الفَصل العِشرون.

2.1K 247 96
                                    

يَـوم الثُلاثاءِ.
الرابِعة مساءً.

مَع نورِ شَمس الظَهيرةِ مالَت الرِياح إلى الشَمالِ لتَذري رقائِق الجَليدِ بسلاسةٍ تلامَزت مع الضَباب الَذي حاوَط السماءَ بكثافةٍ عرقلَت الحَرارة مِن الفِرار نَحو الآجواءِ الساكِنة.

كُل شيءٍ كان مِثاليًا. كُل شيءٍ كان شاعِريًا.
مرَت أيـامًا مَليئة بعواصِف صَبا تُجيح جسدَها المُستلقِي بأمواجِ الهَوى بوداعةٍ،لتُبهِج روحَها التي أُحييت مِن جَديد.

مرَت أيـامًا منذُ أن تلَقت أول إعترافًا بالحُبِ غير مُباشِر من لِوي،وإن لم تستطِع أن تَكون أكثَر ابتهاجًا بأفعالِه الَتي تُهيمن على قلبِها وتُضحِده بهَيامٍ يتزايَد بلَياليهما الغَرامِية الخاصَة.

سمَحت لنفسِها بتناسِي خواطِرها السَلبِية وطرَدت بحديثِ آندِي الحاقِد بعيدًا؛فهو قد أثبَت أنه عَكس كُل تِلك الِاتهامات،أثبَت بأنه يستطيع أن يُحِب أخيرًا.

اليَوم كان اليَوم المُنتظر،يَوم حفلِ آندِي التاسِع والعِشرين. لِذا حينَما قطَعت جلسةَ قراءتِها مَع زَين مبكرًا،هو لم يُصدِر اعتراضًا واضِحًا رَغم تبرُمِه.

هو كان مُستوفى المَعلومات عن عِلاقتها الَتي إنطلَقت بسماءِ الجَوى مع لِوي،وبِرَغم تحذيراتِه المُستمِرة وشكوكِه الدائِمة،هو لَم يستطِع أن يقنِعها بالحَرصِ،لقد كانَت مُغرمة حَتى الصَميم.

فمَهما كانَت قوِية العَزيمة،المرأة هِى المرأة بقلبِها الناعِم.

ولَجت إلى البيتِ الهادِئ بخُطىٍ متخاذلةٍ،مُثقلة الصدرِ من تِلك الحَفلة التي تترَقبها. هِى لم تود أن تُواجِه آندِي مجددًا،وإن كان هذا حقَها على هارِي الَذي لم يُعامِلها إلا بكُلِ إحسانٍ.

كادَت تطئ قدمُها سلالِم الطابِق العُلوي،حينما صدُرت حمحمةً حادةً سَمرتها بتفاجُئٍ وجعلَتها تستديرَ بلسانٍ لُجم.

كان لِوي يقَف على بابِ مكتبِه،مستنِدًا على إطارِه معقود الذِراعين ومُقطب الجبينِ،بنظراتٍ ترجَمت بمزاجٍ متعكرٍ.

"لقَد فاجَئتنِي."ذابَت ملامِحُها بابتسامةٍ دفيئةٍ،وإن لم يُقابِلها بالمَثلِ. كظَم فكيّه للحظةٍ وإعتدَل بوقفتِه بتجهُمٍ. "ما الَذي قُلته مِن قَبل عن قضاءِ الوَقت بمنزلِ مالِك؟"

تحَيرت. ذلِك الحَديث القَديم كان مِن العَجيب أن يتِم فَتحه الآن فجأةً،ولكِن أمام رصاصاتِ عينيه المَغلولتين بانفعالٍ ما،لم تستطِع المُراوغة.

"زَين صَديقي،لِوي. أنا لستُ مستعِدة لكَي أقطَع صِلتي بِه بلا سَببٍ. إنَه الشَخص الوَحيد الَذي أرتاحَ بالحديثِ مَعه."إحتدّت باستغرابٍ،دون أن تستعِب كَم أن كلماتُها قد أشعلَت فتيلًا غاضِبًا بداخِله.

لَيـالي آوبلَڤـلِت.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن