"لم يعتَد أبدًا أن يظهر روحه في عينيه.. كان يرسم بدقة فلكية- صورة براقةً لكلمة "أنا بخير" على صفحة عينيه.. ثم فجأةً، تهاوت دروعه وجدرانه، وتحطمت الصورة التي قضى دهرًا يزيفها، وللحظة -لحظة واحدة- رأيت ما يقبع خلف قرنيتيه.. رأيت فضاءً شاسعًا، رأيت حروبًا، رأيت مجاعاتٍ، رأيت أيتامًا، رأيت الجوع والفقر والألم.. رأيت الموت، في اكثر صوره فجاجةً وقسوة.. رأيت يأسًا لم يُخلق ليعرفه بشر.. رأيت حطام روح، وبقايا أحلام، وبحرًا من الدم.. رباه! ماذا بك يا فتى! ماذا بنفسك فعلت أيها الشيطان التعس! أولا تكون بنفسك رحيمًا فتقتلها؟ أتستكثر عليها أن تهنأ بالًا؟"
-وجدت هذه الملحوظة في غرفة المتوفي، وقد كتبت بعناية شديدة، ووضعت في مكان خاصٍ فلم يصلها دمٌ أو بقايا زجاج، وبالتالي تم تجاهلها في اول بحث، ويبدو أن المتوفي كان قد أصيب بحالة من الجنون المؤقت، دفعته إلى أن يفقد إدراكه ويتحدث عن صورته في المرآة كشخص آخر، قبل ان يحطمها ويمزق معصمه بقطعة منها.. وبهذا يمكن إغلاق الملف، إذ لم يعد شك في كون الشاب قد مات منتحرًا.
صوت أوراق
—يلا الله يرحمه
-يا عم ده مات كافر، الله يرحمه ايه.