"وصلت عند الحادية عشر وخمس دقائق لتستمع الى أصوات العراك القابعة في الداخل فبحثت عن المفتاح الاحتياطي لتدلف سريعاً نحو الداخل لتجد والدها العزيز وهو يبرح أمها ضرباً فأنطلقت نحوه تبعده عنها بصعوبة لتنال نصيبها من الضرب هي أيضاً ، كان متوحشاً على غير العادة حتى انه التقط مطرقة موضوعة فوق الطاولة ليضربها على زندها بكل قوته ثم ركلها في بطنها لتفترش الارض قاذفة الدماء من فمها وقبل ان ينطلق نحو والدتها فزت بصعوبة من مرقدها تمسك بيده تقاوم كل وجع الم بجسدها تجابهه بشراسة حتى أفلتت المطرقة منه لتسقط على الارض بعد ان دفعها وما ان اعتلاها وراح يضربها بشكل متتالي حتى فقدت الرؤية بعينها اليسرى حتى رفعت يدها وهوت بالمطرقة على رأسه لتعتليه وتبرحه ضرباً بغير وعي ، حتى تهشم رأسه وخرج دماغه متناثراً في الإرجاء !"
سرت قشعريرة في جسد ايلين وهي تتذكر ما حدث ليلة البارحة ولكن بسبب عدم انتباهها على كل الأدلة التي تركتها خلفها فهي الان تُعتبر مجرمة فارة من العدالة وما ان يتم إمساكها حتى تُعدم ! أخذت تحدق الى وجه والدتها النائم والقابع في حجرها حيث اضطرت للعودة مرتين لذاك النزل لأخذ العنوان ثم أخذ بعض الأموال لتدفع ثمن الكشف مصرة على اخراجها من المشفى وقبل خروجها اختلت بالطبيب مهددة إياه بسكينها تحذره من إفشاء امرها اذا ما صادف الشرطة وفِي طريقها أعطت ما تبقى من اموالها للعاملة في المكتب بأنكار مجيء والدتها للمشفى لتومئ لها قائلة :
-"سرك في بئر "
وصلت للنزل الذي باتت تعتبره مشؤوماً لتمر بمكتب الاستقبال تحمل أمها بين يديها حيث صادفتها تلك العاملة من جديد والتي هبت نحوها قائلة بصوت قلق :
-كيف حال والدتك صدقني انا اعتذر لم اقصد ان أسبب لك المشاكل .
ولكن الاخرى تجاهلتها صاعدة للأعلى وهي ترد عليها بجفاء :
-ارسلوا طعاماً لغرفتي .
وقفت العاملة تراقبها بأعينها الزرقاء الزجاجية وهي تزم شفتيها حرجاً مما سببته في نظرها لهذا الشاب الغامض ولكنها أرسلت بطلبية طعام ليتكفل الطباخين بتحضيره ليتم إرساله عن طريق صديقتها العاملة الاخرى .
**********
(12:00am):
غيرت ملابسها بعد أخذ حمام دافئ وقصت بعض من خصيلاتها التي استطالت قليلاً ثم تخلصت من تلك الاظافر الطويلة ليكون مصيرها القمامة ، وأخيراً لفت زندها المتورم والذي بات يؤلمها بشكل أقوى من سابقه جاعلاً إياها تئن عاضة على شفتيها اللتان غطاهما دمها الجاف اثر غرز أسنانها بهما بقوة ، فلفت الضماد حوله تخفيفاً للألم بعد وضع مرهم ثم لفت اخر حول ثدييها لتخفيهما لترتدي ملابسها والجيد ان ورم عينها قد خف قليلاً ولكن وجهها احتفظ بتلك الاثار القاسية ، معدتها لا زالت تؤلمها مما جعلها تتقيء طعامها الذي تناولته قبل لحظات !
