هو بالطبع جميل دومًا لكن تلك الليلة كان كاس النبيذ بين يديه يضفي عليه جمالًا من نوعٍ آخر، وذاك الدخان الناجم من تلك الغليون بين يديه الاخرى يُكمل الصورة لتبدأ حرب علي قلبي سبقُ له أن أسلم راياته البيضاء، تلك الهامة التى يحيطها دخان الغليون تصيرُ محط شتات عقلي، انا اغرق في تفاصيله،كمزارٍ فنيّ يأتيه عاشق للوحات الزيتية فيصعب عليه الرحيل، احمد الله انه ليس تحفة فنيةً حقًا وإلا لوقعتُ في حب لوحة، الامرُ مدعاة للجنون، بين دخانه أبحث عنه، فلا انفك اجده، يُطالعُ وجههي كعادته، هو دومًا كعادته، لا تؤثر عليه الكحول ولا يحيده التبغ، هو كما عرفته، مجردٌ من المؤثرات، كعادته يصب وجهه ناحيتي وعيناه تخترق عيناي، وكأنما يرسل لها رسائل وحدها تعرفها، وحدها تجيد قراءتها. كعادته هادئ، وعلي غير عادتي أتكلم، أنا المتحدث هذة الليلة، أنا من يُسلط عليها كشاف المسرح، الآن دوري.. سأفصح.. قُلتُ وأنا أميل برأسي علي كتفه..
-حينما كنتُ صغيرة، لم تقنعني أبدًا قصص الأميرات، لم يخيل لي يومًا أني سأكون أميرة، ترتدي فساتين تلامس الأرض ويتطلب من ارتدائها مجهودًا، أميرة تتكلم بحرص وتأكل بنهج وتنام قبل العاشرة وبالطبع لا تتأخر في موعدها الغرامي عن الثانية عشر منتصف الليل، كنتُ أسخر دومًا من هكذا قصص، لم أُصدق يومًا أن الحب يأتي مرصعًا بالجواهر أو الألقاب وأعداد القصور، لم اكن مثل الفتيات في سني أصدق قصص الحب، لم أجهد نفسي في إنفاق المشاعر علي هذة الرسوم المتحركة، كنت دومًا أرى أن الحب يأتي من العدم، لا مال، لا جواهر مُرصعة ولا فساتين تجرها الجواري، كنتُ يائسة من واقعيتي، وكم سخر مني اصدقائي حين كنتُ أخبرهم أن مثل هذة القصص لا تغريني، كنتُ أتساءل، لم لا أكون كهؤلاء، حتى ادركت العدم، حين رأيت الحب، حينها أدركتُكَ..
لا يزال هادئًا، يكسوه الهدوء سحرًا، من بين هدوءه يتحرك، يطفأ غليونه ويترك كاسه ليشعل الموسيقى ويقترب مني مرة أخرى، يقبلني فيتخلل التبغ فمي، نحن الآن نتشارك الدخان، ينظر إلي بابتسامته ويداه تتخلل خصري تلفه فيجذبني لاعلي، عيناي في عينيه لا يفصلهما سوى انفاسه..
=كفا كلامًا يا ثرثارة، المكان ينقصه الموسيقا، دعينا نُسطِرُ فصلًا آخر في رواية الرقص، ودعيني أُراقِصك، ليس هناك من حفلٍ ولا أوسمة وشموع، لا بذل منمقة ولا فساتين تجرها الخيل، دعينا نحطم كل مقدسات الرقص التقليديه، دعينا نضئ ليلتنا.
أنت تقرأ
اعترافات يشوبُها الدخان.
Romanceفي ليلةٍ لم نلحظ من مِنا السكير، تراه كُنتُ أنا أم هو، ام كلانا، او أن الليلة باكملها تقاسمتنا زجاجة النبيذ، لا ندرى مِن فرط ما شربنا، كم كان جميلًا تلك الليلة..