الحلقة 29

1.4K 35 0
                                    

كان يمشي خلفها و يتأمل جمالها ، براءتها ، 
عفويتها ، مرح الطِفْلِ فيها ، 
اقترب منها ثم حضنها من الخلف و قال لها : 
_ ما رأيُكِ أن نغرق معا ؟ 
ريان : لا ، لا ، انا لا أجيد السباحة في بِركةٍ حتَّى ، 
لأسبح في البحر 
ميران و قد حمَلها في حُضْنِهِ و اتجه بِها للماء : 
- أغمضي عينيْكِ و ثقي بي 
ريان و هي تصرخ : 
- ميران ، لُطفا أنزلني .

دخل بها إلى البحر و أغرق جسدَهُ و جسدها في الماء 
و هو يبتسم لِملامحِها المخلوطة بالخوف و الفتنة ، 
ميران : افتحي عينيْكِ الجميلتين حبيبتي 
ثقي بي ، 
ريان و هي تحضُنُهُ بشدّة : 
- حسنا 
ثم أنزلها و لفّ يديْهِ حول خصْرِها و قال ضاحكا : 
- انظُري لم نغرق بالكاد وصل الماء إلى صدرِنا ،
ريان : المياه باردةٌ جدا و شيءٌ ما يلْمِسُ قدمِي من تحت 
ميران ضاحكا :
- أيتُها الطفلة الخائفة 
امسكي بِكِلْتَيْ يديْكِ في رَقبَتِي و دَعِي نفسكِ لي ، 
ثم سبح بِها و هي في حُضنِهِ ، تارةً يغْطسُ بها 
و تارة يحمِلُها و يدور بها فوق الماء ، 
كان منظرا يُشبه مشهد الدلافين العاشقة 
و هي تتعانق و تمرح ، 
بجسديْنِ مُبْتَليْنِ و قُلوبٍ غارقة في الحب 
و عيونٍ فاقت وهيج الشمس تلَأْلُؤًا ، 
امتزج جمالُهما و سِحْرُ حُبِّهِما بِبَهاء و روعة البحر ،
ميران : أحبُّكِ يا سمكتي الزرقاء 
ريان و هي تبتسِمُ سعادةً و حُبَّا : 
- و أنا أحِبُّكَ يا ..
ميران : يا ماذا ؟ اكملي 
أي صِنفٍ من الأسماك ستُطلقينهُ عليَّ 
ريان : لا أدري 
ميران : أنا أقولُ لكِ 
قولي أحبُّكَ أيها القرش 
ريان : هههه لماذا ! أَلَم تجد غيرَهُ ؟ 
ميران : أشْبِهُهُ في هاتهِ اللحظة 
لأنّهُ لدي رغبة كبيرة في أكلِكِ، 
ثُم سكت الكلام عن الكلام 
و بَقِي يتأملُها و هي مُطرِقَةٌ رأسها ، 
لوحَةٌ تجعَلُكَ تصمتُ ؛ 
شَعْرُها المُبْتَلُ الذي يُداعِبُ وجْهَها ، 
خدّيْها المُتوردتيْنِ خجلا ، 
قطراتُ الماء المُنزلقة على تلك الرقبة ، 
عُيونُها البريئة ، شفتاها الورديتان ،
كُلُّ شيءٍ فيها صارِخٌ و مُغْرٍ و جميل ، 
كلُّ شيءٍ فيها كان يضرِبُ على قلبِهِ بِقُوة 
مثلما تضرب الأمواج الصخور ، 
فتجعلُها رمالا تتناثَرُها الرياح ، 
لم يتمالك نفسه و قَبَّلهَا قُبلة جامحة جموح الأمواج 
حارة بحرارة الصيف ، طويلة بطول الساحل ، 
عميقة عُمق البحر ، 
طبع حُبَّهُ الكبير و شوْقَهُ العارم على تلك الشفاه 
بعثرها و جمعها في قُبلةٍ واحدة ، 
ليسمع دون همس ألفَ أُحِبُّكَ و ألف أُريدُكَ 
و مليون ألف أثِقُ بِكَ و أُسامِحُكَ ، 
رباط الحُبِّ و الثقة الذي أسَّسُهُ على تلك الأُرجوحة 
ها هو الآن يُعيد بِناءَهُ ، 
الأول في السماء و الثاني فوق الماء 
غرقت قلوبهم ذلك اليوم ، لمْ و لنْ تنجوا أبدا من لعنة العشق .

