الجزء السابع - هي مُسكنةٌ لألمي

8 3 0
                                    

... (7) .." هيَّ مسكنةٌ لألمي " ..


لقد رأيتها تسير على غير هدى ، تلك الفتاة لقد اصطدمت بأحد المارة ،،
كان يجب أنّ تنظر أمامها جيداً في سيرها ،،
هذا يذكرني بنفسي حين إصطدمتُ بها من قبل ،،
لقد إعتذرتْ للرجل على إصطدامها به ودخلت لمنزلها ،،
لم أخبرها أنّي قد قرأتُ رسالتها وإنّي قد حضرت ،،
تلك الرسالة مع النادل .. لقد مررتُ بعد عودتي من المستشفى إلى هناك هذا المساء فأعطاني إياها ،،
لقد كانت حرارتي مرتفعة وكأنّ بركاناً يسكن جسدي ،،
ورأسي من الألم كاد أنّ يتصدع وكأنّ هزة أفكار عنيفة قد ضربته ،،
لقد بقيتُ طريح الفراش في المستشفى لأيام بسبب قلة تناولي للطعام والشراب ،،
لقد بقيتُ تحت الرعاية والتغذية الوريدية لفترة جيدة ،،
كنتُ لا أستطيع الحراك ، جسدي ثقيلٌ جدا وقلبي أثقل أيضاً ،،
كنتُ أفكر كل ليلة ما تظنه بي الآن ؟ .. هي لا تعلم أنّي طريح الفراش ، لا بد أنّها تظنني شاب لعوب الآن ! ،،
هذا محبط جدا .. لا أستطيع الظهور أمامها الآن ، ليس الآن .. أريد العود للمنزل قبل أن يغلي قلب أمي علي أكثر حتى يتبخر من القلق ،،
عدتُ أدراجي للمنزل أريد الراحة قليلاً ..
أريد تجميع شتات نفسي وعقلي ..
أريد التفكير بذهن صافٍ لمرة فقط ..
الألم في صدري والتشويش في عقلي يمنعاني من فعل أيّ شيء ،،
أشعر أنّي مقيد لا أعرف ما الذي يجب أنّ أفعله كطفل ضاع عنْ أمه وسط الإزدحام لا يدري ماذا يفعل وإلى أينَ يذهب ،،
هكذا أنّا الآن طفلٌ ضائع ..
دخلتُ المنزل .. إستقبلتني أمي بقلقها وأبي بتنهيداته ،،
كان صديقي يقف في خلفية المشهد ينظر إلى حالي بنظراتٍ غريبة ،،
ما به ؟...!!
- " (سالم) هل يمكننا أن نتحدث في غرفتي ؟ "
- " حسنا يا سامي .. يجب أن نتحدث على ما اظن " .. نبرته حادة
لما هو هكذا ما به ؟ ،،
دخلنا إلى غرفتي وأغلق سالم الباب خلفنا ،،
هناك ما أريد سؤاله عنه .. وأشعر بأنّ هناك ما يريد قوله لي ،،
- سالم :" شاحب الوجه .. هزيل الجسد ، مشتت الفكر .. هل يعجبك حالك هكذا ؟ ، لما ؟ لأجل فتاة ؟! .. هل جننت ؟! " .. بغضب
- " هذا يكفي يا سالم إهدأ ، كيف لشخص يتنقل من فتاة لأخرى كل يوم أنّ يفهم هكذا مشاعر " .. بتعب وتنهد
- " ما الذي تقصده ؟ .. قل ما لديك ؟ " .. بغضب
- " أعلم أنك قلق علي .. أنّا اتفهم الأمر ، لكن يوما ما ستظهر أمامك فتاة تجعلك تفعل ما فعلت وتنسيك كل من قبلها ، أنّا متأكد " .. بإبتسامة دامعة
- " كف عن قول الهراء .. الحب ؟ ومع فتاة كتلك ؟ ، لا بد أنّك قد فقدت صوابك "
- " قبلتها .."
- " ماذا ؟ .. قبتلها ؟ " .. باستغراب
لقد أخبرته كل شيء ، لم أخفي أيّ تفصيل صغير كالعادة ،،
لقد بقي مكانهُ دون حراك يستمع لي فقط ،،
حين أنتهيت من الأمر لم يعلق على أيّ شيء ،،
أكتفى بالوقوف وطلب الإذن بالذهاب كي استريح قليلا ،،
- " حسنا يمكنك المغادرة "
- " لكن .. إنتبه ، أنّ تعطي في الحب أكثر مما تأخد ، هذا الفعل سيجهلك تتأذى كثيرا في النهاية "
- " أنّ أتأذى في الحب .. ألا ترى أنّ ذلك رائعا " .. مبتسما
- " لا أصدق أنك سامي لقد تغيرت ، لا بد أنّها قد غسلت لك عقلك بالتأكيد"
- " أريدكَ في خدمة .. اذا أمكن "
- " ما هي ؟ "
- " على المكتبِ هناك يوجد رواية بعنوان " حياتي خطيئة" ، اسم الكاتبة عليه .. هل يمكنك أنّ تجلب لي بعض المعلومات عنّها ؟ "
- " هل .. هل هي من كتبتها ؟ " .. بدهشة
- " لا أعلم .. ربما ، أريد أنّ أعرف " .. مبتسما
- " حسنا سأسجل الإسم وسأحضر لك كل ما تريده من معلومات عنه ، ارتح الان "
همْ صديقي بالذهاب وملامحهُ لا يمكننّي تفسيرها ،،
لا بدّ أنه يظن أنّ صديقهُ قد جنْ .. حسناً هل هناك منْ أحب فتاة ولمْ يجن ؟! ،،
لا بأس يا صديقي لا تقلق لحال صديقك .. أحبك ،،
- سالم :" تصبح على خير سامي " .. بقلق
- " تصبح على خير " .. مبتسما اليوم على غير عادتي
حالة من الهدوء تسكنْ قلبي الآن ، لا أعلم لما ..! ،،
سأنام .. أريد رؤيتها في الحلم بحُلة جميلة ،،
لا أريدها أن تظهر لي كما منْ قبل كالكابوس ،،
لا أعلم لما كنتُ أراها في كوابيسي .. كانت دائما تبتعد كلما أقتربت ،،
أحاول الحاق بها حتى أقع أرضاً ، وتختفي ،،
لا يمكنها أنّ تختفي ،،
سأخذ حبة منوم وسأنأم .. أريد حلماً جميلاً ،،
------
في اليوم التالي لم تكف أمي عن الإهتمام بي أبداً ،،
لم تكف عن الإهتمام بتناول هذا واشرب ذاك وارتح في سريرك طوال الوقت ،،
الأمهات كم هنّ حنونات .. لكننّا دائما ما نسبب لهنْ الألم بطيشنا ، فنحن أبناء سيئون دائما ،،
- " أمي أنا لستُ طفلاً هذا يكفي " .. بتذمر الأطفال
- أمي :" لن أكف عن هذا حتى تتحسن حالتك " .. بحزم
- " حسنا امي .. اذا كان هذا يريحك" .. مستسلما
قوة الأمهات .. هل يمكن لأحد أن يقول لهنْ لا أريد أو يكفي ؟!
أمضيتُ طوال الوقتِ أراقب أمي وهي تذهب وتجيء بالمنزل ، وأبي في العمل وحدة لا أحد ليساعده .. كم أنّا سيء ،،
------
أنّه المساء ..
أريد الذهاب إلى هناك ،،
ربما تكون هناك كما الأمس ..
رفضت أمي خروجي على تلك الحال ، قائلة انّ الجو بارد وأنّا لا زلتُ في فترة النقاهة ،،
لكنْ يا امي ...
لم أقل شيئا إبتسمتُ لها وقلتُ أنّي لنْ أتأخر وذهبتُ مسرعاً ،،
هي هناك أنّا متأكد ..
أشتاق للوصول بسرعة .. أشتاق لرؤيتها ،،
هكذا كنتُ طوال الطريق ، أركض وأبتسمُ كالأحمق أتخيلها تنتظرني ،،
ها قد وصلتُ أخيراً ..
لقد .. لقد كانتْ فعلاً تنتظرني ، يا لفرحتي ،،
أصبح قلبي خفيفاً فجأة ..
سرتُ نحوها على عجل أريد أنّ أضمها من الخلف ،،
لكنّها ..
لم تكن هيْ ؟!!
ماذا ..!؟
- " أنا أسف لقد ظننتكِ فتاة أخرى " .. مرتبكاً
لقد أخطأتها بفتاة أخرى .. الموقفُ كان محرجاً جدا ،،
صوتُ ضحكات .. ضِحكتُها ، أستطيعُ تميزها جيداً ،،
كانتْ تقف منتظرة في مكانٍ قريب تحمل بيدها كتاباً تقرأه ،،
تقدمت نحوي وهي تضحك ،،
- " أيها الغبي هل كنتَ تظنها انّا ؟ " .. ضاحكة
- " أجل .. ظننتها أنتي " .. محرجاً
ماذا ؟ .. لقد كنتُ مشتاقاً لضمها ، ها هي أمامي الآن لكن لما لا أستطيع الإقتراب منها ، عينّاها لقد شلتانّي ،،
إقتربت هي منّي هذه المرة .. وقفت تنظرُ لعيني مباشرة ،،
الأمر مربكٌ جدا ً .. لكنّ ، تضربنّي ؟!!
لقد ضربتنّي بقوة على صدري .. لمْ أتألم بل الألم السابق كان يزول تدريجيا مع كل ضربة ،،
وقفتُ بلا حراك و لمْ تكف هي عن ضربي أبداً وبقوة ،،
لما تفعل هذا ،،
بدأتُ بالضحك ،،
- " ماذا الآن ؟ "
- " أينّ كنتْ ؟ .. هل كنتَ مريضٌ حقاً ؟
- " قلقة عليّ ؟ "
إقتربتُ منها لدرجة أنّ انفاسي قد إختلطت بأنفاسها ،،
لقد تراجعت للخلف خطوتين ، وجهها احمر ،،
لقد كنتُ اضحك .. لما الأمر سار على غير ما تخيلتهُ ،،
كنتُ أتخيلها واقفة تنتظرني .. اقتربُ منها واضمها الليل كله ،،
لكن .. أخطأتها بفتاة أخرى ، وضربتني !!،،
حسناً .. سأضمها الآن ..
- " ما الذي تفعله ؟ .. سامي ! " .. مندهشة
- " الجو بارد .. نحن الآن في الخريف ، أريد أنّ أدفئك "
- " ماذا ؟ تدفئني .. بحضنك؟ " .. تعابير غاضبة
- " هل هناك ما هو أدفىء من حضنْ الحبيب ؟ " ... وضحكت
- " المدفئة " .. وضحكت
- " تبا لكِ .. شقية " .. ضربتها على جبهتها
- " تؤلم .. خذ هذه اذا " .. ضربتني على ساقي
لقد قفزتُ كثيراً من الألم ، إنّها قوية جسدياً ،،
حسناً الأمر جعلنا نضحك طوال الليل ،،
تحدثنا كثيراً وقتها ،،
كلام يتلوه ضحكات ،،
كنتُ خائفاً من ردة فعلها على غيابي ،،
حسناً سارت الأمور بشكل جيد رغم أنّها عكس ما تخيلتهُ ،،
تخيلاتي درامية قليلاً .. لكن الواقع يبقى أجمل بعفويته،،
هل أكذبُ لو قلتُ أنّي ما عدتُ مهتماً بمعرفة أيّ شيء عنها .. أنّا فقط أريدها ،،
هكذا فقط ..

أحبَبتُ كاتِبة - سناء قبهاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن