الفصل الثاني {دقائق قليلة للوراء}

491 43 74
                                    



{الجزء الاول}

أن تخسر شخصاً كنت تعتبره كل شيء في حياتك عندما لم تملك أحداً سواه، نعم.. إنها مأساة ولكن ماذا إذا كنت أستطيع تغيير ذلك؟ ماذا إذا منعت هذا القدر المشؤوم؟

أكتب وبكل بؤس مذكراتي، فهذا ما اعتدت أن أفعله عندما كنت أعيش في الميتم.. أكتب وأكتب حتى أسقط نائماً.

أدعى "كايل جونز" نشأت في ميتم صغير في قرية "موفرل"، اعتدت كتابة مذكراتي لأحرر أفكاري العالقة في ذهني، حيث كان يساعدني فعل ذلك في الإجابة عن التساؤلات التي أصابتني بالحيرة.

لن أستطيع نسيان هذا الميتم، فلقد قضيت فترة طفولتي ومراهقتي كاملتا به... لم تكن الحياة هناك رغيدة جداً، فلم يكن الطعام يكفينا جميعا وكنا نتشاجر لأجل الحصول على الملابس الجديدة التي تأتي الينا من المتبرعين... كانت الأسِرَة صغيرة جدا، لم نكن نستطيع التحرك بحرية.. ولكني لم اعطي الأمر أهمية ظناً مني ان الجميع يعيش هكذا! حتى سمعت انه عندما يتم تبنيك ستحصل على ملابس جديده وسرير كبير خاص بك! كان هذا اقصى احلامي، فكنت أتمنى كل يوم ان يتم اختياري من قبل العائلة الزائرة.

وعندما كنا نسمع بخبر العائلة الزائرة، كنا نذهب للاستحمام ونرتدي أفضل الملابس لنذهب لاستقبالهم واللعب معهم، كنت دوماً أنتظر عائلة لطيفة لتشعرني بالحنان الذي لطالما أردت أن أحظى به.. ولكن ومع هذا فلم أكن حزيناً، لأنني حظيت بما هو أفضل.

صديقي "جوناثان والتر" الذي اعتبرته عائلتي بأكملها، كان فتى ذو شعر أشقر وبشرة بيضاء ولديه جسد ضخم قليلاً فكان يفوقني طولاً، ولديه غمازات لطيفه على خديه، كان وجهه بشوشاً حقاً.

منذ نشأتي ولم أرى أخاً سواه، فلقد كنت على أتم اقتناع انه اخي الوحيد في هذا الميتم حتى أنى لا أتذكر يوم لقائنا لأول مرة! لطالما كنا نتمنى أن يتم تبنينا سوياً من نفس العائلة لنظل معاً، ولكن لم يفلح الأمر كثيراً، فكان من يرغب في تبني جوناثان يتراجع عن قراره لأنه كان يشترط عليهم أن يتبنوني معه، اعتقد أنى لم أكن محبوباً كثيراً بسبب شخصيتي الانطوائية، فجوناثان كان طفلاً مرحاً ولطيفاً وارادت الكثير من العائلات تبنيه ولكنه كان يبدأ بالصراخ والبكاء لأنه لا يريد تركي وحيداً فينتهي الأمر برفض الكثير من العائلات لكلانا.

مرت الأيام والسنوات وكنا نفعل نفس الشيء كل يوم، نستيقظ لنغتسل جميعنا في حمام واحد، نأكل الإفطار الذي كان عبارة عن رغيف خبز واحد وبعض الحساء، نقرأ قليلا او نتعلم الحرف ومن ثم نذهب لنوم.. هل كان سجناً ام ميتماً؟ ولكن وجود جوناثان اشعرني بالراحة دائماً، فكان حسه للدعابة قوياً، كان يحب القاء النكات على طاولة الطعام، بفضل هذا كنت أستطيع التميز بين الأيام، استمرت السنوات بالمرور هكذا، وكلما كبرنا في العمر كلما كان أمر قبول أي عائلة لنا صعباً، حتى وصلنا إلى السن الذي لم نصلح فيه لتبني، وكان علينا الخروج من الميتم.

أراهن عليكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن