على مدار سنواتٍ عدة ، كان التعصب سكيناً حادة تسلط على رِقاب الابرياء...ممن يُحرقون و يدهسون باقدام الحياة الطاغية..جدراناً عليا تبنى لتحجز القلوب خلفها وسط كفّي الظلم المستبد...و تُهدم لتهدم معها عظاماً هشّة بِلا ادنى ضجيج
—
#جونغكوك
استجابةً لرسالة شمسنا الصيفية الصريحة بحلول صباحٍ اخر في بلدتنا المشؤومة...ليوم اخر حل على مقاطعة سومرست ، استقمتُ من سريري ذو الاغطية التي توشك ان تكون بالية...لأخطو حافي القدمين على ارضيتي الخشبية ذات الصرير العتيق....اجول في ممرات منزلي الصغير الموروث و القابع في احدى الشوارع الفقيرة ، استمع لشخير رفيق سكني اللاكم للجدران منذ الليلة الماضية ، اني لأعجب لقدرتي على دفن مقلتيّ وسط فوضاه..
-يا تايهيونغ...
لفظتُ مناداتي بعد دخولي حجرته القذرة بنبرة تقترب من كونها خاملة لأكوّن قبضتي اليمنى طارقاً بنوع من الاشتداد
-ما خطبك؟!...اللعنة !
نهض مفاجِئاً اياي ليخاطبني بعمق نبرته النعسة ، فتقدمت لألتقاط قميصه المهترئ و رميه الى فخذيه ، ثم الجلوس على مقعد مغبر يقبع في احدى الزوايا
-نُحر زميلاً شيوعياً آخر يا تايهيونغ..
#تايهيونغ
ليس من جديد ، ليس من جديد على الاطلاق.. التعصب المتفشّي في مجتمعنا على شتى زواياه هو حبل المشنقة لحرية الفرد على اختلاف انحاء معيشته
بقي لساني راكداً في باطن ثغري لثوانٍ معدودة لأبتلع ريقي انكساراً لحال هؤلاء..
-سلطتهم تتغذى على الدماء السائلة من نوابض الاقلية المتعبة ، اننا لفي حرب مجتمعية يقودها الفساد..يقود بلدتنا مدعين الشرف من اصحاب الفكر البرجوازي العنصري....
استقام القابع امامي بطوله الفارع مرافقاً لحركته زفيراً متعباً
-نخوض المعركة طلباً للحقوق الممحية..تُسلب الارواح فتتراجع اهدافنا نحو السلام...تُسلب اخرى فننتهي منها باجساد مجوفة حزناً..
-بؤساً لهم...كفاك يا جونغكوك..
تنهد عصيب ، حاجبين مقبضين...تبعهما سيراً بطيئاً خارج صغر حجرتي..سمحت لجسدي بالاستلقاء للخلف منكفئاً لخمولي المتزايد مع كل شروق..
—
انه لاستعصاء على اناس من نوعنا..للعيش على ناصية الرفاهية...استقرار النفس الداخلية و مُتع الثراء غير متاحة البتة ، عسى و لعل كياننا صلباً لتغيير مجرى الدماء نحو شرايين اصحابها ، لأستمرار خلايانا متّقدة...ما الحياة الا مومس تتراقص في ليالي الاثرياء لأشباعهم على اختلاف ما يشتهونه...ثم تنطلق بردائها الرث لتصبح الٰهاً يوصي الفقراء بالصبر..السنا بؤساءً بحق بأدائنا على مسارح الآخرين !
—
الهي ! اين رحمة الرب في بؤس هذا العالم..
صراخاً دوى طارقاً مسامعي ببحته الكاهلة فولجت بقدمي خارجاً لأتسابق بخُطاي باتجاه الركن المجاور..
#جونغكوك
عجوز مرتعشة اليد و مجعدة العينين الدامعة...قد ثبتت رُكبتيها في رمالٍ خشنة حارّة..حاملةً جثة دامية بين وهان ذراعيها علمتُ فيما بعد انه ولدها البكر و الوحيد..رُميت في حضن عتمة الليل ....نسمة اخرى بيعت بثمنٍ بخس..و اصبح ما تصبو اليه من حقوق انسانية جريمة تُسلب لها احد اعضاء جسدك..
بمرور دقائق ، كفاً ثقيلاً استقر على كتفي لأستدير ملاقياً تلك العينين الناعستين بطبعها
-تايهيونغ !
-هل ستقوم بحمله كما حملت العديد قبله ؟
سؤال لم اتمكن من استقباله بِلا غشاوة داخل رأسي ، فقد ابقيت مرغماً من قِبل نفسي الشكاكة.. نظري مستقراً على تلك البنية القصيرة و الواقفة على بعد عشرة اشخاص مني وسط التجمع ، قبعة سوداء و جسد ليس بمستور بغير الاقمشة الفاخرة..يداً تمسك بمعصم الاخرى خلف ظهره و هالة تعاكس الاشراق بدهمتها الحالكة
من يرتدي ثياباً بهذا الثقل غير مكترث بالرحمة المنعدمة لأوقات صيفية قاسية كهذه..
-جونغكوك..لا تجهد نفسك في سبر اغواره
خاطبني الواقف مستنداً الى كتفي بنبرة خافتة بعد ان توسّم ما احمله من شكوك نحو ذلك الغريب عن ناظري ليردف قائلاً : لا شك في انه صاحب مصدر انتاج...مصنع او ما شابه..
تقدمتُ وسط تمعني بالتجاعيد المتولدة من تقلص عينيه متحاشياً الاشعة الحارقة..ليمشي بخطوات ثابتة ببطئها مبتعداً....فتلاشى تركيزي متجهاً الى الجثة الذليلة لأرفعها مساعداً بقية الرفاق..فهي ستطمر في عمق التراب و تنسى و كأن شيئاً لم يكن...
—
ام باك كايز :)
اتمنى تدعموا الرواية و تعطوها حب كبير لأنو تشجيعكم يدفعني للأستمرار..احكولي اي عبارة لفتت انتباهكم ، ضمن الحوار على سبيل المثال... لوف يو❤️
أنت تقرأ
Dystopia ✝︎
Historical Fictionحيث مدينة.. تفشّى فيها كل ما هو مُضاد للنعمة الالهية.. تتهاوى الاجساد.. مدنّسة بالطغيان و على ضفاف الهاوية... ترّن اجراس الولع الروحي ، حيث رباط العشق المُتعاظم يكاد ان يكون فوق مياه الاحتضار عائماً..