الجزء الخامس والسبعون: سامحيني

598 19 0
                                    

بعد يومين
اتصل مدحت بنور
"بابا ازيك عامل ايه؟ عرفت حاجة عنه؟"
"ايوة علشان كدة انا باتصل بيك"
"نعم؟ عرفت هو فين؟"
"لا لكن د/ راسل اتصل بي النهاردة"
"قالك ايه؟"
"قال لي ان رأفت اتصل بيه وبعت له تقاريره وطلب منه يشوف حل لرعشة ايده"
"بجد أر كيه بيدور على علاج"
"ايوة رأفت راجع لنا تاني"
"د/ راسل قال له ايه؟"
"قال له انه محتاج لجراحة بسيطة كل حاجة هتبقى تمام"
"بجد يا بابا انا فرحانة قوي علشانه"
"عارف علشان كدة اتصلت بيك اول لما خلصت مكالمة مع د/ راسل"
"شكرا يا بابا"
"العفو يا حبيبتي"
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بعد ساعتين
"هتوحشنا يا حازم. ما تقعد معنا شوية كمان"
"انت عارفة يا طنط اني بقالي شهر دلوقت سايب شغلي مش هينفع اقعد اكتر من كدة هتوحشوني كلكم لو احتجتم أي حاجة اتصلوا بي على طول"
"اكيد انت كمان اتصل بينا"
"حاضر خدي بالك من نفسك ومن نور"
"حاضر ما تقلقش"
تدخلت نور في نقاشهم
"انت خد بالك من نفسك يا حازم وحاول تفكر في الكلام اللي قولته لك"
"حاضر اكيد هافكر فيه"
"ابقى تعالى زورنا حتى لو مرة في السنة لكن ما تنسناش خالص كدة"
"حاضر يا طنط اكيد هاجي ازوركم" ثم نظر لنور وقال "انا عمري ما اقدر انساكم حتى لو حاولت"
ثم استطرد
"انا لازم امشي دلوقت والا هاتاخر على الطيارة"
"ماشي خد بالك من نفسك"
اتجه حازم للباب وفتحه ليتركهم. عندما فتح الباب وقف لعدة ثواني ينظر لرجل على عتبة المنزل. نجوان لاحظته وسألته
"في ايه يا حازم؟"
"د/ كامل؟"
صدمت نور لما سمعت وسألت
"نعم؟"
فأجابها حازم
"د/ رأفت كامل هنا"
تنحى حازم ليترك مساحة لأر كيه يدخل المنزل
"اهلا د/ كامل اتفضل"
دخل ار كيه واتجه لحماته
"ماما ازيك؟"
"رأفت؟ انت وحشتنا قوي. انت عامل ايه يا ابني؟"
حضنها أر كيه وانحنى ليقبل يديها
"انتم كمان وحشتوني"
بكت نجوان بين ذراعي أر كيه وهو أيضا بكى
"اهلا بيك يا ابني"
قاطعهما حازم
"انا هامشي دلوقت"
"ماشي يا ابني خد بالك من نفسك واتصل بينا لما توصل"
"انا سعيد اني شوفتك هنا يا د/ رأفت خد بالك من نور"
"حاضر"
غادر حازم المنزل
"ارجوك سامحيني يا امي انا اسف خالص انا كنت وقح معك ارجوك سامحيني"
"انت بتناديني ماما وبتطلب مني اسامحك. انت مش عارف ان الام عمرها ما تزعل من ابنها. انت ابني قبل ما تكون زوج بنتي. انا ما اقدرش ازعل منك ابدا"
حضنها أر كيه وبكى بحرقة بين ذراعيها
"شكرا يا ماما انا بجد اسف"
مسحت نجوان دموعه باصابعها وابتسمت له
"ولا يهمك يا ابني اهدى"
نظر أر كيه لزوجته التي كانت واقفة مذهولة. لم تصدق ان زوجها عاد إليها. فقد مر اسبوعان منذ اخر لقاء بينهما. وقد افتقدته بشدة. ارادت ان تجري عليه وتحتضنه بشدة. ولكنها كانت خائفة من ردة فعله. فهي لم تعرف اذا كان زوجها المحب الحنون ام هذا الانسان الذي ضربها وخانها وطردها من منزله وحياته واراد ان يطلقها. فتح أر كيه ذراعيه ليحتضن زوجته وسألها
"هو انا ما وحشتكيش؟"
"انا مش عارفة انت مين"
"نور ده جوزك رأفت"
"انت متأكد انك رأفت؟ زوجي. علشان زوجي عمره ما كان يعمل اللي انت عملته معي. زوجي عمره ما يخونني. انا مش عارفة انت مين"
"ماما ممكن تسيبينا لوحدنا شوية؟"
"خدي جوزك لغرفتك يا نور اسمعي له وسيبيه يشرح لك أسبابه اديله وادي لنفسك فرصه"
نظرت نور لأمها بغضب
"روحي يا نور. علشانك وعلشانه اسمعي له علشان بيتك وحبك"
استدارت نور ودخلت غرفتها بدون ان تقول أي كلمة او حتى تنظر لزوجها. أغلقت الباب خلفها. نظر أر كيه ونجوان لبعضهما البعض بنظرة حزن. بعد عدة ثواني سمع أر كيه صوت الباب يفتح ورأى الباب مفتوح. نجوان نظرت له نظرة تشجيعية وهو نظر لها يشكرها
دخل أر كيه الغرفة ووجد زوجته تقف في وسط الغرفة ذراعيها متشابكين امام صدرها. في اللحظة التي اغلق فيها الباب سمعها تأمره بحزم
"أتكلم"
"حاضر"
جلست نور على السرير وكانت تنظر له نظرات حادة كل غضبها وألمها في الثمان شهور الماضية كان واضح في عينيها
أقترب أر كيه ليجلس بجاورها على السرير. صاحت فيه زوجته تمنعه
"لا"
نظر أر كيه لها بنظرة تساؤل
"ما تقربش مني قف هناك وقول اللي انت عاوزه"
وقف أر كيه وابتعد عنها عدة خطوات
"كدة كويس؟"
"ايوة أبدأ"
"ماشي لكن يا ريت تسمعيني وما تقاطعينيش"
صاحت فيه زوجته بغضب
"انت سمعتني لما حاولت اشرح لك على موضوع حازم لما كنا في المستشفى؟"
"لا ما سمعتكيش وانا عارف انك كنت غبي انا عارف اني جرحتك جامد لكن ارجوك اسمعي لي لو سمعت لكل اللي عاوز أقوله وقررت انك مش عاوزة تشوفيني تاني هابعد عنك واختفي تماما من حياتك ومش هتشوفيني تاني"
"ايوة ما هو سهل عليك انك تقول كدة. انت كنت عاوز تطلقني. عاوز تتخلص مني. انت بتكرهني"
اجابها أر كيه بصوت مخنوق
"لا عمره ما كان سهل علي. كان صعب جدا علي اني اسيبك. ده جرحني اكتر ما جرحك. كان اصعب شيء عدى علي في حياتي لما حاولت ابعدك عني. قتلني لما كنت بشوف دموعك. كل مرة جرحتك فيها الألم كان غير محتمل بالنسبة لي. انا كنت بنزع روحي من جسدي"
لانت له نور قليلا عندما رأت عيونه الدامعة
"سمعاك"
"انت فاكرة اليوم اللي فشلت في الجراحة. في اليوم ده ما قدرتش ارجع البيت. ما قدرتش اواجهك. كرهت نفسي لأني خذلتك. اخذت عربيتي وفضلت اسوق لساعات. بالليل كنت قاعد في عربيتي وبفكر ازاي حياتي هبطت في حفرة مظلمة عميقة. ازاي انت تعبت معي في الست شهور اللي فاتوا. فضلت قاعد كدة لساعات وبعدين شوفت بار. كنت عاوز انسى كل حاجة. كنت عاوز اقفل عقلي. كنت عاوز ما احسش باي شيء ولا اقلق على أي شيء. فدخلت هناك وبدأت اشرب لأول مرة في حياتي. وعجبني الموضوع لأني كنت في حالة نشا بطلت احس بالذنب او الألم وبكدة بدأت اشرب وبدأت اقع من منحدر عالي.
"كرهت نفسي اكتر واكتر وما قدرتش اواجهك ابدا. كرهت اشوفك. كل مرة اشوفك فيها كنت بحس بالذنب يقتلني. بدأت أكرهك. ما كنتش عاوز اشوفك ولا اقرب منك. وكنت عاوز اهرب منك"
"ليه؟ انا وقفت جنبك وساندتك. انا كنت متفهمة لحالتك وعمري ما نقدتك"
"انت ساندتيني وكنت واقفة معي. لكنك كنت تفكريني بفشلي. انت فكرتيني بكل حاجة كانت ملكي زمان وخسرتها. انت فكرتيني بنفسي زمان. كان صعب علي جدا اني اواجهك. انا عارف قد ايه انا كنت فاشل. انا فشلت كطبيب وكزوج وحتى كرجل. علشان كدة كنت عاوز اهرب منك. اهرب من واقعي. اهرب من نفسي. فضلت اغلب الأوقات في البارات اشرب. وما كنتش عاوز ارجع البيت الا لما أكون سكران تماما. فضلت اشرب اهوى واغرق في ظلامي"
بكت نور وقالت له
"انا اقدر افهم ليه بدأت تشرب. لكن ليه خنتني؟ ازاي تعمل كدة؟ انا اقدر اسامحك على أي شيء ماعدا ده"
همس أر كيه وقال
"ما خنتكيش"
"نعم؟"
"انا ما خنتكيش. كنت هاخونك. لكني عمري ما خنتك"
"امال ليه قولت لي انك خنتني؟"
"هاقولك كل حاجة حصلت"
"قول لي"
"في ليلة كنت سكران وبدأت أخطرف بمشاكلي لواحد سكير معي. قولت له اني عاجز بقالي ست شهور. سألني اذا كنت شوفت حد يساعدك. قولت له اه روحت لدكتور وقال لي اني سليم تماما وان الموضوع مجرد نفسي. ضحك علي وقال انه قصده حد يساعدني يعني واحدة محترفة مش دكتور. رفضت الفكرة تماما. عمري ما تخيلت اني اعمل فيك كدة. هو ضحك علي ووعدني انه هيحل لي مشكلتي"
عقدت نور حاجبيها
"هيحل لك مشكلتك ازاي؟"
"ما اعرفش ولا اهتميت اني اعرف. لكن تاني يوم استنى لما سكرت تماما. واخذني لنادي مشبوه. ودفع لبنت واخدتني في غرفة خاصة. بدأت تعمل شغلها معي. وجسمي تجاوب معها. انا قرفت. وكرهت نفسي اكتر واكتر. كرهت جسمي لأنه تجاوب معها. كرهت اللي عملته فيك. ما قدرتش استحمل. حسيت ان في نمل يزحف تحت جلدي. معدتي قلبت وجسمي كله نمل. حسيت ببرد وفجأة فقدت الوعي. بعد ثواني فوقت وحسيت بألم على وشي جامد. لما فتحت عيني فهمت ليه هي ضربتني. كل جسدها ووجهها كان متغطي بقيئي. سيبتها وصاحبي اخدني لبيته. استحميت هناك وسلفني هدومه. لو تفتكري كنت ليلتها رجعت بهدوم مش بتاعتي"
"ايوة فاكرة لكن ما سألتكش لأنك كنت سكران جدا وبعدين انت قولت انك نمت مع واحدة ففكرت انك غيرت هدومك عندها"
"لا انا غيرت هدومي علشان كانت غرقانة بقيء"
"طيب ليه قولت لي انك نمت معها؟"
"بعد ما استحميت في بيت صاحبي. فوقت شوية. وادركت اللي انا عملته او كنت هاعمله. ما قدرتش اعمل فيك كدة. حبيت اسيبك. قررت في اليوم ده اني لازم اسيبك. كان لازم اخليك تكرهيني. كان لازم ابعدك عني. انت ما تستحقيش واحد زيي. ما تستحقيش زوج سكير وخاين وفاشل زيي. انت تستحقي أر كيه القديم. وانا ما اقدرش ارجعه لك تاني. علشان كدة انا قولت لك اني خنتك وعلشان كدة انا ضربتك وطردتك من البيت. ما قدرتش اشوفك تتعذبي معي اكتر من كدة ما قدرتش اجرحك اكتر من كدة كنت عاوز انهي معاناتك. كنت عاوز انهي علاقتنا. كنت عاوز احررك. في الليلة التانية اللي طردك فيها من غرفتنا اتصلت بالمحامي تاني يوم وطلبت منه يجهز أوراق الطلاق"
"نعم؟ انت قررت تطلقني من يومها؟"
"ايوة لكن ما قدرتش اديك أوراق الطلاق. كنت جبان وما قدرتش استغنى عنك انا بحبك قوي"
"امال بعتها لي بعد كدة ليه؟"
"لما شوفت حازم. انا عارف انك حبتيه قبلي. انا عارف انه هيسعدك. وعارف انه حبك. ولسة بيحبك. في اللحظة ده كان لازم اسيبك. كان صعب علي وكنت عارف انه صعب عليك لكن حازم كان معك وكان هيساعدك ويقف معك"
"عادي خالص انت فكرت وقررت. انت مين علشان تقرر بالنسبة لي؟ انت مين علشان تعرف سعادتي فين؟"
"انا زوجك واقدر اعمل أي شيء علشان سعادتك انا عملت كل كدة علشان سعادتك"
"لا انت مش زوجي. زوجي عمره ما يسيبني. عمره ما يبعدني عنه. زوجي عمره ما يكون مبسوط لما يشوفني مع واحد تاني. زوجي عمره ما يتخلى عننا"
"انا اسف يا نور. انا عارف اني غلطان. انا عارف اني جرحتك. ارجوك سامحيني. ارجوك يا نور. انا ما اقدرش أعيش من غيرك"
أقترب أر كيه منها وركع على ركبتيه ومسك يديها
"ليه؟"
"انا قولت لك ليه عملت اللي عملته"
"لا انت ليه هنا؟ ليه رجعت تاني؟"
"انت مش عاوزاني ارجع؟"
جرح أر كيه من كلماتها ووقف وابتعد عنها خطوة
"مش كدة. انا عاوزة اعرف ايه اللي غير رأيك. انت كنت عاوز تبعدني عنك. كنت عاوز تتعذب لوحدك وتبعدني عنك. انت ليه هنا؟ ليه عاوز ترجع علاقتنا؟"
"علشان عرفت ان زي ما هو مستحيل علي اني أعيش من غيرك برضه مستحيل بالنسبة لك تعيشي من غيري. عرفت قد ايه انت اتعذبت بعيد عني وعرفت غلطتي"
"ازاي؟"
"حازم"
"مش فاهمة"
" جاء لي وقابلني من ثلاث أيام وقال لي انك دخلت المستشفى مرتين في الأسبوعين اللي فاتوا. قالي لي كل اللي انت قولتيه له. قال لي على كل حاجة وخلاني اعرف غلطتي وعرفت انا عذبتك قد ايه"
"حازم عمل كدة؟"
"اه"
"لو حازم ما زاركش ولا قال لك أي حاجة كنت هتطلقني؟"
نظر ار كيه للأسفل واجابها همسا
"اه"
ثارت فيه زوجته
"انت عارف قد ايه انت اناني؟"
"نعم؟ اناني"
"ايوة انت اكتر رجل اناني شوفته في حياتي"
"ازاي؟ انا عملت كل ده علشانك. كل اللي اتمنيته هو سعادتك"
"الانسان الاناني مش بس اللي يتمتع لوحده لكن برضه اللي يتعذب لوحده. انت اخترت انك تتعذب لوحدك. انت اناني وانا بكرهك"
بكت نور واقترب منها ار كيه واحتضنها
"بس يا حبيبتي بس انا هنا مش هاسيبك ابدا"
قاومته نور لعدة دقائق ثم استسلمت له وبكت بحرقة على صدره
***********************************************************************

مذكراتي العزيزة (كاملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن