*البنت السودانية ..❗*

2.6K 135 37
                                    

*البنت السودانية ..❗*

(السّودة) !!!
هذه هي الكلمة التي كانوا يطلقونها عليّ في المدرسة الابتدائية ..
كنت في الصف الأول لا أنتبه ثم أصبحت أتضايق ..

اسمي منار ، عمري الآن 25 ﻋﺎمًا ..
أبي كان دومًا مسافر ،
وأمي كانت من ترعاني أنا وإخواتي ..

المشكلة كانت تكمن في أنَّ (نسمة ونور) كانوا بيض البشرة مثل أمي ..
وأنا فقط سمراء مثل أبي !

أمي نفسها كنت أشعر أنها غير سعيدة بشكلي !
لطالما سمعت تعليقات جارحة : (أنتِ ليه مش حلوة زي أخواتك ؟)
كنت أبكي سرًا ...
شعري منكوش ...
أسأل نفسي :
(ليه أنا بالذات الوِحشة البشعة ؟!)
الغريب أنني كلما سألت نفسي كلما ازددت وحاشة و قبحًا !
ليس لي أصحاب من كثرة ما أنجرحت ..

أصبحت أحب مضايقة البنات وأخذ أشيائهنَّ .. وأقرصهنّ !!!

كل فترة إدارة مدرستي تستدعي أمي : (منار بنتك غير مؤدبة) !!
أمي لم تعرف إلا الضرب ..

مرة و هي تضربني قالت :
(هو أنتِ مفيش حاجة فيكِ عِدله خالص ؟ طالعه لَهُ ؟)
هي تقصد أني مثل أبي !!!

أرضاني أن أصبح المشاغبة اﻷولى في المدرسة ..
أحسست بأن لي بعض الأهمية والشهرة -وإن كانت بالخطأ- ..

لا أحد يحبني .. الأخصائية الجديدة أستاذة (منى) تحاول أن تتحدث معي ..
كل أخصائية تحاول علاجي يستفزني هذا أكثر و أكثر ..
أنا مش مريضة و لا مجنونة ،
لا أحب الكلام معهم ...

لماذا أنا موجودة ؟
أنا وِحشة مُش حِلوة وعمري ما هتجوز كما يقولون ..
أكره أخوتي لأنهم حلوين ....!

( منار )
هكذا ناداني كابتن جمعة
مدرب السلة العجوز ....
أعرفه شكلًا .....
( نعم يا كابتن " ببرود " )!!
رديت برخامة كالعادة ...
- كان سني 10 سنوات -
قال لي : مالِك ؟
!! مالي ؟!
عُـمر ما حد سالني مَالِي ؟
أنا مهملة دومًا ..
رديت : ( مفيش )
قال : ( طيب ليه عامله كدا ؟! )
قلت برخامة : ( أنا شكلي كدا )
قال مبتسمًا بلا غضب :
( إنتِ زعلانة أوي ليه ؟؟؟ )
نظرت إليه ..
أخيرًا حد عرف إني زعلانة ؟!
قلت له :
( و ليه ما أزعلش محدش بيحبني )
قال بطيبة و هو يقدّم لي بسكوتة :
( شعور صعب يا منار إنك تحسيه )
بكيت بحرقة ...
قال بتعاطف :
( أد كده متضايقة يا بنتي وشايله جواكي ؟! )
أسرعت بالابتعاد ..
وسقط مني البسكويت ...!!

في اليوم التالي للتمرين لم أذهب .. و أمي لم تهتم كالعادة ...
لكن بعد ذلك ذهبت ..
سألت كابتن جمعة :
( ليه كل الناس بيكرهوا سَماري ؟
أنا إيه ذنبي ؟!!! )
لم أرَ كصفاء وجهه و هو يقول :
{ وَ جَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ }
قال لي : ( الناس امتحان لبعض )
كل واحد بيضايق التاني في حاجة ..
عندي إصابة في ذراعي من سنين ، بسببها تركت لعب السلة ، الناس برضه بيعلقوا عليها )
قلت :
( ليه أنا سودة و أخواتي بيض ؟)
قال :
( ده اختلاف بين الناس ربنا قسمه ، بس إنتِ لو رضيتي هتكوني رائعة جدًا ) ..
أنا : ( أرضى ازاي و الناس بتتريق عليا و بتسخر مني )
قال : ( الناس بتتريق على حاجات كتير .. بس ما دام أنا عارف إني مش غلطان ؛
أجمد وأقْوَى و لا يهمني حد )
قلت له : ( أنا بالعكس بقيت بكره كل حاجة يا كابتن )
قال : ( و ليه متحبيش الحاجات ؟ )
أنتِ كده كده عايشة ، عيشي صح .. حتى مع التريقة والسخرية و الإستهزاء .. التريقة غلطتهم هُمَّا مش غلطتك إنتِ ..
خليهم يقولوا يا ريتنا زي ( منار ) ..

البنت السودانية حيث تعيش القصص. اكتشف الآن