كُل قاتِل قَتيل

بدايَـة النهايـة

يَدي فقط مُغطاة بالدِماء، رأسي ياللهول كأنني نسيته بمكان أخر كأنني أسير بقدم مبتورة وسط منحدر ذو هاوية جارفة أنني أتوسل فقط أجزاء جسدي لتُسير بشكل طبيعي لكنها تواجهني بالرفض القاطع الذي مابعدهٌ قبول، بدأت الأرض من حولي تهتز لتبتلعني شيئًا فشيئًا، تشبثت بالجثّة المُلقاة أمامي حتى بُتِرت اليد عن باقي الجسد، فجأة توقفت الرمال التي أبتلعت نصفي،يبدو أن الأرض أشفقت عليّ كما لم يفعل البشر، أرادت أحتضاني لتُشعرني أنني مازلت نقية كما خُلِقت لكنها حتمًا لن تتقبّل يداي الملطختان بدم البريئ الهامد أمامي فتخلّت عني برفض قاطع كضربةِ سيف،حاولت الصعود مرةً أخرى لكن واللعنة! رمال الأرض متشبثةً بي،عتمة فظيعة خيمت على عيناي حتى توعدت انني سأقلعهما حال عودتي لشدة عصيانهما لي، فجأة رمتني الأرض من جوفها إلى الخارج القذر مرة أخرى ،أرتطمت بصخرة كبيرة لم أشعر سوى أنني وقعت فوق تلك الجثة،دوار حاد أعتراني ،فجأة تحركت تلك اليد المبتورة نحوي،لم أدري سوى أنها أمسكت رقبتي حتى كادت تقطعها،رئتاي غدتا ترتجيان المحيط فقط للحصول على بعض الهواء،نهضت الجثة من حولي وأطلقت عنّان ضحكتها ،تدافع
الكلمات في حنجرتي زاد من فرصة موتي مخنوقة أكثر فأكثر،اليد الأخرى شدّت على شعري حتى أقتلعته ،دماء رأسي تتطافر بأهمال هنا وهناك،أغمضت عيناي لوهلة لأتذكر أرجوحة أحلامي،عائلتي،أصدقائي، الرجل الذي أحببت،كنت أريد كأسًا من الماء،فحسب،لأبلل جفاف حلقي ولأشعر أنني أستطيع المحاربة من أجل نفسي، أنني وجلّة أكثر من أي وقتٍ مضى، الجثّة تُقابلني ويبدو أنها تشاطرني مشاعري،ياللسخرية!
"أنتِ أيضًا قتيلة بالنسبة لقاتل آخر "
نظرتُ بعدم إدراك هل توقف عقلي عن العمل أم أن كلماته أحجية؟ صمت قليلًا ثم أستطرد قائلًا
"نحن نتعذب الآن ثمن كلمات ظنناها أضحوكة فقُطِعت آلآف الأفئدة أزائُها! ثمن من جعلناه محط سخرية الجميع بسبب عمل والده فقط! ثمن من سخرنا من ثيابه الرّثة ذلك الصباح دون اية رحمة ثمن تلك التي جعلناها تؤمن أنها قبيحة ثمن سخريتنا من لكنة أحدهم أو طائفته او دينه، كل جثة هي قاتلة لجثّة أخرى "

نهضت من ذلك الكابوس المرعب منهكة ياللهول ربما لو أستمر لوقتِ اكثر كنت سأظنه واقعًا! نهضت مرتعبة حاولت تدليك صدغي لأهدئ من ضرباته، تناولت أبريق المياه الذي بجانبي وانا اتمتم لنفسي أنه منامُ فحسب
نظرت للمرأة المُقابلة لسريري لأجدها ملطخة بالدماء مع عبارة
"تلك ثمن كلماتك التي ظننتها هيّنة، المعركة لاتزال قائمة لاتكن قاتلًا آخر! "