ليلة باردة طويلة من ليالي الشتاء عام 1993 التاسع من يناير تعالت اصوات بكائي و صرخاتي بعد ان نمت لتسع شهور في بطنها و كم ركلت هذا البطن لكي اخرج منه وياليتني لم أركله ابدا,ها انا ارى النور لاول مرة و التقط انفاسي الاولى و الاطباء يحملوني من يد الى يد لكنني انتظرت حتى تحملني بيدها من حملتني تسع اشهر في بطنها, ولكنني لم اراها ولم اشم رائحتها.
تربيت بين يدي جدتي بعد ان انتقلت امي الى رحمة الله بعد ولادتي بعد صبرها 10 سنوات من العقم فرحت بخبر حملها بي ولكن فرحتها لم تكتمل, اصبحت حياتي كالجحيم كل ليلة كنت اللوم نفسي على موتها,انا السبب في موتها خرجت للدنيا و و افسدت حياة الجميع و انهيت حياة امي,حاولت الانتحار 5 مرات لكن في كل مره توقفني تجاعيد جدتي و بكاءها عندما تراني,انا فهد و هذه قصتي.
درست في افضل المدارس العالمية بفضل جدتي التي تتعب لكي تجعلني شخصا ناجحا لكن محاولتها بائت بالفشل , لم اهتم بدراستي كنت فقط انجح بواسطة الغش في الامتحانات لاكمل السنة, كل يوم كنت اجلس في ساحة اتناول وجبتي التي اعدتها جدتي بكل حب , وفي يوم من الايام و انا اتناول الطعام رأيت اثنين من زملائي بالصف يتوجهون الى الطاولة التي انا فيها, ماذا يريد مني احمد السمين و ماجد الطويل لماذا انا , وفجاءة احسست بيد احمد السمين على ظهري , جلسوا و تحدثوا معي عن الدراسة و قد كان الأمر غريبا جدا بعد كل هذه السنين التي قضيتها وحيدا بين جدران المدرسه يكون لدي احد اتحدث معه , فعرض علي عبود بعد حديثنا الطويل و الغريب ان نخرج للعب كرة القدم في الساحة التي امام المسجد في نهاية الاسبوع , رفضت بدون تفكير , لكن بعد الحاح احمد واففقت حتى لا يضربني لان ضحايا احمد في الصف كانو كثيرين ولا احد يجرأ على رفض طلباته وانا لا اريد ان اكون احد ضحاياه .
اصبحنا اقرب الاصدقاء و كبرنا انا و احمد وماجد مع بعض , تخرجنا و من المرحلة الاعداديه و الابتدائيه معا ووصلنا الى الثانوية العامه , تغيرت كثيرا في هذه السنوات بعد ان صاحبت احمد و ماجد و كم فرحت جدتي و هي تراني وانا اضحك لاول مره وانا العب لاول مره , بسبب جدتي رأيت الوان الحياه كانت هي شمعتي واملي الوحيد في هذه الحياة كانت حياتي, و لكن لم و لن تكون في مكان امي , امي لن تأخذ مكانها اي انثى اخرى ,
في عام 2010 التاسع من يناير كان اليوم الاسود يوم ولادتي ويوم التي رحلت فيه عن الحياة فقيدتي , كانت جدتي في كل عام تضع رسالة و كعكة على الطاولة التي بجانب سريري , ولكن في هذه السنة لم ارى شيئا استغربت لكن لم اعطي الامر اهمية , ذهبت لتناول الفطور حينها رأيت ابي ,ابي الذي تركني وحدي بعد كل هذه السنين اراه الان, ابي الذي كانت تحكي جدتي عن قصة حبه هو وامي , ابي الذي لم يترك امي مع انها لا تستطيع الانجاب,وكان معها في كل خطوة في حياتها ,