ھل الجن مخلوقات مرعبة ؟

719 25 13
                                    

ذات یوم سألتُ والدي : ھل حدث لك في حیاتك المدیدة أمراً خارقاً للعادة ؟ ، قال لي : ھل تقصد

الجن ؟ نعم كنا نراھم . أثار جوابھ لي الدھشة و الخوف في نفسي ، إبتسم والدي مواصلاً حدیثھ : قبل

أن أغترب في بلاد الغربة طلباً للرزق ، و عندما كان یخرج كل أھل القریة إلى الساحة في الأعراس

( كانت عادة أھل الریف في الیمن أن یخرج الجمیع لساحة القریة في أعراس الزواج ، فالرجال

یرقصون و یزوملون ، و النساء یطبخن مؤدبة العرس ) ، حینھا كنا نراھم و ھم یشاھدونا من نوافذ

البیوت و كأنھم مستمتعین برؤیة الرقص و البرع .

سألت والدي : و كیف كانت أشكالھم ؟

قال لي : كانت أشكالھم بالنسبة لنا غریبة ، فعیونھم مثلاً طولیة و لیست عرضیة و في حركاتھم

رعشة غریبة ، و لكننا لم نكن نخاف منھم ، بل كنا معتادین علیھم ، و في یومٍ ما أمسك أحد رجال

القریة بإحدى الجنیات التي كانت تؤذي أھل بیتھ في كیس كبیر كان یستخدم قدیماً للنوم ، و كنا نراھا

تتحرك في الكیس كأنھا ترافس محاولةً أن تتخلص منھ ، و لم یتركھا إلا بعد أن أقسمت یمیناً ألا تعود

Lfalha.

قصة والدي لیست وحیدة و نادرة ، بل نسمعھا كثیرا في الیمن و الوطن العربي ، بل و نجد مثل ھذه

القصص في تاریخ شعوب العالم قاطبة ، و نجد كثیراً من القصص التي تحكي مقابلة الصحابة في

صدر الإسلام للجن و كیف تعاملوا معھم بل و تغلبوا علیھم ، و كما ذكر المسعودي في كتاب أخبار

الزمان في تعامل بعض البشر تجاریاً مع الجن في بلاد الھند ، حین كانوا یضعون للجن أشیاء و

یذھبون لیجدوا في الیوم الثاني أن الجن قد استبدلوھا بمنتوجات زراعیة .

و السؤال ھنا : لماذا كان یشاھد الناس الجن قدیما دون رعب بل و یتعاملون معھم في أحیان كثیرة ،

بینما في وقتنا ھذا لا تحدث المشاھدة إلا في حوادث مرعبة و مخیفة یزیغ من ھولھا القلب و العقل ؟

ھل أثرت الحیاة الحدیثة و التكنولوجیا و الحضارة المادیة في طبیعتنا و حواسنا فصرنا أكثر جبناً و

خوفاً ؟

حسب وجھة نظري أن الجواب : نعم ، لقد أثرت الحیاة الحدیثة في فھمنا للأمور و صار التلفاز و

السینما بما تبث من أفلام رعب توجھنا و تسیطر على مشاعرنا و تفكیرنا . صرنا نرى عالم الجن

كما تصوره لنا أفلام الرعب في ھولیوود ، مخلوقات مرعبة و شریرة لا ترید إلا أذیة البشر و كل

ھل الجن مخلوقات مرعبة ؟Where stories live. Discover now