يارين بأعلى صوتِها و قد جُنَّ جُنونها :
- يا كُلَّ منْ بالقصر ، يا عائلتي العزيزة
الحاضر يُعلم الغائب و الغافل يستفيق الآن
ريان شاد أغلو ليست ابنتنا و لا من عائلتنا ،
لُطِّخَ لقبُنا بسببها و الآن أيضا تُريد الهرب مع ميران و تلطيخهُ من جديد .ريان سقطتْ على الأرض مغشِيًا على قلبِها ، غائِبا عقلُها ،
جثتْ و ساقاها خانتْهُما الخُطوات ، رفعتْ رأسها لترى الكُّلَ واقفا حولها مصدوما من هولِ ما سمع ؛
زهرة ، هزار ، جول ، مليكة ، نيغار ، حنيفة ، هاندان ، جيهان و جدُّها نصوح
اقتربت منها زهرة بعيونٍ دامعة و يديْنِ ترتجفان ، فأشارت لها ريان بيدها أن تتوقف مكانها
ريان : أمي ، هل صحيحٌ ما تقولُه تلك ؟
زهرة : صغيرتي ..
ريان و هي تصرخُ باكية : أمي أجيبي
من أنا ؟ ابنة من ؟
زهرة : انتِ ابنتُنا صغيرتي ، انتِ ابنتي و ابنة هزار ..
يارين مُقاطعةً ايّاها : ابنتُها أجل ، لكنّك لستِ ابنة عمي أيتها اللقيطة
نصوح بنبرة غاضبة : اصمتي يارين ، اصمتي
يارين : لن أصمت ، لن أصمت بعد الآن
ماذا تفعل بيننا و هي ليست مِنّا ، لطختْ شرف عائلتنا و هي لا تحملُ دمائنا ،
فقط اسمًا أخذَتْهُ من بابِ شفقةِ عمي عليها .بكلماتِها القاسية تلك نخرت جسد ريان و ثقبت قلبها ،
فأضْحَتْ كَنايٍ ، يتخلّلُهُ الوجع و يزفُر بالأنين
تَناثرَتْ كَمِنْفَضَةٍ ، فاضتْ بالألم ، عاجزةٌ و الصمتُ سبيلُها
و صريرُ أنفاسِها المُتْعب يُرافِقُ ذاك السَيْلَ مِنَ الدُموع ،الكُلُّ مُتَسَمِرٌ مكانَهُ ، فاتِحًا فمَهُ مِنَ الصدمة ،
هاندان و جيهان يتهامسان :
- ماذا تقول ابنتُكِ تلك ؟
هاندان : لا أعلم شيئا و انا ايضا فوجِئْتُ و عرفتُ الآن .
مليكة في نفسها :
- أيتُها المسكينة كأنّ قلبكِ تنقُصُهُ المصائب
حنيفة : أخٍ من تلك الأفعى الصفراء ، أسوءُ طريقةٍ لتَكشِف بِها ذاك السِّر .
جول و قد انحنتْ و عانقت ريان :
- أُختي انتِ أختي و أنا أحِبُّكِ
ثم نهضتْ و صارتْ تضرب يارين بيدِها الصغيرة و ترفُسها برجلها :
- ابتعدي ، ابتعدي أيتُّها الشريرةهزار و قد اكتحلتْ السماءُ بِحُزنِهِ و ارتعشتْ كلُّ جُدران القصر حين صرخ :
- آآآآآآآآه ، آه ، أصمتوا جميعا
و نزل بركبتيْهِ على الأرض و هو يبكي :
ريان ابنتي ، ريااااااااااان ابنتي أنا
ثم إلتفت إليها بعيْنيِنِ تحترقان رغم سُيولِ الدمع لا تنطفئان :
- يا مُهجة الروح و نبضَ القلب ،
كيف لا أكون أبًا !؟
كيف أحيا دون سماع كلمة بابا منكِ ؟
هتيْنِ العيْنيْنِ لم يُبْصِرا الفرح إلاَّ حين وُلدتِ ، هتيْنِ اليديْنِ أولُ من أمسكاكِ و انتِ قطعة لحمٍ صغيرة ،
على هذا الصدرِ حَبَوْتِ ، على هذا الحِجْرِ جلستِ ، على هذا الكتفِ ركبتِ ، بِحُظنِي هذا غفوتِ
فكيف لا أكون أبًا !؟
قالها و هو يبكي و يُشير الى كل قطعةٍ في جسدّهِ شهدتْ أبُّوتَهُ مع ريان .
- أول مرّةٍ نطقتِ فيها قلتِ أبي و لم تقولي أمي
فكيف لا أكون أبّا !؟
ربَّيْتُ و سهرتُ و احترقتْ روحي حين تألمتِ
فكيف لا أكون أبًا ؟!
ثم وقف و إلتف الى كل واحدٍ من الحُضور :
- جيهان ريان ابنتي أسمعت ، هاندان ريان ابنتي أسمعتِ ، أبي ريان ابنتي أفهمت ،
حنيفة ، مليكة ، نيغار ريان ابنتي ، جول ريان اختك ريان ابنتي
يارين يا يارين يا أنذل شخصٍ في الوجود لن تُفرقي بين الأب و ابنتهِ بكلمة حقيرة منك ،
ريان ابنتي أنا ، ابنتي أنا .ازاد و إليف جالسان في مطعمٍ ، مقعدان وطاولة ، مُتقابِلان تتوسطَهُما مزهرية ،
وعوالمٌ من الأفكار و الحيرة التي تقذف بِهما
وضعٌ غريبٌ وُضِعا فيه و زواجٌ مُفاجىء و نارُ حقدٍ و كره مُتوهجة بين العائِلتين ،
سكت أزاد طويلا ثم قال لها :
- هل انتِ نادمة إليف ؟
إليف : على ماذا أندم !
أزاد : على زواجِكِ بي و تركِكِ لبيْتِكِ ؟
إليف : لستُ نادمة إلا على ما مضى من عُمري بجانب تلك العائلة ، و أنتَ ؟
أزاد : لا اعلم فِعلاً ، رغم أنَّ زواجنا هذا فقط لحمايتكِ و حمايتِي ،
أحِّسُ أنَّنِي ظلمتُكِ معي قلبي مُعلقٌ بريان منذ صغري رغم سماعي بزواجها من ذاك الحقير ،
لا أستطيع نسيانها او التوقف عن حُبِّها .
إليف و قد أنزلت رأسها و سكتت لِبُرهة ثم جاوبتهُ :
- رُبَّما لأنكما عشتُما في نفس المكان و كبرتما تعودت عليها
و تملَّكَكَ هذا الاحساس على أنّهُ عشق ،
ربما قلبُكَ الجميل يستحق أنْ ينبِضَ لقلبٍ آخر ينبضُ لِأجلهِ ،
أوّلُ خُطوةٍ للنسيان ، أنْ تُقرِرَ ذلك ، ان تقطع رجاءكَ منها
و تُصدِّقَ أنَّها لن تكون لكَ ، كي لا تُعذّبَ نَفْسَكَ أكثر .
أزاد : رُبما ، رُبما حان أوانُ أنْ يُخالِفَ قلبي عَزْفَهُ الأليم القديم .
المهم ماذا تأكُلين يا سيدة شاد أوغلو ؟
إليف و هي تضحك : لا فرق ، أُطلُب على ذوقك .فتحتْ عزيزة بابَ بيتٍ قديم و كانت شهريار في استقبالِها :
- اهلا و سهلا سيدتي ، كلُّ شيءٍ تحت السيطرة لا تقلقي
عزيزة : أين هي الآن ؟
شهريار : أُغْلِقُ عليها في الغرفة كما أمرتني سيدتي
أُدخِلُ إليها الطعام و الماء بإنتظام و أفتحُ الباب لها فقط حين تُريد ان تقضي حاجة
عزيزة بِنبرةٍ حادة :
- اختصري الكلام و ابتعدي من أمامي .
ثم دخلتْ الى تلك الغرفة ، كانت سُلطان في حالة يُرثى لها ،
جاثية على الأرض و الدموع حفرت وجهها ، رفعت رأسها بِبُطءٍ بإتجاه الباب :
- ههههه عزيزة هانم ، اهلا اهلا
جئتِ لقتلي أخيرا ؟عزيزة : غباؤكِ من أوصلَكِ إلى هُنا
سُلطان : بل حان دوري الآن ، نفس المشهد قبل سبعةٍ و عشرين سنة ، ديليشاه
اتذكُرين ديليشاه ؟ ثم ضحكت
ربُّما أنا أفضل منها ، ببيتِ و ليس زريبة
لطالما كرهتني أنا و ديليشاه ، و كانت جيداء فقط كنتّكِ المحبوبة المُفضلّة ،
لكن لِسُخرية القدر ماتت هي و ابنُكِ في يومٍ واحد .
عزيزة : جِئْتُكِ بخلاصِكِ فأختَارِي الآن ...
قامت ريان و التفت إلى جدّها :
كُنتَ تعلم ؟ أكيد كُنتَ تعلم
الآن فقط أدركتُ سبب نظارتِك تِلكَ ، إحتقاركَ ، كُرهَكَ و ظُلمكَ لي ،
- أمّي آهٍ يا أمّي لو كُنت أعلم ، كُنتُ اختصرتُ على نفسي سنين بُكاء و قهر و غصّةِ روح
ما كُنتُ ابدا قلتُ لماذا جدي لا يُحبُّني
ما كُنتُ يومًا كُسِرتُ بتلك النظرات و عِبارات البُغظِ و اللوم مِنْهِ
ما كانت رُوحي عذّبتني و سألتني لِمَا انتِ لستِ مثل يارين و ازاد و جول
لِمَا ينْبُذُكِ و يوبِخُكِ على كل شيءٍ
ما كانوا أخذوا انتقامهم من شاد أغلو في فتاةٍ بريئة مرتان ،
من دمّهم و أفعالهم .
و بخُطواتٍ مُتثاقلة اتجهتْ نحو الباب تحمِلُ ما تبقى من قطع قلبِها المكسورة
و المنثورة في ذاك القصر و غادرت دون ان تلتفتَ وراءها .
زهرة بأعلى صوتها :
- هزااااااااار ، هزار...بقلم الكاتبة : كريمة عوجيف ( فيس عائشة م ر )

أنت تقرأ
زهرة الثالوث - Hercai
Romanceقصة حب مستحيله ولدت من انتقام ♥️ All rights reserved to: "https://nahlaroh.blogspot.com/" بقلم الكاتبة : كريمة عوجيف ( فيس عائشة م ر )