الحمار العالم1

139 18 0
                                    

وفي يوم من أيام الربيع، رأيت وأنا أتناول الطعام في المرج أن الأطفال تجري بقرب المنزل، وكان لويس وجاك يلعبان بقربي ويروق لهما أن يتبادلا الصعود فوق ظهري وكأنهما يحسبان نفسيهما خفيفين في اللعب، وهما كانا — والحق يُقَال — غير خفيفي الوزن خصوصًا جاك فإنه كان سمينًا، ولو أنه أصغر سنًّا من ابن عمه. وكان لويس يتعلق بي وربما شد ذيلي قبل صعوده، وكان جاك يجتهد كثيرًا حتى يتعب ليسبقه إلى الصعود فوقي، ولكنه لفرط سمنه كان يسقط ويدور ولا يستطيع الوصول إلا بمساعدة قريبه. ولكي أوفر لهم التعب وضعت نفسي بجانب مرتفع من الأرض يسهل عليهما الصعود منه، أما لويس فقد دلَّ على خفة حركته بالصعود مباشرة، وأما جاك فإنه استفاد من هذا الموقف الجديد وركب بسهولة، وفي هذه اللحظة سمعنا سربًا من الأطفال فرحين، وكان اثنان من بينهم يصيحان: عندنا بعد غد ألعاب جميلة في المولد، وسنتفرج على الحمار العالِم.

فقال جاك: الحمار العالِم! ما هو هذا الحمار العالم؟

فقالت إليزا: هو حمار تعلَّم كل أنواع الدوران.

فقال جاك: أي دوران؟

فأجابت مادلين: دوران … دوران … دوران والسلام.

فقال جاك: ما أظنه يفعل ما يفعله كديشون.

فقال هنري: كديشون بلا شك طيب وذكي من بين الحمير، ولكنه لا يستطيع أن يفعل ما يفعله الحمار العالِم في المولد.

فقالت كاميل: أنا واثقة أنه يقدر أن يفعل كل ما يعلمونه أن يفعله.

فقال بيير: لننظر أولًا ما يصنعه ذلك الحمار العالِم، ثم ننظر إذا كان كديشون يستطيع فعله أم لا.

فقالت كاميل: الحق مع بيير، وعلينا أن ننتظر إلى ما بعد انتهاء المولد.

فقالت إليزا: إذن فماذا نصنع بعد المولد؟

فقالت مادلين وهي ضاحكة: نتناقش في الموضوع.

وتهامس جاك ولويس ثم سكتا، وبعد تحققهما من انصراف سائر الأطفال وأنهما لا يراهما ولا يسمعهما أحد، صارا يتغنيان بنشيد يذكران فيه اسمي ويطلبان مني أن أكون عارفًا بكل ما يفعله الحمار العالم في المولد، ويقولان في هذا النشيد:

كديشون شمرا وإلى السوق جرى

بانتباه دائمِ للحمار العالِمِ

ناظرًا أعماله حاكيًا فعاله

فائقًا في صنعه بارعًا في طبعه

ليفوز بالثنا ويعود عندنا

وهو محمود على صنعه الذي علا

فقال جاك بعد انتهاء النشيد: هذا الذي أنشدناه جميل.

فأجاب لويس: ذلك لأنه شعر موزون.

فقال جاك: شعر؟ أنا أظن أن نظم الشعر صعب.

فأجاب لويس:

هو سهل كما ترى غير صعب بلا امترا

وها أنا قد زدتك منه.

فقال جاك: هيا بنا نُسْمِع أولاد عمنا هذا النشيد.

فقال لويس: كلا، فإنهم إذا سمعوه عرفوا ما تريد، والأحسن أن نفاجئهم به مفاجأة في نفس المولد.

فقال جاك: وهل تظن أن أبي وعمي يرضيان بأن نذهب إلى المولد ومعنا كديشون؟

خواطر حمارحيث تعيش القصص. اكتشف الآن