"عزيز"
ليس اسمه بل هي مكانَتُه في قلبِ أحدِهم وهي مُتبادِلة بينهما..سيف وجهاد صديقان مقربان جداً منذ الطفولة ولكونهما جارين زاد ذلك من قربهما ..
وبمرور السنين وصلا إلى مُفتَرق طُرق في حياتهما ألا وهي الحياة الجامعية، وقبل يوم من ظهور نتائج القبول في الجامعات كان لدى جهاد موعد مع الطبيب الخاص به فهو كان يعاني من مرض مزمن منذ الولادة .. ولكنه كان يتلقى الدعم والمساندة من أهله وأصدقائه مما يُخَفف من حِدة مرضه، أخبره الطبيب أن مرضه قد إزداد خطره وأنه سيصمد لمدة شهر لا غير .
خرج جهاد مُثقلاً بالحزن وإذا بصديقه سيف يتصل بِه ويُخبِرُه أن نتائج القبول قد أُعلِنَتْ قبل موعدها وأن جهاد قد قُبِل في كُلية الهندسة بينما قُبِل سيف في كلية الطب.
بعد ذلك اليوم بقي جهاد يفكر في ما الذي سيفعله في الشهر الوحيد المتبقي له .. فهو كان قريباً من ربه مواظباً على صلاته بارّاً بوالدته ولكن أكثر ما أهمّه وأحزنه هو كيف سيترك صديقه العزيز على قلبه ووالدته التي كان هو أقرب إخوته إليها .. لم يجد حلاً للتخفيف عن والدته والتقليل من حزنها فهو يعرف مدى تعلُقِها به ولكنه فكّر في صديقه سيف ولم يجد أمامه إلا خيارين (مالذي سيكون أقل ألماً على قلب صديقه؟ خيانة صديقه المقرب أو موته ؟)
بالتأكيد ستكون الخيانة أقل وطأة من الموت على قلب صديقه .. فهو سيحزن لفترة من الزمن ولكنه سينسى بمرور الوقت وسيجد صديقاً آخر ..
آلمته تلك الفكرة ولكنها أفضل ما قد يقلل حزن صديقه .. بحسب عمق تفكيره في ذلك الوقت فقد كان الخيار الأنسب لقلبه المتألم ..
قرر جهاد الإتصال بسيف وإخباره بأنه سيذهب معه للتسجيل في الجامعة ولينتظره عند المدخل ، وعندما حان الموعد إنتظر سيف صديقه جهاد كثيراً عند مدخل الجامعة ولكنه لم يأتي .. ولم يجب على إتصالاته .. وفجأة بينما هو ينتظر رنَّ هاتفهُ معلناً إتصالاً من جهاد يخبره فيه أنه لن يأتي اليوم وعندما سألهُ عن السبب لم يُجِب وإكتفى بالصمت ..
وقال بعدها : دعنا نلتقي عصرَ اليومِ في مكاننا المعتاد.
إستغرب سيف فِعلَ صديقه ولكنه قَبِل عرضهُ لعلّهُ يعلمُ السبب وراء ذلك ..
حان موعد اللقاء .. وحضر كلاهما في المكان المعتاد للقائهما وهو رُكنٌ معينٌ في منتزه ،
بدأ جهاد حديثهُ أولاً وحاول جاهداً أن يجعلَ البرود مسيطراً عليه قدر الإمكان : حسناً يا صديقي هذه هي بداية النهاية بالنسبة لنا .. أنت تعلمُ أنّ والدي قد توفي بسبب خطأ طبي ولكن ما لا تعلمهُ أنّي أكرهُ الأطباء بشِدة وأنتَ ستصبحُ واحداً منهم.. لذلك لا يمكن أن أكون صديقاً لك بعد الآن .
يعلمُ جهاد جيّداً أن مثلَ هذه الأُمور قد لا تنفع مع صديقه .. لكنه يعلمُ أيضاً أن كرامة صديقه فوق كُل شيء لديه وأنه لن يبقى مع شخصٍ يكرهه مهما كان عزيزاً عليه .الصدمة هي كل ما تنطق به ملامح سيف وقد حاول واستفسرَ كثيراً عن سبب كلام صديقه هذا لكنه كان يُقابله بالصد الشديد وحسب .
إستمر سيف بمحاولاتهِ لمعرفة السبب الحقيقي وراء ذلك لمدة إسبوع كامل وكانت آخر مرة يأتي بها لمنزل جهاد عندما ..
طُرِقَ بابُ المنزل وذهب جهاد لمعرفة الطارق .. فكان سيف وقبل أن ينطق بأي شيء قام جهاد بغلق الباب بسرعة في وجهه .. وبعد ذلك اليوم لم يأتي سيف ولم يتصل أبداً ..
وبعدها أصبح سيف في الواقع شخصية عصبية وقليلة الصبر ومنعزل عن الناس .. وبعد ذلك بفترة وجيزة سَمِع سيف بخبر وفاة صديقه جهاد .. أصابته صدمة شديدة وإنطوى على نفسه أكثر ولم يحضر العزاء إلا مرة واحدة بعد إلحاح شديد من أهله وإستمر في وضعه هذا ..
أنت تقرأ
عزيـز | Dear
Short Storyماذا لو وقعت بين خيارين .. أما فراق عزيز او موته ؟ ما الذي ستختاره ؟ وما الذي سيهمك أكثر في إختيارك .. نفسك أم هو ؟