الفَصل السابِع عَشر.

2.2K 237 57
                                    

عَوت الرِياح بشراسةٍ بدُجي اللَيل القارِص،تقاذَف الهدوء بإستكانةٍ بآنحاءِ البَيت الخامِد وقد أُطفِئت الآضواءُ قبل سويعاتٍ وسكُنت الأنفُس مُبحِرة بفَردوسِ الأحلامِ السَعيد مِنها والحَزين.

لَم تستطِع الخُلود للنَومِ.
أُجهدت طياتُها مِن حركاتِها المؤرِقة ونبَض رأسُها بوجعٍ متضجرٍ،حتى نهَضت جالِسة بين ثنايا أغطيتِها تستمِع إلى طَنين اللَيل ينعزِف على أنفاسِ الظَلامِ الساكِنة.

التَقطت رداءَها وأسدلَته فوق جسدِها المُلتف بثوبِ نومِها الحَريري،وتحرَكت بتحفُزٍ إلى الطابِق الخاوي برياحِه البارِدة.

مرَت ساعاتٌ الآن على رحيلِ هاري وآندي بعد أُمسِية لم تنبُث بِها سانِي إلا كلماتٍ معدودةٍ،كان عقلُها محلِقًا بجانبٍ آخر يسرِق آنفاسَها ويُثمِل حواسَها بدلالٍ.

توجَهت نحو البابِ الزُجاجِي المُنحدِر صوب الحَديقة الخلفِية للبَيتِ،وإنسلَت بسكونٍ نَحو البُستان النابِض بضَعفٍ. الهواء رحَب بِها بوداعةٍ،والنَسيم الباهِر أشرَق وجهَها برقةٍ.

نظَرت إلى الحَديقة المَضيئة بمصابيحٍ صَغيرة والقَمر يُلقِي بتوهجِه على الحَي النائِم بخَجلٍ،وتنفَست بهيامٍ.
كانَت تِلك هى اللَيالي البارِدة التي تُدثِر بصدرِها ولعّا يُنعِش قلبَها الخامِد.

تيبَست بمكانِها فجأةً،وخُطِفت آنفاسُها لثانيةٍ وهِى تَرى على بُعدِ خطواتٍ يقَف لِوي مستنِدًا على إصيصٍ متدلٍ نائمٍ،ينظُر إلى السماءِ المُضيئة بسكونٍ غير ملاحظًا وقوفَها بالجوارِ.

قضَمت شِفتَها بتردُدٍ،قَبل أن تتقدَم شاعِرة بنقراتٍ في صدرِها تَعلو بشدةٍ. وقَفت بجانِبه ورمَقت جانِبه المُعتِم بهدوءٍ.

"مرحبًا."نبَثت؛لتضطرِب ملامِح وجهِه الشارِدة وهو ينظُر لها بتفاجُئٍ. "اعتذِر،هل قطعتُ أفكاركَ؟"

سكَن جسدُه بتروٍ،رَيثما ينفِي برأسِه ويتنهَد.
"يَبدو بأن النَوم قد هجَر كِلانا اللَيلة."غَمغم،بدى متأرِقًا والتَعب قد رسَم خطوطَه الهَمجِية على ملامِحه المُنكمِشة.

"هل كُل شيءٍ على ما يُرام؟"سألتَه بترقُبٍ.
لم يَعقِب للحظاتٍ،ورأسُه ينزلِق إلى الأسفلِ بتنهيدةٍ كُلِلت بالتثاقُلِ تفِر صدرَه،قَبل أن يقترِب لإنشاتٍ مداعبًا بحرارتِه حرارة جسدِها المُهتز مِن فَرطِ البَردِ.

جاهَدت لتجاهُل كم كانا قَريبان للغايةِ حتى كادَت تُلاحِظ قُزحتيه المُطفئتين،وتنبَهت إلى شِفتيه المُتحدِثتين. "اجَل،كُل شيءٍ بخَيرٍ. بَعض الآمور المُزعِجة وحَسب. سأتخَطى الآمر."

وشَت نبرتُه المُتمرِرة بالعَكسِ،وإن التَزمت صمتَها محاوِلة السَيطرة على مكابِح فؤادِها وعجلاتِ رأسِها عن فتكِ كُل خليةٍ بها.

لَيـالي آوبلَڤـلِت.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن