النهاية

127 8 2
                                    

في الليلة التالية وبعد التأكد من ذهاب آسيا لتلك الحانة تسللتُ لمنزل السيدة عفيفة بينما ذهب بدر خلف آسيا...
كان لابد أن أجدُ شيئاً هُناك، فآسيا و إدريس هما من وجّها التهمة لي بعد اختفاء والدتهم، وأخبروا الشرطة انني لم أكن احبها وكنتُ دوماً أزعجها بصوت الموسيقى العالي الذي كانت كُلما تسمعهُ تأتي لي وتبدأ بـالصراخ والعويل لإطفائه، وشجارنا الدائم حول بَتر شجرة البلوط الواقعة بين منزلي ومنزلها.

بعد أن دخلتُ المنزل والبحث كثيراً في أرجاءهِ وجدتُ في غرفة السيدة عفيفة صندوق صغير كان يحوي على رسائل بريد كثيرة... كانت مُرسلة من زوج السيدة عفيفة!
يقول فيها:
"كيفَ حالكِ عفيفة... كيف حال آسيا؟ حبيبة والدها المُدللة.. هل تدرس جيداً؟ فهي ذكية وتحب أن تُصبح طبيبة، لا تجعليها تحزن ولا تمنعيها من شيء تحبهُ، و إدريس هل لا زال بعقله الصغير؟ كُنتُ أتمنىٰ ان أكون معه لأقدم له النصيحة... بالطبع هو الان شابٌ طائش لا يعلم ما يضرّهُ وينفعهُ، اعتني بهم جيداً عفيفة وهذا مبلغ من المال يكفي لكم إلى حين إرسالي مجدداً"

كما يوجد رسائل من آسيا إلى أبيها كَتبتْ فيها:
"لقد كتبتُ لكَ كثيراً دون ردٍ منك! هل لا زلت أبي أم نسيتَ ذلك؟ ألا يأتي على بالكَ كيف تعيش ابنتك؟ من يُعطيها المال لـتأكل، بالمناسبة لقد تركتُ الدراسة منذ سنوات لعدم امتلاكنا مال يكفي... أرجو ان يكون ضميرك لا زال حياً ربما يعترف بـأبويته"

اختلطت افكاري... حبستُ أنفاسي و لم استطع فهم ما قرأتهُ! أخذتُ ذلك الصندوق إلىٰ منزل بدر وجلستُ اقرأ كل ما فيهِ.

بعد قراءتي الرسائل عرفتُ ان والدهم يرسلُ الأموال بصورة منتظمة إلى السيدة عفيفة ولكن هذه الأموال لاتصل إلى آسيا وإدريس، معنىٰ ذلك إنها عند السيدة عفيفة فقط!

كما إن رسائل آسيا إلى أبيها أيضاً محفوظة في غرفة السيدة عفيفة وهذا يعني إنها لم تُرسَل إلى والدها والدليل انهُ لايعلم أخبارها مثل تركها الدراسة...
الغريب في الأمر هو السيدة عفيفة وسبب اخفاء الأموال عن اولادها... لماذا قد تفعل أُمٌ ذلك!

بعد قراءة بقية الرسائل وجدتُ ايضاً رسالة من عفيفة إلى زوجها تقول فيها:
" اولادك بخير و بأفضل حال... منذُ أن رَحلتَ وأصبحتْ حياتنا أجمل، فقط استمر بإرسال المال لان مصاريفهم كثيرة"

بدا وإنَّ العجوز عفيفة تكره زوجها كونهُ سافر بعيداً وتزوج وأصبح لديهِ عائلة هُناك، و لم يأتِ لزيارتهم أبداً.

عادَ بدر سريعاً تِلكَ الليلة وقالَ إن آسيا تبدو بحالة مُزرية وأخبرتهُ انها تُفكّر بـأنهاء حياتها البائسة!

قدَّمَ بدر خبرٌ للشرطة بأنهُ رأىٰ القاتل الهارب في منزل السيدة عفيفة وبذلك اتجهوا الشرطة مُسرعين، وجدوا آسيا تقف على طاولة وفي رقبتها حبل مُعلّق بالسقف، عند رؤيتها للشرطة هَمّت بأبعاد الطاولة عن اقدامها ولكن يبدو إنها تأخرت كثيراً لتموت الآن...
كانت قد كَتبَتْ رسالة اعتراف وجدَتْها الشرطة، تقول فيها إنها المسؤولة عن مقتل أمها ودفنها في حديقة جارها كونها عَلِمتْ إنَّ أُمها ظلمتها كثيراً وحرمتها من والدها، حياتها، دراستها وجعلتها حبيسة الدار.
بالإضافة إلى إن أمها كانت تقوم بضربها وشتمها انتقاماً من زوجها الذي خانها وتَركَ لها ابنة وابن منهُ...

برائتي و الحبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن