M.S.A الجزء الثالث
كنت قد اتخذت قراري بالسفر إلى دولتي الجديدة مهما كان رأي أبي ومهما كلفني الأمر، لكني لم أكن أريد أن أسافر وأبي غير راضٍ عني. فهو أكثر من أحببت في حياتي وهو سندي الوحيد. دائما ما كان يحاول تعويض النقص بداخلي بغياب أمي. بالتأكيد لم يستطع، لكن تكفي محاولاته الدائمة. حنانه وخوفه علي لم يجعلاني أريد شيئًا إلا أحضره لي، حتى إذا اختلفت مع زوجته دائمًا يكون في صفي. حتى أني أشعر في بعض الأحيان بغيرتها من حبه لي، رغم أن حبه لي يختلف عن حبه لها. لكني أعذرها دائمًا. نحن النساء نريد الاهتمام الكامل ممن نحب، نغار جدًا إذا دخل دائرة اهتمامه شخص آخر أيًا كان. لذلك أثق أنها ستحاول مساعدتي بكل ما أوتيت من قوة.
في اليوم التالي انتظرت حتى عاد من عمله وجلسنا لنأكل وجبة الغداء. لم نتكلم في شيء، ثم خلد إلى النوم وانتظرته حتى استيقظ ودخل مكتبه. ذهبت إلى المطبخ وقمت بعمل فنجان من القهوة وذهبت إليه وطرقت بابه ودخلت.
• "تعالي يا هند، وعملالي القهوة بنفسك كمان؟"
• "مفيش حاجة تغلى عليك يا بابا."
• "ولما مافيش حاجة تغلى عليا، عاوزة تسافري وتسبيني ليه؟"
• "طيب يا ريت نتكلم يا بابا من غير عصبية، بهدوء."
• "اديني هشرب سيجارة وأشرب القهوة ومفيش هدوء أحسن من كده."
• "جميل، ممكن أسألك يا بابا انت ليه بعد وفاة ماما اتجوزت تاني؟"
• "بصي يا هند، كل إنسان ليه رغبات واحتياجات لازم يحققها، ولما ميقدرش يتخلى عنها من الأفضل إنه يحققها لأنها هتؤرق حياته."
• "بالظبط يا بابا، وكل شخص بيحاول يحقق لنفسه قدر من السعادة، ولو محققتش رغباتك واحتياجاتك هتعيش حياة بائسة حزينة. أنا كمان زيك يا بابا."
• "يا هند، أنا خايف عليكي. عمرى ما ضربتك ولا نيمتك زعلانة، تقومى تروحى تبقى عبده بعد ما عيشتك طول حياتك ملكة؟"
• "يا بابا، انت فاهم غلط. أنا مش همشي بسلسلة في الشارع. أنا هتجوز وهتجوز اللي أختاره. أنا كمان أي حاجة تانية بتتم في إطار العلاقة بين زوج وزوجة."
• "أنا مش عارف ليه انتي عاوزة تحرميني منك."
• "يا بابا صدقني هطمنك عليا دايمًا. ولو حسيت إن في أي حاجة تأذيني هرجع على طول، ده من حقي هناك."
• "طيب يا هند، سبيني أفكر."في اليوم التالي، زوجة أبي أخبرتني أنها اتكلمت معاه وحاولت تقنعه أن أهم شيء هو سعادتي، وأنه ما هي فائدة وجودي هنا أو زواجي هنا مع إحساسي بالتعاسة؟ وأنه من حقي تجربة ما أحب حتى لا أنقم على أبي فيما بعد لأنه كان السبب في تعاستي. وأخبرها أنه سيعيد التفكير بالموضوع وانه سيتكلم معي مرة أخرى. وبالفعل في الليل طلب مني أبي أن أصنع له كوب من القهوة ثم أتبعه إلى مكتبه لنتحدث سويًا. وبالفعل قمت بعمل كوب القهوة وذهبت به إلى مكتبه.
• "بصي يا هند، أكيد انتي فاهمة ومقدرة مقدار خوفي عليكي وعارفة قد ايه أنا بحبك. مش بس بتمنى مصلحتك، لا أنا بتمنى سعادتك كمان."
• "أكيد يا بابا، أنا فاهمة ده كويس وعارفة إنه مفيش حد في الدنيا هيحبني قدك."
• "طيب بما إنك عارفة ده، قوليلي إيه الضمانات اللي تخليني أتأكد إنك هتكوني بخير وأوافق على سفرك؟"
• "الضمانات يا بابا، أول حاجة قوانين الدولة دي بتسمح لي إني أطلب إنهاء العلاقات في أي وقت أحس إن العلاقة دي مضرة بيا. كمان أنا هتواصل معاك دايمًا وأقدر كل فترة أجي أزورك وأنت كمان تقدر تزورني. وبالمرة تعمل سياحة هناك. كمان يا بابا أنا مش هوافق على أي حد كده، وبعدين دي علاقة زوجية يعني."
• "بصراحة أنا خايف يا هند. ولو سافرتي هعيش في قلق طول عمري، ده غير الحزن إنك مش هتكوني قدامي. لكن محبش في يوم من الأيام تكرهيني لأني منعتك من حلمك. أنا موافق بشرط تتواصلي معايا دايمًا."
• "حاضر يا أجمل أب في الدنيا. انت متعرفش فرحتي عاملة إزاي بموافقتك، وأوعدك هحافظ على نفسي."
• "قصادك قد إيه وتسافري؟"
• "قصادي أسبوع."
• "ربنا يحفظك يا هند ويكتبلك السعادة في كل خطوة."
• "بحبك يا بابا."