مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمه الله و بركاته ...
اما بعد ...
الكتابة هي الشيء الوحيد الذي يبقى طول الحياة و لهذا علينا ان نترك أثراً جميلاً في الحياة ، أنا لستُ إنسانه تصنعُ المعجزات و لستُ شخصية غنية لديها الملايين ، أنا فقط ولدتُ و في يدي اخطر سلاح الا وهو القلم ..
___________________________________
حفيدة جدتيتحت أقدام جدتي جلستُ انا ، و على ظهرها الكبير تنام العصافير ، جدتي هي حصني المنيع وهي ملاذي في وقت الأزمات ، جدتي هي و ستبقى اعظم إنسانه عرفها قلبي او بالأخص هي من عرفتني ، تجلسني تحت أقدامها و تلعب بأنامل شعري، فمرة ً تحكي لي قصة الامير الشجاع و مرة تحكي لي قصة الثعلب و الأرنب ، وتارة ً تضمني في حضنها و تارةً تصرخ علي " انتي فتاة مشاغبة كأمكِ" ، رغم انها لم ترى امي يوماً فقد تركتني لديها ورحلت .
كالسور هكذا كانت جدتي ، لا تتأثر مهما طال الزمن لكنها تبقى الشيء الوحيد الذي يحميني ويسند ظهري ، لم أرها يوما تضحك لم أرها يوماً تبكي ، في صغري كنت أظنها لا تتأثر بشيء و ذات شخصيةٍ قوية لا إحساس لها ، و لكني عندما كبرت وجدتها كالطين او الوردة سريعة التأثر و البكاء و كانت في صغري تخفي دموعها عني ، و لم اسألها يوما لماذا ؟ ،و لم اشعر بالحزن اكثر إلا عندما سقط سوري، سقط حصني المنيع أغلق عينيه و لم يفتحها ، عرفت حينها ان سُورِي قد انهار و ظهري قد سقط .
كبرت انا و بلغت السابع عشر من عمري و في يوم تخرجي أغمضت عيني و بكيت ليس لأني فرحة وليس لأني حزينة بل لأن اكثر إنسانة كانت تنتظر هذا اليوم قد رحلت ، استلمت شهادتي و تخيلت جدتي تجلس بين الوجوة وتبتسم لي تخيلتها تحمل الزهور و تقدمها لي و تخبرني أني كبرت و تحضني و تبكي ، دخلت العشرين من عمري و في يوم زفافي لبست الفستان الأبيض الذي اخبرتي عنه جدتي في قصة الأميرة الحسناء ، في صغري كانت جدتي دوما تخبرني أن لا احد سيتزوجني لأني فتاة مشاغبة و فوضوية لكني كنتُ أعلم انها كانت تدعي لي في صلاتها برجلٍ صالح .
ولدتُ طفلي الاول و جدتي لم تكن بجنبي ، لم تحمل صغيري و لم تقبل قدمية و لم تخبره انه سيكبر يوما ليصبح رجل صالح ، رحلت جدتي ولم تخبرني عن الموت يوما ، لو تخبرني اني سأكبر يوما ، ولم تخبرني اني سوف أواجه اشياء صعبة في حياتي .
أين انتي يا جدتي ؟ ، اي حصني المنيع ؟ تعالي يا جدتي و اخبرني اني اجمل طفلة رأتها عينيكِ ، تعالي و اخبرني عن قصة الأسد و النمر و الفراشة ، تعالي يا جدتي احضنيني لكي أنام في حضنك، تعالي يا جدتي و اخبرني كم انا جميلة بالفستان الأبيض ، أين انتي يا جدتي ؟فلا سواكِ اليوم يحميني ، و لا مكان لي لكي اهرب سواكِ، جدتي انتي من قلتي أنه مهما حدث لن تركيني، تعالي و اجلسني تحت قدميكِ والعبي بأنامل شعري ، حفيدتكِ قد كبرت و اصبح اسمها اليوم تتناقله الجرائد و المحطات ، جدتي حفيدتكِ تحن إلى صوتكِ الى حضنكِ و إلى قلبكِ ، قولي لي ان أغمض عيني وافتحها لاراكِ بجنبي ، سأظل يا جدتي أنام تحت قدميكِ .