❤ جيهان بعد انْ سمِعَ كلام والده عن تزويج يارين من جانير ، 
اعترض قائلا : 
- أبي ، اعلم أنها أخطأتْ لكن ليس لدرجة أن أُعطِيها لابن الخادمة ، 
نصوح : أعلم بفِعْلتِها الشنيعة الأخرى 
مرّغت لقبنا بالتُراب عن دِراية ، أُشْكُرْ ربّك انني لم أقتُلها ، 
جيهان مُطأطِىءً رأسَهُ : 
- كما تأمُرُ أبي 
يارين و هي تضحكُ ضَحِكا هِسْتِيريا و ترتعش : 
- تُمازِحونني أليس كذلك !؟
هاندان : أبي الآغا لن يُوافق 
نصوح : لم أطلب رأيك او رأيها أيتها الوقحتان 
أمّا والدُك الآغا فعندما تكون حاملةً لِكِنيتِهِ ، وقتها يتدخل . 
ثم إلتف إلى جيهان و قال لهُ : 
غدا سَنُقيمُ حفلةَ الحِنّاء و بعد الغد تتزوج ،
ستبقى هنا تحت ناظِرَيَّ و يُعيدُ زوجها تربيتها من جديد ، 
انصرفوا الآن و لا أريد كلاما فوق كلامي .

❤ دخل ازاد لِغُرفةِ إليف كي يطمئن عليها ، 
بعْدَ انْ طرق الباب و نادى : 
- إليف ، هل أنتِ مُستيقضة 
إليف : أجل ، تفضل 
دخل ازاد و كانت إليف تُرتِبُ بعض الأغراض فوق الخزانة 
وهي على كُرسيٍ صغير و حين إلْتَفَتَتْ على غفلةٍ ، وقعتْ 
فاِلْتَقَطَها ازاد و سقطت في حُضنِهِ 
في تلك اللحظة لامَسَ أنفُهُ انفها و كان وجهُهُ قريبا جدا من وجهِها ، 
أوّل مرّة ينظُر إليها عن قُرب و يتأملُ ملامِحها ؛ 
عيناها مثل ثمار الزيتون ، سوداء ، 
جميلة و واسعة و فمُها صغيرٌ و مُنحني كالفُستق ، 
امَّا شعرُها الناعم المُنسدِلُ كان يُلامِسُ يَدَهُ ، 
اِحْمرتْ وجْنَتَا إليف من الخجل و ارتعش قلبُها ، 
اما ازاد فتلبك و حين عاد لِوعْيِهِ أنزلها و قال : 
- كيف حالُكِ ايتها الصغيرة ؟ 
إليف : لست صغيرة عمري تسعة عشرة عاما 
و عمر قلبي رُبَّما مائة سنة 
أزاد : كُنتُ أُمازِحُكِ ، سلامةُ هذا القلب 
لما تقولين ذلك ؟ 
إليف : مُثقَلٌ هو بكل ما يحمِلُهُ من حسرةٍ ، 
من وجعٍ من أسرارٍ لا يستطيع احتمالها أو تجاوُزها و نسيانها ، 
أزاد : بإمكانِكِ الفضفضة إليف ، ان تحكي لي و ترتاحي قليلا ،
إليف : ليْتني أستطيع ، أو رُبَّما في يوم ما 
أقذف هذا الحمل الثقيل عني ، رُبَّما .

بقلم الكاتبة : كريمة عوجيف ( فيس عائشة م ر )

زهرة الثالوث - Hercai حيث تعيش القصص. اكتشف الآن