خرجت بعد ان ارتدت ثيابها الرجالية المتمثّلة ب" تي -شيرت " اسود بنصف أكمام مرسوم عليه جماجم حمراء متصلة ببعضها بثعبان مرقّط بالاسود والأحمر وبالاسفل كلمة " شيطان" بالانكليزيّة مع بنطال اسود عريض ترتدي خُف اسود منزلي ، جلست قرب والدتها التي لم تتوقف عينيها عن ذرف الدموع لتجلس عند قدميها تقبل يديها قائلة :
-صدقيني يا امي لن اموت قبل ان اضمن لك حياة هانئة فأنا حقاً استحق الموت على ما فعلت ولكن الندم سيقطع قلبي اذا تركتكِ وحدكِ تتخبطين في هذه الدنيا .
ترقرقت الدموع في سوداوتيها لتنحني عليها والدتها معانقة إياها تقبل شعرها المبلل قليلاً بقبلات متعددة قائلة بصوت متقطع اثر شهقاتها المستمرة :
-لا تقولي هذا يا فلذة كبدي أنتِ أغلى ما املك ومن دونكِ حياتي لا شيء .
رفعت رأسها تمسح دموعها تطالع والدتها بأبتسامة خفيفة قائلة :
-لا أستطيع البقاء معكِ طويلاً فالشرطة بالفعل قد بدأت تبحث عني وربما خلال ساعات سيتم نشر صوري وسيعرفني الجميع لذا سليم سيساعدني وسيبقيكِ عنده .
أخذت تهز رأسها نفياً بقوة وملامحها تنكمش بألم لتقبل الاخرى يديها قائلة بترجي :
-امي أرجوك لا أستطيع ان آخذك معي انا سأختفي عن الأنظار لفترة فقط اعدكِ ولكن سأزوركِ في فترات متباعدة وانتِ سيخفيكِ سليم في مكان ما دون علم احد حتى اجد الوقت المناسب ونفر لنستقر في انقرة لن يدري بِنَا احد وسنعيش حياتنا من جديد ولن يعود للماضي ذكر بيننا سيُمحى وسنبدأ من جديد .
ثم راحت تمسح دموع أمها الغزيرة لتضيف على كلامها :
-عديني انكِ ستصبرين من اجلي ولن تعرضي نفسكِ لخطر وستبقين برفقة ذاك الاحمق .
-ولكني خائفة عليك يا ابنتي .
قالتها بقهر لتعانقها صغيرتها عناق قوي قائلة :
-لا تخافي علي سأحمي نفسي واخرج بكِ من هذه المدينة المشؤومة اعدكِ بذلك .
ربتت على ظهرها ثم فصلت العناق ناظرة الى شبيهتها وقد خفت دموعها قليلاً وهدأ حزنها ولكن قلقها تفاقم لتنهض ايلين مبتسمة نحو صينية الطعام تحملها لتجلس قرب والدتها على السرير واضعة الصينية بينهما قائلة :
-والآن كلي قليلاً يا اميرتي وكفاكِ دلالاً .
ضحكت ليلى بخفة قارصة وجنتي لبؤتها الصغيرة لتبدأ بتناول الطعام والأخرى اجبرت نفسها على اكل القليل متجاهلة كل ذاك الالم والتعب الذي الم بها لكي لا تثير قلق أميرتها ،انتهت وجبة الطعام وأخذ العامل الصينية وخلدت ليلى للنوم بعد أخذ دوائها الخاص بالحالة النفسية اما ايلين فخرجت من النزل بأكمله متوجهة نحو الغابة عند بدايتها تنتظر ظهور سليم بفارغ الصبر ، ربما لم يتمكن من التعرف على العنوان فلقد أسرعت بالهرب من هناك من دون ان تصف له المكان بدقة أو انه لا زال في المخفر ! أخذت تطرق على قدمها تحشر يدها في بنطالها الجينز الأسود وتلك السترة ذاتها قد ارتدتها فوق التي شيرت الخاص بها ولَم تشعر بصاحبة العيون الزرقاء الواقفة خلفها !
التفتت على عجل حينما وصلها صوت الاخرى الشديد الرقة لتحدجها بنظرات نارية فتقدمت الفتاة على استحياء ماثلة أمامها بقامتها القصيرة التي جعلتها تصل لكتف ايلين شعرها اسود طويل جمعته بذيل حصان يتدلى حول خصرها بيضاء ممتلئة اتخذ وجهها شكل قلب ، عيونها زرقاء واسعة زجاجية انفها صغير أسفله شفاه كرزية صُبغت بملمع ابرزهما بشكل مغري الا ان ايلين كانت تراها كشيطان قصير القامة ولأنها تكره العيون الزرقاء بلا مبرر فلقد تشائمت من تلكما العينين كثيراً حتى رغبت بتمزيقهما !
تحمحمت الصبية وهي تشبك أناملها ببعض مخفضة رأسها وخديها فاضا احمراراً لتتحدث بذلك الصوت الذي ظنت ايلين انها تجاهد لجعله رقيقاً هكذا وكأن الفتيات اجمع يمتلكن مثل صوتها العالي ! :
-اعتذر عما حدث لك لقد اعتقدتك مجرماً لذا بلغت عنك من باب الاحتياط وانت لم تخبر أحداً بوجود والدتك لو لا عاملة النظافة التي وجدتها صدفة بحالة مزرية جداً لذا نقلناها للمشفى احتياط فقط من اجل سلامتها .
رفعت رأسها ببطء لترى نظرات ايلين الجامدة التي تحدثت بحنق واضح وهي ترمي بثقلها على قدمها اليسرى مميلة رأسها ناحية كتفها الأيسر قليلاً :
-أولاً انا خريج سجون لذا لا داعي لجلب الشرطة كلما شككتي بي حضرة جنابك ثانياً امي بخير ولا علاقة لكم بها انا المسؤول عنها وعن حمايتها ومتى ما أقرر انا سأخذها للمشفى حينئذ .
ارتسمت بعض الدهشة على ملامح الاخرى ولاذت بالصمت ثم أخذت تبتلع ريقها بتوتر بينما تجاهلتها الاخرى وراحت تدور حول المكان تزفر بحنق لطالما كانت تكره الانتظار !
رحلت العاملة بهدوء تلتفت كل فينة تحدق الى ذلك الشاب الغضوب وقد قررت بينها وبين نفسها انها لن تقترب منه أبداً مرة اخرى .
***********
اما سليم فقلد كان قابعاً امام عدوه ' ادهم ' بقربه شاب ذو اعين زرقاء وشعر اسود لم يكترث بمعرفته ، عقد يديه على صدره يرمق الجالس أمامه بنظرات باردة تحوي حقداً لا مبرر له ليتنهد ادهم متحدثاً من جديد :
-إذن انت الان تنكر رؤيتك لأيلين في ذلك الْيَوْمَ ؟ هل انت متأكد لأن تغيير كلامك لن يكون بمصلحة كلاكما أبداً .
أخذ الاخر يهز قدمه بعصبية ليضغط على اسنانه حانقاً راداً عليه بشيء من الغضب :
-أخبرتك انها انتقلت برفقة عائلتها ولَم أعد اعلم عنها شيئاً بالنهاية نحن مجرد جيران لا اكثر ولا اقل .
-لكنك كنت خطيبها لمدة !
رد ادهم يرمقه بنظرات تكاد تثقبه ليتأفف الاخر قائلاً بحدة :
-كنت خطيبها وبعدها فسخنا .
تحدث يلماز وهو الاخر عاقداً يديه الى صدره :
-لما ما سبب الانفصال ؟
-وما شأنك انت ؟
رد عاقداً حاجبيه بشدة وهو ينظر نحوه ليتحدث ادهم هذه المرة مقاطعاً يلماز الذي أراد الحديث مجدداً وقد ظهر عليه الانفعال :
-إذن انت الان تقول انكِ لم تراها يوم زفافك ؟
-ومن قال انها كانت هناك هل قلت لك ذلك ؟
عقد الاخر حاجبيه متنهداً بنفاذ صبر :
-متى اخر مرة رأيت بها الفتاة وتحدثت اليها ؟
-منذ انفصالنا وبعدها لا اعلم أين ذهبت .
أعاد الاخر نفسه للخلف ماسحاً على ذقنه الملتحي ليعود الى اتكاؤه على الطاولة قائلاً :
-لنتجاوز ليلة زفافك الان ماذا عن الشخص الذي دلف إليك الان من هو ؟
-محقق .
امال رأسه لكتفه الأيمن ليتحدث الاخر :
-وما هو اسمه ومالذي اراده منك ؟
مط شفتيه للأمام وقبل مضي دقيقة قال :
-شاهين .
رفع الاخر حاجبيه ناطقاً وكأنه يحقق مع مجرم :
-مالذي قاله لك ؟
-سئلني عن المرحوم وعن علاقتي به كانت بضعة أسئلة قبل ان يذهب .
تحدث يلماز ساخراً :
-لا نملك محققاً يدعى شاهين .
رفع الاخر حاجبه بأستفزاز لاوياً طرف شفته بسخرية راداً عليه :
-والله أنتم الحكومة اعلم بمن يعمل لديكم .
احمر وجه الاخر ليرد ادهم بسؤال :
-لما وقفت عندما رأيته اول مرة وكأنك انصدمت من هويته أو انكِ لم تتوقع رؤيته ؟
اجاب بذات البرود الذي استفزهم بعض الشيء :
-بالطبع سأخاف عندما يدخل علي فرد من الشرطة مشوه الملامح كأنه مجرم !
أخذ الاخر يومأ بوجهه مجيباً :
-انتهى التحقيق معك ولكن اذا استجد اَي طارئ في القضية سنطلب مساعدتك .
أومأ بصمت بلا اكتراث ثم نهض خارجاً بحركة سريعة كمن تلقى خبر إفراجه من الحبس ، كانت خطواته مسرعة تزامناً مع قلبه الذي كاد يخرج من محله فركب سيارته البيضاء متوجهاً الى منزله فمن الخطر ان يلتقي بفتاة القمر خاصته فلا يغيب عن دماغه ان يستعمله ذاك الضابط كوسيلة للوصول اليها وهذا ما لن يسمح به أبداً لذا اخرج هاتفه وهو يرى عبر المرآة تلك السيارة السوداء خلفه ثم طلب رقماً ليضع السماعة في أذنه ملقياً هاتفه في حجره وبعد مدة قصيرة رد عليه الطرف الاخر ساخراً :
-كيف حال العريس ؟
-أحتاجك يا علي وضروري أيضاً .
-ما الامر لقد اثرت قلقي يا صاح .
أخذ نفساً عميقاً ليتحدث :
-اسمع يجب عليك ان تلتقي بأيلين بأسرع وقت ممكن وتعطيها الهاتف لأتحدث معها .
-لما مالذي حدث ؟ ثم الم تنفصلا ؟
رد بنفاذ صبر :
-أرجوك علي انا بحاجة لهذا الامر ضروري فأيلين تعتمد علي ولا اريد خذلها اكثر من ذلك سأعطيك العنوان وستذهب اليها وتلتقيان وحينها سأتحدث معها وبعدها حينما التقي بك غداً صباحاً سأحدثك عن الموضوع .
-كلا بل ستعزمني على العشاء الليلة لنتحدث ما دام الامر يخص زوجة اخي السابقة .
ثم أخذ يقهقه بسخرية ليهز سليم برأسه بقلة حيلة وهو ممتن لوجود صديق عمره علي ليتحدث بعد برهة :
-العنوان هو نزل بهجت خان قرب الغابة التي تقع على أطراف اسطنبول الشرقية ستجدها تنتظرك امام الغابة الان اذهب اليها ولا تتأخر عنها بثانية .
-امرك أيها العاشق امرك .
أغلق الهاتف مع صديقه ليكمل طريقه نحو منزله .
*********
وصل شاب ذو بنية قوية يماثل سليم طولاً ولكنه اكثر منه وزناً بقليل له عيون خضراء بلون فاتح اسمر قليلاً شعره اسود كقطعة من الليل ، يرتدي قميص اخضر بلون عينيه مع بنطلون اسود جينز الى النزل الذي ذكره صاحب عمره ليلتف حول المكان يلتفت حوله حتى وصل الى الغابة فرأى هناك شاب ! كأنه يقف بأنتظار احدهم فأخذ يلتفت حوله مجدداً ليحسم أمره متوجهاً نحو الذي كان يوليه ظهره حتى اقترب منه منادياً إياه بصوته العالي بطبيعته ذو البحة المميزة :
-عذراً هلا منحتني بعضاً من وقتك .
التفت له الشاب وقبل ان يسأله قاطعه بلهفة بصوت بدى أنثوي بعض الشيء :
-علي !
عقد المعني حاجبيه ليقترب الشاب منه فشعر بالريبة منه وما ان تمعن بوجهه حتى شهق قائلاً :
-ايلين أهذه أنتِ مالذي جرى لكِ يا فتاة !
وضعت كفها على فمه مصمتة إياه ثم شدته من يده داخلين الى الغابة حتى وقفا في منطقة تحيطها الأشجار من كل اتجاه وما ان وقف أمامها حتى عانقته وبادلها هو بعد ان خفت منه الصدمة ليبعدها عنه بلهفة سائلاً إياها :
-مالذي حدث يا زوجة اخي السابقة !
ضربته على كتفه بيدها اليمنى فأمسكه مدعياً الالم لتخفض نظرها للأسفل ليبان الحزن في مقلتيها لترد عليه :
-دع سليم يخبرك .
سحبت نفساً عميقاً ثم طردته من جوفها لتسأله ببعض الحنق :
-لما أرسلك بداله من المفترض ان يأتي منذ مدة ؟
حدجها بخضراوتيه رامياً ثقله على قدمه اليسرى مجيباً :
-لا اعلم ولكن يبدو انه يواجه شيئاً عصيباً فعندما حدثني بدى مستعجلاً كما انه كان في الطريق لكن عموماً اتفقنا على اللقاء الليلة وسنتحدث .
اخرج هاتفه قائلاً بعد ان اومأت له ليقول :
-اعطيني رقم هاتفك وسأكون الوساطة بينكما ربما اعمل على جمعكما بالحلال .
ختم جملته بتلك الابتسامة الجميلة خاصته بينما هي اخرجت هاتفها بصمت ولَم تعلق ليتدون رقم هاتفه واعادت هاتفها لجيبها ليناولها هاتفه قائلاً :
-سليم على الخط يود الحديث إليك .
رمقته بتعجب لتأخذ الهاتف ببعض اللهفة واضعة إياه على إذنها لينطلق صوته بشوق :
-ايليني كيف حالك اعتذر على عدم المجيء حبيبتي ولكن الشرطة تطاردني وقد شكت بأمرنا .
ابتلعت ريقها ولَم ترد ليصلها صوته الذي ملئه القلق :
-هل أنتِ معي على الخط ؟
-نعم .
أجابت بفتور ليتنهد هو بقهر بينما اكملت وهي تدعك عينيها بأناملها الطويلة :
-اعتذر عن توريطك يا سليم انت الان متزوج وقريباً سيُصبِح لك أبناء ..
قاطعها :
-لن يحصل ..
تنهدت هي لتكمل قبل ان يكمل حديثه :
-لا اريد توريطك في مشاكلي كل ما أرغبه ...
قاطعها بغضب :
-أخرسي لدقيقة يا فتاة دعيني اتحدث !
