الموت الثاني

29 2 0
                                    

الموت الثاني ...

اصابني زكام حاد ، رأسي اصبح حانة للمخمورين ، الجميع يسكر دون دفع الحساب ، الجميع يرقص بداخله و يكسر الكؤوس و يلعن الحياة .. الجميع ساخطون .. وحدي كنت اتحمل تفاهاتهم و شتائمهم و سخرياتهم و انت لم يحدث معك شيء صح ؟؟ نمت كقطة مدللة و سال لعاب نعومتك على وسادتك الوردية القطنية المليئة بصور الدببة .. 

نمت كفراشة مزركشة فوق غصن مريح .. لا انت لا تشبهين الفراشة بالمرة ، تشبهين فرس نهر متوحش ، لا تنزعجي انا فقط احاول اثارة غضبك ، تعلمين انك تبدين اكثر جمالا حين تغضبين ، و تنزعجين ..! بالكاد كنت امكن نفسي بالصبر على التهامك كحبة كرز مغرية و لذيذة ..
انا عاطل عن الحياة ، منتهي الصلاحية ، اصابتني شيخوخة مبكرة ... مبكرة جدا حتى اني اكتشفت بالامس ان الشيب تسلل لرأسي و التهم نصفه ..! بدوت بشعا ، و زنديقا لكن هذا المرض لا يحزنني كثيرا .. ليس بقدر غيابك القاتل ..!
لم ازر الطبيب و لم أشتري الدواء ، و لم أشفى ايضا لا أزال أعاني من اضطراب بامعائي و الم بمفاصيلي و سعال حاد أكثر حدة من غبائك ، اكره الاطباء و الممرضين و المستشفيات و العيادات الخاصة و ملايات السرير البيضاء و الادوية .. لا لشيء سوى لان الجميع عاجز عن معالجتي و وصف دواء مضاد للإكتئاب و القلق و النحس ..
كيف لي ان أدس مشهد حياة جميلة في عقلي المسحوق بالكآبة ..؟ ان تربة رأسي لا تنبت سوى الشك ، أشك حتى في كونك موجودة ..!! أرأيت حجم الكارثة ..
أعاني الكثير من الصعوبات في النطق ، و التركيز ، و النوم .. في الضحك و التنفس .. في عدم مقدرتي على إجراء أي حديث مع أحد ...
لا أفعل شيء عدا محاولة النوم منذ أسبوع ، أتصارع مع الليل و الأرق و الماضي و الحاضر و المستقبل .. أسقط ، أقع أرضا ، أتهشم ، أعود خاسرا منهكا لحضن الوحدة .. أجهز نفسي لعراك آخر خاسر ... !! يا له من عمر حافل بالخيبات و بالوعود الكاذبة و التصرفات الغبية و المواقف المقرفة و المحرجة ...
أفكر في اللحظة التي يباغثني فيها النوم دون أن أنام !! و في الممر الذي عبرته دون أن أصل 

الموت الثانيWhere stories live. Discover now