان فى أحد أروقة الشركة يتناقش مع قصى فيما أراد ...
كانت تراقبهما ...وحدسها الأنثوى يخبرها أن عدنان يشتعل ...والأدق وجهه الأحمر وعروقه المنتفضة من تفعل .....
تحركت لماينة القهوة كى تعد لها كوبا قبل أن تسمع صوت عدنان يدوى فى ارجاء الطابق بأكمله هاتفا :
-" هل جننت ! هل جئت تطلب يد زوجتى ...وماذا بعد هل أحملها بفستان عرسها وأوصلها لك ؟!"
هدر بها عدنان يقبض على مقدمة ملابسه لقصى يكاد يمزقها ويلكمه ف وجهه حتى سمع فرقه عظام رقبته من العنف ....
حاول قصى التحرر من قبضته ولكن عدنان كان أشبه بثور إسبانى فاقد السيطرة متحرر من قيوده ...
يفتك بأى شئ أمامه !
لم يوقفه سوى شئ واحد ....
صراخها المذعور لامس قلبه فترك قصى وهو يراها تركض لتفك هذا الإشتباك مولية إهتماما بقصى تاركة إياه يشتعل دون أدنى أمل فى الحنو عليه وتهدئته !!
-" قصى هل أنت بخير !؟"
قالتها وإلتفتت له ليس لتواسيه بل لتزجره :
-" أنت ماذا تفعل أيها المجنون !! هل تريد له أن يقاضيك !!"
لم يدرك شئ سوى أنه يقبض على عضدها بقوة يكاد يهشمه بل يفريه وهو يهمس بفحيح سام :
-" وهل تهتمين به لتثيرين غيرتى !!! لا تتأملى هى خطة فاشلة !"
نفضت يده عنها بقوة أردعته وهى تنحنى مجددا لترى جرح قصى ...المتأرجح بين الوعى وغيابه !!
أنهضها بعنف وهو يسحبها خلفه بقوة فصرخت متألمة من فعلته لكنه لم يتوقف بل زادت سرعته ...
ليتوقف فجأة ساحبا إياها أمامه كادت تتعثر بل بالفعل تعثرت ولكنه أدركها هاتفا ...
-" تعقلى فيروز ولا تثيرى غضبى !"
هتفت بحنق بارد :
-" ولماذا أفعل !!؟ وبأى شئ تهمنى لأفعل عدنان !"
تنفس الصعداء وهو يحاول التحكم بغضبه ...ليهدأ ...
وهو يهتف بصوت منخفض حاد :
-" أعلم أنك مجروحة وتحاولين أخذ حقك ...ولكن أنا أطلب منك مجرد فرصة ثانية !
لأعوضك ما حدث !"
زفرت فيروز وهى تحاول كتم دموعها التى تجمعت بمقلتيها لتهمس :
-" أنت لا تريد فيروز عدنان ...
لا تريد تعويضها ....
أنت تريد شئ واحد ...
تريد إرضاء غرورك بإخضاعها صريعة هواك !!"
قالتها وهى تأخذ حقيبتها لتنسحب ...والأحرى تحرز خطوة أخيرة نحو هدفها ....
أجرت مكالمة تليفونية سريعة وتحركت لمقاها المفضل ....
بعدها بدقائق وصلت ضيفتها إنها راندا ...زوجة عدنان !
همست فيروز وهى ترحب بها بصدق :
-" خفت ألا تأتين !"
أجابت راندا بحذر والقلق يفترس مشاعرها :
-" دفعنى الفضول لأعرف ماذا تريد مساعدة عدنان منى !"
إبتسمت فيروز بتهكم وهى تهمس ببرود :
-" لست مساعدته ....أنا زوجته لعدنان ...زوجته الأولى "
إنقبضت ملامح راندا وإزدادت سواد وهى تستمع لما تتفوه به فيروز ...فأكملت عليها فيروز الأمر لتبدو الحقيقة واضحة :
-" أنا من إتصلت بك منذ أيام تخبرك بأن زوجك يتقرب من مساعدته ..."
صرخت راندا بغير فهم :
-" هل جننتى ؟ أنت حتما جننتى ...هذا الذى تتفوهين به مستحيل ...."
ظلت فيروز محتفظة برباطة جأشها ....تراقب صدمة راندا وترددها ...لتهمس بمكر :
-" لماذا ؟ أنا أراه أحق بالتصديق ...فعدنان من هذا النوع وينتظر منه أكثر ..."
هدرت راندا تقاطعها وهى تنهض بعنف مانعة إياها من التكملة :
-" أنت حتما من النوع المخادع ....لن أسمع لمزيد من التفاهات ....عدنان مهما كان لديه من خصال فهو صريح ويعترف لى بكل ما يفعل ...."
إبتسمت فيروز بسخرية وهى تهمس :
-" لكنه لن يفعل هذه المرة ....راندا أنا لست هنا لتهديد علاقتك به ...ولست هنا لأننى أطمع بعدنان ....أنا هنا لأجلك ....
ارجوك إهدئى وأجلسى "
لم تستجب راندا فى البداية وقد بدت عاجزة عن فعل ذلك ....ولكن نهوض فيروز وإحتضانها ليدها شعرت بها تنتفض من الداخل حتى وإن كانت تغالب ...راقبتها فيروز فوجدت ملامحها تنقبض وعيونها تدمع ....رفعت فيروز يدها لتربت على كتف فيروز ...وهى تهمس :
-" صدقينى أنا لست ضدك ...أنا هنا لنصيحتك !"
حاولت راندا الهدوء كى تسمع منها وتعرف ما مصيبة عدنان الجديدة .....
جلست راندا وجاورتها فيروز لتبتدأ الحديث هامسة :
-" أنا سأقص لك الحكاية ...."
شرعت فيروز فى قص ما حدث !
سبب مجيئها ...
وماذا تفعل هنا !
ظلت راندا مشودهة مما تسمع ....عدنان متهور نعم ...
طائش ف كثير من الأحيان .....
لكنها تحبه ...تحبه وهذا ما يجعلها تسامحه ....
هذا الغبى الأحمق هو حبها الوحيد !!
همست راندا بعدما إنتهت فيروز من قصتها :
-" لم أتقع يوما أن يصل تهور عدنان لهذا الحد ....ولكنه أيضا مظلوم ...لم يكن يعرف ...وربما الموضوع لم يكن لديه بهذا الإهتمام ,..."
غاظتها ....أن تكون بهذا الخنوع ...والرضا بشئ لا يصح ....
وهل للخيانة مبرر ...حتى وإن كانت بنظرة ...
تودد ...
نزهة ...
عشاء .....
فهى فى بداية الأمر وأخره خيانة ...
ظنت أنها بإنتقامها تظلم راندا ولكنها لم تحسب أن راندا هى التى تظلم نفسها بضعفها ...خنوعها ...تبريرها غبائها تحت منطلق الحب !!!
تأففت فيروز هاتفة :
-" هل هذا ما لفت إنتباهك فى الأمر ...أنه مظلوم ...وأنه لم يخفى عليك ....تودد لى حتى قبل أن يعرف ...أنه يصر الأن على ضمى لعمصته بإرادتى أو دونها !"
صدمتها الجملة الأخيرة ....
أن يكون عدنان حقا مستعد للتمسك بفيوز ...أن تكون زوجته هذه المرة بحق وبإرادته الحرة ....أحقا يريدها لفيروز ...
وماذا عنها ..
ماذا ستكون مكانتها ...الم تعد الوحيدة بقلبه ....
شعرت راندا بالإختناق ونجحت فى تحرير دموعها ....بل إنبثقت بشدة وهى تشهق بقوة ....علمت فيروز كم ألمتها ولكنها يجب أن تتوجع كى تتعلم ...كى تفهم ...
-" راندا ..عدنان لا يلاحقنى لأنه يحبنى ....بل لأنه يريدنى ...بأى ثمن ...فقط ليثبت لنفسه أنه مرغوب من الجميع ...وماذا لو أكن أنا ...كان سيدفع أى شئ ليرضى غروره ...وماذا إن كنتى أنت الثمن ...هل سترضين ؟؟"
كان كلامها حقيقة ...كله حقيقة كوتها فى أعمق نقطة من جرحها لتصرخ دون أن يسمعها أحد ...
كل ما قالته فيروز كان بداخلها ...ليس وليد اللجظة بل بداخلها منذ زمن ...ولكنها لم تكن قادرة على البوح به !
ليس خنوعا ولكنه ضعف ...ضعف غذاه الحب لينتهك كرامتها دون حساب ...
_________________________
لم تستغرق راندا وقتا طويلا فى الوصول لمكتب عدنان ...لم تطرق الباب ....ولم تنتظر إذنه ..
بل إقتحمت الباب بقوة ...وهى تصرخ :
-" عدنان ....طلقنى !"
فزع عدنان من هيئتها الممزرية وهى تدخل بهذا العنف تبكى ...كمن ترملت لتوها ...تصرخ بما لم يتوقع أن يسمعه أبدا :
-" هل جننتى راندا ...ماذا حدث ؟"
صرخت وهى تلقى حقيبتها على المقعد وتمسح وجهها :
-" بل تعقلت ....لم أعد أتحمل ...فى كل مرة أسامحك بها أنا أخسر نفسى عدنان ....أخسر جزء من أنوثتى ...
هى ليست كما تقول ليس طيش ...هى خيانة عدنان ....
نظرتك لأخرى خيانة لى ...لأنوثتى ...لحبى لك ...ليس شرط أن تكون علاقة كاملة أو حتى قبلة عابرة ...مجرد تفكريك بأخرى يعنى أننى لا أكفيك ..."
صدمته ....بل جردته من زيف كلماته ...وبقى عاجزا أن يحتويها ويفهمها ...بل عاجزا حتى عن إستيعاب إلى أى مدى جرحها ....
دموعها ...إنكسارها ....جعله يشعر بالإختناق ويدرك ...يدرك لأول مرة ....أنه يحبها لراندا ...هى الوحيدة التى يحبها ...
جعلته يعترف أنه لا يريد سواها ....وأن ما فيروز سوى رغبة ...رغبة فى إثبات نفسه أمامها لا أكثر ....
لكنها راندا ...رفيقة دربه ونجاحه ...
العناق الذى لطالما إحتواه ...
اليد الحنون التى ساعدته لينهض كلما سقط ...
كيف خيل له للحظة أنه قادر على التخلى عنها ...
لم يشعر هذه المرة برغبته فى تقبيلها لإسكاتها ....بل يريد إحتضانها لطمأنتها ....لإحتوائها هى هذه المرة ...
نهض ...قطع المسافة بينهما فى لمح البصر وجذبها لعناقه ....حاولت التمنع لكنه نجح فى ضمها لتزداد بكاء ..
همس فى أذنها :
-" أنا أسف !! "
همست بضيق من بين شهقاتها مجروحة :
-" ولكنك إخترتها هى !"
كان ظنه بمحله ...فيروز أخبرتها بكل شئ ...تنامى غضب عارم بداخله لكن رغبته فى إحتواء راندا جعلته يتحكم بها ...وهو يربت على ظهرها هامسا بتأكيد :
-" لم اكن سافعل ....ابدا راندا ...أنت من بقلبى ....ولم تكن رغبتى بها سوى عناد ...."
كادت تجيب ولكنهما سمعها أزيز الباب يفتح ....إبتعدت عنه بضيق وراقبت وجهه يحمر من الغضب ....إنها فيروز ...
تقف أمامه ...بوجه مبتسم بوقار ....كان سيفوه بالكثير ...لكنها ألجمته بكلمات صادقة :
-" لا داعى لعجرفتك ...ولا لغضبك ...أنا سأرحل عدنان ....وأنت يجب أن تحررنى الأن !"
إبتعد عدنان عن راندا بينما لازال يحتضن يدها وهى يخاطبها بلهجة غريبة تراها منه لأول مرة :
-" هل هذا يعتبر ثنى لذراعى فيروز !"
سخرت بإبتسامة متهكمة وهى لازالت محتفظة برباطة جأشها :
-" بلى عدنان ...هى رغبة منى فى حياة سعيدة بينكما ....رغبة منى فى عدم ظلم لقلب يحبك بشدة ...
رغبة منى بألا أنساق خلف وهم ....
ألا أظلمك معى ....
هى خطوة كان يجب أن يفعلها ...ولكن الأن دورك ....أن تكمل معها وتحترمها أم لا هذا على عاتقك ...أما أنا لم أعد اريد الوجود فى محيطك ...."
صرخ بها :
-" إذا لماذا جئتى ؟"
لم تتحمل صراخه هذه المرة وهمست بوهن وقد تلألأت دموعها فى عينيها :
-" لأننى أستحق أن أخوض علاقة أكون بها طرف حيا عدنان وليست مطوية فى ذكرى شخص لا يريدها أصلا بعقله ...طلقنى الأن ..."
نظرة راندا له وتوسل فيروز وكل هذه الضغوط على عقله جعله يزفر بها :
-" أنت طالق فيروز !! أنت طالق "
زفر مجددا وهو يهمس يصالحها :
-" أنا اسف على وجع لم أقصد إيلامك به ....سأنهى كل المعاملات وستحصلين على حقوقك كاملة ...."
إبتسمت وهى تتنفس بحرية تراقب راندا وقد تهلل وجهها فإقتربت منها لتحتضنها بود وهى تهمس :
-" كونى قوية ...وإن كان لك فعلميه كيف لا يصبح لغيرك ....كونى متملكة فى حبك له ...وإن إحتاجتى شئ أنا هنا !"
نظرت لعدنان نظرة أخيرة بينما إبتسمت بحزن وهى تستدير لترحل وتغلق مع رحيلها هذه الصفحة للأبد ....
نظرت راندا لعدنان بلوم وهى تهتف مؤنبة :
-" لا تظن أننى سامحتك ....أمامك الكثير من المهم لأفعل أولها أن لا مساعدات مجددا ....ثانيها أن تقسم على ذلك ..."
إبتسم عدنان وهو يعلم أن فيروز رحلت ولكنها تركت جزء حى منها داخل راندا ...
جزء سيذكره دوما بها ...وبحكاية أغرب من الخيال جمعتهما ....
بينما أخذت فيرووز حاجيتها وهمت بالرحيل ...
تقف أسفل بناية عملها راضية عما فعلت ...متيقنة أنها نصيب جميل ستعيشه حتما ...
ولم تدرك أبدا أن يكون هذا النصيب ...يقف هناك بعربته ...بوجه منتثرة عليه الكدمات ...ينتظرها وبعينه شغف ...يريد أن يعرف ...ويفهم ...ويريد أكثر أن يحب ....
إبتسمت له وهو يعرض عليها الصعود لسيارته ....وأومأت برضا وهى تخطو أول خطواتها نحو نصيبها الجديد ....قصى !!!
_______
تمت بحمد الله <3
قد لا نتفق على النهاية ولكننا نؤمن أنها الأصوب ...
فيروز ستظل كما هى ...أنانية فى حبها ...وتملكها لمن تحب وتفردها فى قلبه ....خير ما فى الأمر أنها فعلت ما أملته عليها إرادتها ...
فلو تعلمت كلا منا كيف تكون فيروز فى حقها ...لن يكون لدينا رجال متجبرين ولا نسوة مقهورات ....
شكرا جزيلا على تحملكم إياى ورحابة صدوركم لما كتبت فى قصتى الصغيرة هذه
دمتم بود وخير <3
—
أنت تقرأ
زوجة مع وقف التنفيذ 💕
Romanceثمانية مشاهد مجتمعة فى قصة قصيرة تحكى حدث غريب ... عدنان تزوج ولا يتذكر زوجته فيروز ! كيف لنرى ؟!