الفصل الثالث

1.4K 64 1
                                    

جالسًا بمكتبه يتابع عمله بعد أن أُفسد الزفاف, وهربت تينا ولا يدري أين ذهبت!..

لكنه يشعر بالشكر اتجاهها لأنها أفسدت الأمر؛ فهو لم يكن لديه الشجاعة ليفعل مثلها وذلك لإرضاء والدته،

خشية أن تصاب بأزمة ما رغم أنه يعلم أن معظم ما تفعله مجرد تمثيل..

زفر بحنق يقلب الملف أمامه, يحاول التركيز ولكن عبثًا..

عقله يشرد إلى جوزيت متمنيًا أن كل ما حدث لم يكن,

يشعر بالحزن لما سببه لها من ألم..

أغمض عينيه متنهدًا بتثاقل، مرخيًا رابطة عنقه مستندًا برأسه على ظهر مقعده..

كلما أغمض عينيه يراها أمامه, جمالها, عيناها الخضراوين اللتين تشعان بريق عاشق مع نوبات جنونها..

ضحكاتها الناعمة والتي تزلزل كيانه سارقة نبضاته, رائحة عطرها التي تتغلغل ضاربة خلايا عقله لتفقده السيطرة أمامها..

لا تزال رائحتها منتشرة حوله بل وكأنها متواجدة, لمساتها يكاد يقسم أنها حية..

عقد حاجبيه دون أن يفتح عينيه مركزًا؛ حين شعر بأحدهم يميل عليه,

هامسًا بأذنه:" تبدو مرهقا حبي.."

فتح عينيه على اتساعهما يراها أمامه متجسدة بإغواء،

فهمس بعدم تصديق:" جوزي!.."

ابتسمت ابتسامة خلابة دون أن تبتعد عنه، تهمس إليه بدورها:" من تظن غيري؟.."

لمعت عيناها بشدة وهي تراه مشدوهًا بحضورها..

حين دلفت لمكتبه بزوبعة مجنونة دون استئذان كعادتها, مستغلة انشغال مديرة مكتبه، وكأنها تكترث إن كانت منتبهة..

تنوي قتله, وحين رأته على حاله رقت نظراتها, وقلبها الخائن يهفو إليه..

اقتربت منه بخفة تجلس أمامه على حافة مكتبه ولم يشعر بها..

دون إرادة وجدت يدها تتلمس وجنته، تقترب منه..

والآن تحارب كي لا تضعف أمامه وتبكي بوهن..

ابتلعت ريقها بصعوبة وهو يمرر يده على وجنتها, ثم تتخلل أصابعه خصلات شعرها برقة متناهية تحارب أن تغلق عينيها،

تعض شفتها السفلى بقوة خانقة تأوه مشتاق،

وهو يهمس إليها بحرارة:" اشتقت إليكِ حبيبتي.."

لم ترد عليه، مسبلة أهدابها، تتنفس بروية لتجميع أفكارها..

إلا أنه لم يمهلها الوقت، يكمل باشتياق:" أشعر بأن دهرًا مضى دون رؤيتكِ.. عطركِ يصاحبني بكل مكان عالق بأنفاسي.. يذكرني بكِ.."

عروس من السماء (مكتملة) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن