صداقه من ذهب

26.2K 84 8
                                    

M.S.A الجزء التاسع
-عندما ذكر سيدي أنه سيسعى لإيصالي بنسمه، شعرت بفرحة عارمة وكأنني على أبواب حلم تحقق. كان الأصدقاء، في نظري، نجوماً مضيئة في سماء الحياة، ولا يمكن للحياة أن تكون مكتملة بدونهم. شكرته بحرارة، واحتضنت قدمه بقبلة خاشعة، تعبيرًا عن امتناني العميق.

ثم ذهب سيدي إلى الحمام، تاركًا هاتفه على الطاولة بجانبي. لم أستطع مقاومة الفضول الذي بدأ يشتعل بداخلي، مدفوعًا بشيء من الغيرة والتساؤلات. "ماذا يفعل سيدي؟" كان السؤال يراودني بلا انقطاع. أمسكته بيد مرتجفة، وعيني تتنقل بسرعة على الشاشة المغلقة، أبحث عن أي دليل قد يكشف لي الأسرار المخفية.

لكن، كما توقعت، لم أتمكن من فتح الهاتف بسبب قفل الأمان. حاولت قراءة الرسائل من الشاشة الأمامية دون جدوى. وتفاجأت حين رأيت سيدي واقفًا أمامي، ينظر إليّ بعيون متسائلة، وأنا ما زلت أقبض على الهاتف.

"اتحركتي من مكانك ليه؟" كان صوته حادًا، مثل جليد يقطع الصمت.

لم أستطع نطق أي كلمة، كأن لساني قد جف في حلقي. حاولت إيجاد مبرر، لكنني كنت أعلم أنه لن يكون مقنعًا. "أنا... أنا لم أتحرك... كنت فقط أرى الساعة."

نظر سيدي إلي ببرود، وقال، "استني كده، أبص على التليفون، الساعة كام دلوقت بقى؟"

كان السؤال كالصاعقة، وبالرغم من محاولاتي لتقدير الوقت، لم أكن قادرة على تحديده بدقة. "الساعه 3:55."

"غريب جدًا، توقعت أنها هتكون 4:00، الغريب أن الساعة بترجع لورا."

خفت أن أقول الحقيقة، فزادت من شكوكي. "أنا قلت 3:55، كنت أقصد 3:35."

بدا الغضب على وجهه، وفجأة لمستُ الألم يتسلل إلى جسدي، كما لو كان صاعقة أضاءت في أعماقي. "بصيلي كده... انتي بتكدبي عليه؟"

تدفق الألم في صدري كأنه نهر متوحش، ودموعي سالت دون توقف. "آسفة يا سيدي."

واصل سيدي، "المشكلة مش في أنك اتحركتي من مكانك أو مسكتي التليفون، الأبشع أنك بتكدبي عليه. الكذب بيشيل الثقة ويخلق الشك، وده هيسبب مشاكل كبيرة."

كانت كلماته كالرصاص الذي اخترق قلبي، حيث أن التأنيب النفسي كان أشد قسوة من الألم الجسدي. "آسفة بجد، أنا عارفة أن غلطتي ملوش عذر، بس فضولي سيطر عليّ."

"وده يخليكي تعالجي غلطك بغلط أكبر بكتير؟"

"آسفة، أنا مكنتش عارفة أعمل إيه... حضرتك طول اليوم ماسك الهاتف، والفضول سيطر عليّ، مكنتش عارفة إذا كان مسموح لي أسالك بتكلم مين."

"وشايفه إن ده سبب في إنك تكدبي عليه؟"

"لا، أنا آسفة... أنا عارفة أني غلطت ومستعدة لتحمل أي عقاب، بس تسامحني."

سيدي نظرت إليّ بنظرة قاسية، ثم قال، "الكذب بيشيل الثقة ويحط مكانها الشك. عاوزة تبقي موضع شك؟"

M.S.Aحيث تعيش القصص. اكتشف الآن