الفصْلُ الثَّالِث (Ⅲ)

192 19 12
                                    


" الحياةُ .."Viatā" ماهِي سِوىٰ اختباراتٌ وآزماتٌ .. ولمساتُ سعادةٍ ، القوِيّ حقّاً من يُجابهُ الأولىٰ بعقلهِ ، وأنْ يسْتشعِرَ الآخيرَةَ بِقلبهِ .. "

خطَّتْ قدماه‍ُ أرضاً لمْ يكُنْ لِيعرفها سِوىٰ ممَّاحملتهُ طيّاتُ الكُتبِ ، مِن طالبٍ جامعِيٍّ بسيطٍ إلىٰ حارسٍ أسطورِيٍّ علىٰ عاتقهِ توحيدُ المملكةِ ، وردُّ المظالمِ لأهلها !! ..

ما إنْ ابتلعَهُ ذاكَ الكتابُ بوهجهِ ، حتَّىٰ وجدَ نفسهُ في بلاطِ قصرٍ رُومانِيٍّ ، مُحاطاً بالفُرسانِ واضعينَ أيديهمْ اليُمنىٰ علىٰ صدورهمْ ؛ موضِعَ القلبِ ، ينْحُونَ بِرؤوسهمْ توقيراً واحتراماً لهُ ، استدارَ من حولهِ يتأكّدُ من حقيقةِ مايرىٰ :

- حسناً مُنير ، إنّه أحدُ خيالاتكِ عندما كُنتَ طفلاً ، الآنْ ستستيقظْ لتتابعَ كتابة بحثكَ ، الآن هيَّا .

أغمضَ عينيهِ لثوانٍ قليلةٍ ثُمَّ فتحهُما ولمْ يتغيّرْ أيُّ شيءٍ ، في تلكَ اللَّحظةِ دنا رَجُل طاعنٌ في السِّنّ ، يلتَحفُ بالبياض ذا لحيةٍ طويلةٍ كثّةٍ بيضاءُ يرتكزُ علىٰ عصاه‍ُ ، خاطبَ مُنيراً مُطمْئِناً :

- إنّهُ أنتَ كما ذكرتْ الأسطورةُ ، حارسُ واماس !! ..

ارتعدَ مُنير أكثرَ ، ظَنّ نفسهُ يهذي :

- ماذا حارس ؟! .. واماسُ .. أُسطورة ياإلـٰهي !! ..

ماهِيَ سِوىٰ هُنيهاتٍ حتَّىٰ سقطَ مغشِياً عليهِ ، فما قدِرَ علىٰ التَّحمُّل أكثر ..

دنا كبيرُ الحرسِ منهُ قائلاً بشيءٍ منَ السُّخريّةِ :

- أهذا هُو الحارسُ الإسطوري ، حامِي حجر واماس ، والَّذي سيوحّدُ المملكة .. هذا هُراء محضٌ !!

حدَّجهُ ذاك العجوزُ بامتعاضٍ ، يرُدُّ عليهِ :

- لا يَغُرَنَّكَ جسده‍ُ الهزيلُ يا "مـاركوس"، الكتابُ نِبتُون يخبرُنا علناً أنَّه هُو ، لقدْ اختاره‍ُ من بينِ المئاتِ مِمنْ قرأَه‍ ، كما أنَّهُ لاتنسىٰ أنَّ عبورَ الحاجِز الَّذي يفصِلُ العالمَينِ لوْ اجتمعنا كُلُّنا ما قدرنا علىٰ أنْ نُوازيَ قُوّتَهُ ، أما هذا الشَّاب فقوتهُ تكمنُ في يقينِهِ .

تقَدّمَ أحدُ الوزِراءِ "أدريان" مُستفسِراً :

- ماذا الآن أيُّها الحكيمُ ؛ فالحارسُ قدْ وصلَ وقدْ عَلِمتْ مملكَةُ الشَّرق بحضوره‍ِ ، حياتهُ في خطرٍ !! .

- فقطْ سنتظرُ قُدومَ القلبِ المُخلِص ، فهِي من تستطيعُ مساعدتهِ وأنْ تُبقِيَ حياتهُ بمأمنٍ .

- إذاً ومتىٰ ستحضُرْ ؟!

- يَقُول كِتاب "نِبتُون" فِي صفحتهِ العاشرةِ ‹› : " عِندما يُؤمنُ صاحِبُ اليقِين بمَا أُحضرَ لأجلهِ ، ستتحرَّرُ قوىٰ من أغلالِها ؛ تُنقِذُ سُكانَ المملكةِ من ظُلمْ الأفعىٰ ، ستنجلِي الغُمّة وتعودُ الأفراحُ تُزيِّن بيوتها أهلها .. ويغْرَسُ فيهِ حُبُّ قلبها المُخلِصُ "

وامَـاسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن