قصة قصيرة
( حب في زمن النهوه )
علاء الموسوي
في صبيحة يوم جميل ركب سيارته الحمراء متوجها الى عمله
يعمل (سمير) استاذا جامعيا انهى للتو دراسة الدكتوراه وكان شابا متميزا وانيقا
دخل القاعة الدراسية وكان اول دخوله واول محاضرة له في هذه الجامعة ..
القى التحية على الطلبة وهنأهم بعامهم الدراسي الجديد وبدأ بالحديث عن طريقته بالتدريس وطلب التعريف بأنفسهم ..
اثناء ذلك طُرقت الباب فالتفت فوجد حورية تقف على الباب فتاة غاية في الجمال عيناها واسعتان ابتسامتها اذهبت عقله ...
نظر اليها وقال لها هل انت طالبة هنا؟
قالت نعم استاذ تأخرت بسبب زحام الطريق
كانت كلماتها وصوتها كمقطوعة موسيقية تعزف ..
قال لها تفضلي لكن لا تتأخري بعد الان ..
مضى الوقت وانتهت المحاضرة وهو لم يشعر بها لان احساسا غريبا تملكه كلما نظر الى تلك الطالبة التي جلست في منتصف القاعة ...
رجع الى البيت واستلقى على سريره واخذ يفكر بها كثيرا وهو يستمع الى معزوفة ضوء القمر لبتهوفن ..
مضى يومان حتى موعد محاضرته التالية من نفس الاسبوع ...
ارتدى سمير بزة انيقة ورباط عنق وكان قد اعتنى بمظهره جيدا وكانه مستعد لموعد غرامي وهو يستمع الى اغنية من اغاني فيروز ..
دخل قاعة المحاضرة ومن دخوله باب القاعة وقعت عيناه على الطالبة الجميلة التي لم يتعرف على اسمها بعد ،
كانت تجلس بالصف الاول من المقاعد
وبابتسامته الهادئة القى التحية عليهم ...
وشرع بإعطاء محاضرته التي احبها الطلبة لطريقة الرائعة بإيصال المادة فكان يشرح لهم المادة بطريقة يسيرة وممتعة مما جعل الطلبة ينجذبون اليه ويحبونه ..
وبعد انتهاء المحاضرة فتح باب النقاش والاسئلة ، وكانت متميزة في طرح الاسئلة والنقاش مما زاد في اعجابه لها .
فقال بعد الاجابة على الاسئلة ايها الاعزاء سأراكم الاسبوع المقبل اريدكم ان تحضروا للمحاضرة القادمة واي شيء تحتاجونه انا متواجد دوما على صفحة التواصل الاجتماعي فيس بوك شكرا لكم والى اللقاء ..
قال هذا وخرج وقلبه بقى في القاعة ...
مر يومان وهو يقلب الفيس بوك وكان فكره مشغولا جدا واذا بإشعار بوجود رسالة خاصة ..
وسرعان ما اخذ قلبه يدق بسرعة وكأنه ينتظر هذه الرسالة
فتح الرسالة وجد فيها السلام عليكم استاذ ..
فلم يرد بل ذهب ليتفحص الصفحة علهُ يجد معلومة يتعرف بها على صاحبة الصفحة التي كانت تضع اسما مصطنعا !!
فرد وعليكم السلام
فقالت له عفوا استاذ اردت بعض الاسالة عن المادة ؟
فقال نعم تفضلي واخذت تسال وهو يجيب ولا يعلم من هي ولم يتجرأ ان يسألها ..
بعد ان انتهى واغلق الفيس استلقى على سريره يؤنبه ضميره ،
يقول ما الذي افعله هل معقول اني احببت تلك الفتاة !! لكنها طالبة وانا استاذ !! كيف يحدث هذا !! كلا لا يمكن ان يحصل هذا !!!
ومع بدأ محاضرته في اليوم التالي التي كانت اخر محاضرة في الجدول دخل وحاول ان يبعد نظره عنها بدا عليه الجمود قليلا مما افقده بريق ابتسامته المعهودة التي اعتاد عليها طلبته ،
وبعد ان انهى المحاضرة التي تمنى ولأول مرة ان تنتهي بسرعة وقال للطلبة
تفضلوا لقد انتهت المحاضرة فخرج الطلبة وهو جالس يلملم اوراقه في حقيبته واذا به يسمع صوتا موسيقيا شكرا استاذ على الشرح !!
فرفع رأسه ليجدها امامه وهي تبتسم وقد اندهش لسماعها وقد ارتسمت على وجهه عشرات الاستفهامات والتعجب وقلبه ينبض بسرعة كبيرة فهو لا يعلم على ماذا تشكره !!
هل هي التي بالفيس ؟!! ام تشكره على المحاضرة !! وهو يعلم انه اليوم لم يكن موفقا فيها ..
نظر اليها ولم ينطق بكلمة واكتفى بهز راسه مغادرا القاعة ، تاركا قلبه عندها
خرج وهو يلمحاها بطرف عينيه يراها تتبعه بنظراتها مستغربة من اسلوبه !
كان يريد التحدث اليها لكنه لم يجد الجرأة لذلك ،
كان فرحا بنفس اللحظة لأنه قال في قرارة نفسه انها هي التي حدثتني بالفيس !!!
وعند عودته للبيت ترك كل شيء حتى لم يجد وقتا لان يستبدل ملابسه حتى .
ذهب للفيس بوك وفتح حاسبته ليجد رسالة معلقة منذ الصباح من الطالبة التي حدثته التي لا يعلم هل هي من يفكر بها ام غيرها ؟؟
فرد مساء النور !!
وانتظر وسرعان ما جاءت الاجابة
استاذ انا اسفة يبدو اني احرجتك اليوم
فقال لها كلا لكني تفاجأت لم اكن متوقعا ان تكون هذه هي صفحتك هذا كل ما في الامر !
فقالت اسفة لقد اخذت من وقتك ..
فحاول بطريقته اللطيفة ان يتجاذب معها اطراف الحديث وكان حديثا جانبيا للتعارف فقط
ويوما بعد يوم تطورت العلاقة بينهما من علاقة استاذ وطالبة الى صداقة وكانت هي ذات ثقافة عالية وادب وخلق وجمال اجتمعت فيها صفات كثيرة ..
فذات يوم قال لها ألسنا اصدقاء ؟
قالت نعم !!
قال لها لا اريد ان تناديني بأستاذ ناديني باسمي فقط !
فقالت كلا غير ممكن !!
لكنها وافقت بعد الحاح شديد ،
وصار الحديث اكثر متعة بعد ما رفعت الكلفة بينهما ..
واخذت تناديه صباح الخير سمير
فيجيبها صباح الخير عزيزتي صبا
ومرت الايام وهما يتبادلان النظرات في القاعة ويتبادلان الحديث في الفيس
واشتد الاعجاب بينهما الى ان قرر ان يصارحها بحبه وطلب يدها للزواج !!
لكنها تفاجأت بطلبه وقد ابدت اعجابها به وحبها له !
وطلبت ان يمهلها يومين !
وقبل انتهت المهلة بعثت له برسالة
قالت فيها لا استطيع الزواج منك !!
فنزلت عليه كالصاعقة !!
لكن لماذا ؟ قالها لها والالم يعتصر قلبه ما السبب ؟؟
قالت لا يوجد احد في قلبي غيرك ، لكني لست مؤهلة بعد للزواج !! اني اريد ان اكمل دراستي
وقالت انا صغيرة اريد اتخرج وبعدها افكر بالزواج
والح عليها كثيرا لمعرفة سر رفضها المفاجئ ، لكنها تتحجج بان اهلها لا يوافقون وان ابن عمها يريدها واخذت تسرد الاعذار له وهو لا يرى اي عذر مقنع لرفضه !!!
فحزن كثيرا لسماع هذا الكلام
وقال لها لماذا تقربتي مني لماذا جعلتني احبك ؟
فقالت لا اعلم ما كان يجدر بنا ان نمضي بهذا الحب !
فجالت برأسه الافكار هل بسبب العمر ؟ هل كانت تريد التقرب لأجل المادة ؟ هل تحب احدا من زملائها ؟...
اخذ الالم والحزن منه مأخذ مما بدا واضحا جليا على وجه وعلى طريقته بإلقاء المحاضرة ، لم يعد يبتسم لم يعد يسمح للنقاش لم يعد ينتظر حتى يخرج الطلبة فيخرج هو
بل كان ينهي المحاضرة بسرعة ويخرج دونما كلمة ...
وكان كلما دخل قاعة المحاضرة وجدها امامه ! وهو يزداد الما ويراها تتألم ايضا لحاله .
لم يعد بينهما تواصل حتى بالفيس ،
فتح الفيس بوك ذات يوم الذي بدأ يراه مملا جدا ،
واذا برسالة منها تقول ما بك لماذا هذا الحزن هل هذا بسبي انا قررت ان اؤجل هذا العام لان اهلي سيزوجونني !!!!
حاول ارسال رسالة لكنها لم تصل يبدو انها عملت له حضر !!
ذهب في اليوم التالي الى الكلية لملاقاتها فلم يجدها يبدوا انها فعلا اجلت الدراسة هذا العام
رجع حزينا منكسرا فقرر وبخطوة شجاعة ان يذهب لبيتها خاطبا اياها من اهلها !!
وعند وصوله لباب بيتها وجد الكثير من سيارات البيك آب والشباب الذين بدا عليهم انهم من الارياف متجمعين وهم يحملون السلاح ويطلقون العيارات النارية بالهواء
فسال ما الخبر فقالوا خطبة !!
فعرف انها خُطبت كما قالت هي ... وهكذا بقيت اماله معلقة وقلبه محطم وهو لا يصدق انها ذهبت من بين يديه !!!
فخرج رجلا قصير القامة كبيرا بالعمر والجميع يهنأه ويباركون له !!
فقال هل هذا والد العريس ؟؟ فأجابه شخص كلا انه العريس هذا ابن عم العروس !!
فكان بداخله سؤال لماذا فضلته علي ؟ هل تحبه فعلا ؟
وبعد مرور عام كامل
كان سمير يريد الخروج من باب عمادة الكلية ،
التقى بامرأة ترتدي عباءة رأس والتعب واضح عليها عند مروره من الباب ، لم يهتم لامرها ،
لكنه ادرك صوتا موسيقيا خافتا يناديه سمير !!
وقف هنيئة قبل ان يلتفت اليها
فقال لها صبا ؟! قالت نعم
عرف بعد فوات الاوان انها ارغمت على الزواج من ابن عمها ولم تخبره خوفا عليه لانهم ينهون كل من يتقدم لخطبتها
وهكذا انتهت قصة حبه بين طالبة واستاذها بسبب !!!!