صمتت وهي تستمع بأعين دامعة له ليكمل وقد ظهر حزنه جلياً في صوته :
-ما حصل كان كله سوء فهم يا ايلين انا لم اخنك ولَم أفكر حتى بذلك ، نيفين وقتها استدرجتني قالت ان هناك شيء يخصكَ وانا كالأحمق صدقتها اقسم لك لم ألمسها هي التي تقربت مني لكنني لم افعل لها شيئاً اقسم لك بذلك .
ردت بشبح ابتسامة على شفتيها :
-لا تقلق فهي لم تعد في هذا العالم أصلاً .
كانت نبرة صوتها هادئة كمن فقد الحياة في جسده ليرد هو بصوت عالي متجاهلاً حديثها الغامض :
-ابي اجبرني على الزواج يا ايلين لقد ضاق ذرعاً بحديث الناس عن كوني لعوب وهاوي نساء ولقد أغضبه ما حدث بيننا فبعد فسخ خطوبتنا ابرحني ضرباً وانتِ تعلمين كم هو قاسي حينما يغضب .
اكمل بعد ان أخذ نفساً عميقاً وقد تساقطت دموعه فوق وجنتيه :
-منذ ليلة زواجنا وانا لم ألمسها نحن نعيش اقرب الى غريبين وسأطلقها بأقرب فرصة انا أصلاً أخطط للعيش في ألمانيا وسآخذك معي حالما نجد حلاً حالياً جوازي جاهز ولدي ما يكفي من المال لذا بعد بضعة ايّام انا وانتِ وعمتي ليلى سنخرج خارج البلد بلا عودة نهائياً وسنتزوج وسأنجب منكِ تسعة عشر طفلاً وطفلة ثم نعود بعد سنتين حينما ينساكِ الجميع وسنبدأ انا وانتِ حياتنا من الصفر اتفقنا .
لم تجب وبقيت تبكي بصمت وقد ارتجفت شفتيها ليرتفع طرفا فمها بابتسامة ، قلق حينما طال ردها فتناول علي الهاتف من يدها مجيباً على صاحبه بابتسامة هو الاخر :
-انها موافقة يا اخي لا تقلق اكمل انت عملك وانا سأتكفل بأيلين خاصتك .
ابتسم الاخر من بين دموعه ولَم يعلق ليغلق الخط وهو يلهث انفاسه شاعراً بالسعادة تغمره لربما اخيراً ستتحسن احواله برفقة حبيبته .
***********
كان الضابط ادهم واقفاً برفقة مجموعة محققين امام شاشة حاسوب كبيرة ويجلس أمامها رجل يشاركهم الصمت ليتنهد ادهم قائلاً :
-إذن سنقبض عليهما حينما يكونا في المطار .
التفت بحدقتيه نحو الشرطي الجالس امام الحاسوب قائلاً :
-عمم صور الاثنين في مطار اسطنبول الدولي واحرصوا على اتخاذ الإجراءات الأمنية اللازمة لكي نمسك بالقاتلة .
ثم خرج من المكان بأكمله وهو يلهث انفاسه عائداً بذاكرته الى اول لقاء بينه وبين ايلين ، كم رق قلبه عليها وقتها وعلى ضعفها وشخصيتها الطفولية ، مراسلته لها مرة واحدة ليجد رقمها محذوف بعد ذلك ثم اختفاءها هكذا الذي خلف في عقله قلق نحوها بعدما تعلق بها ! فوقف يسحب نفساً عميقاً قائلاً وهو يحدق الى السماء :
-اعدكِ سأعمل على انقاذكِ يا ايلين فقلبي موقن أشد اليقين ببرائتكِ .يتبع .......
"القاعدة السابعة عشر "
"لا تفرح بعدالة القدر فهي احدى أقنعته البشعة "
أنت تقرأ
براءة مُدانة
Mystery / Thrillerخُلقتُ بشراً فجعلتوني شيطان وها أنتم تدفعون الثمن غالياً آيلين & أدهم الغلاف من تصميمي