3 "اللقاء الأول"

2.5K 136 2
                                    

اليوم:٢٣/٨/٢٠١٥ الساعة: العاشرة صباحًا دخل (خالد) في نوبة بكاء وانهيار شديدة بعد أن أبلغه أبوه بكل ما حدث في الليالي السابقة وعن ابن خالته الذي تسبب في ضياع عينيه؛ لاحظ (أحمد) أن ابنه حقًّا لا يشعر بشيء من حوله وكأنه يتحول لشخص آخر فجأة... كما أنه حاول تهدئته.. - (خالد) حبييي أنا مش فاهم إيه اللي حصلك يابني اسمعني كويس إحنا لازم نروح لدكتور نفسي أكيد هو هيفهمنا سبب كل اللي بيحصل ده ماتخفش يا حبيبي أنا معاك والله... لم يكن (خالد) يشعر بأي شيء من حوله ولا بحديث والده إليه، هو لا يشعر إلا بالألم الداخلي والنفسي الذي يشعر به الآن بسبب ما فعله وهو لا يعلم كيف ومتى ولماذا

فعله!... - يابني اهدى أنا متأكد إنك مريض وإن كل اللي انت فيه ده مش بإرادتك... أخذ (خالد) يجفف دموعه ويحاول أن يهدأ ويتملك من التحدث حتى قال بنبرة منكسرة للغاية: - هو أنا هفضل محبوس هنا يا بابا؟ نظر إليه (أحمد) وعيناه كلها شجن ثم استجمع قوته قائلًا: - غصب عني يا حبيبي، أنا خايف عليك وعلينا، معلش فترة وهتعدي أنا هسيبك دلوقتي ترتاح حبة والليلة دي تعدي بس بالطول أو بالعرض وأخدك ونروح للدكتور، ماتخفش يا (خالد) أنا معاك... - كنت بحاول أهديه وأنا من جوايا مرعوب بس كان لازم أستحمل عشانه، رُحت شغلي اليوم ده وكنت دايمًا بكلم أمه وبسألها عنه وكانت بتقولي إنه طبيعي وكل حاجة هادية

لحد ما جت الساعة ١١... ***

اليوم: ٢٣/٨/٢٠١٥ الساعة: الحادية عشرة مساءً كان (أحمد) يجلس في مكتبه الذي يعمل فيه كأحد أكبر مديري الشئون الإدارية لشركة مشهورة للغاية في مصر، وبينما هو منغمس في عمله وفي الأوراق التي تحيطه من كل اتجاه بسبب تأخره عن العمل لمدة يومين، طرق باب مكتبه ليدخل إليه سكرتير مكتبه الخاص قائلًا له: أستاذ أحمد في واحد بره اسمه (فارس جلال) عايز يقابل حضرتك وبيقول إن الموضوع مهم جدًّا...

سمع (أحمد) الاسم الذي لم يكن غريبًا على آذانه ليقول بتلقائية شديدة: - خليه يدخل بسرعة.. دخل إلى المكتب بخطوات بطيئة ومترددة شاب يُدعى (فارس) وهو صديق (خالد) منذ الطفولة وعندما رآه (أحمد) رحب به فورًا قائلًا: - (فارس) حبيبي تعالى ادخل. تقدم (فارس) نحو المقعد الذي يوجد أمام مكتب (أحمد) بخطوات بطيئة ويد مرتعشة وقلقة ليمد يده للمصافحة، ثم يسمح له (أحمد) بالجلوس ويتركهم السكرتير في المكتب مغلِقًا الباب خلفه... سأله (أحمد) بفضول: - إيه كنت عايزني فإيه يابني خير؟! ابتلع ريقه بصعوبة ثم قال بنبرة متوترة: - كنت عايز أتكلم مع حضرتك يا عمو في موضوع بخصوص (خالد)...

نظر إليه في اهتمام شديد قائلًا: - موضوع إيه؟ - (خالد) بعتلي إمبارح مسدج على "الواتساب" وحكالي فيها إن حضرتك حابسه بسبب إنه بيعمل تصرفات غريبة وإنك حكيتله إنه هو كان هيقتلك بس هو مش فاكر أي حاجة... - دي حقيقة يابني أنا مش عارف إيه اللي بيحصله ده، بقى خطر على نفسه وعلينا عشان كده هاخده بكره وأروح بيه لدكتور نفسي لإني لازم أفهم إيه اللي حصله وسبب كل ده إيه... - أنا عارف السبب... وبفضول شديد سأله: - إيه يا (فارس) إيه هو السبب؟! - الموضوع بدأ أول لما كنا في سفرية الساحل وبالتحديد لما وصلنا ڤيلا صاحبنا اللي هناك اللي كنا رايحين نقعد عنده كل حاجة كانت ماشية تمام أول تلت أيام وكنا مبسوطين لحد ما في يوم واحنا قاعدين بالليل سمعنا صوت كلب عمال يعوي بصوت عالي أوي خرجنا عشان نشوف في إيه، لاقينا كلب أسود شكله وحش أوي خوفنا في الأول نقرب منه بس (خالد) ماكنش خايف... ***

اليوم: ١٧/٨/٢٠١٥ الساعة: الواحدة بعد منتصف الليل - في إيه ياجدعان انتو هُبل ده كلب بلدي يخاف من خياله أصلًا.. قالها (خالد) وهو يقترب نحو الكلب الذي كان يقف أمامه ولا يظهر عليه أي علامة من علامات الخوف التي يتحدث عنها، بينما

كان يقف محدقًا إلى (خالد) الذي كان يقترب منه بينما يقف على باب الڤيلا أصدقاؤه وهم يراقبون من بعيد ما يحدث، اقترب منه للغاية ولكن استوقفه فجأة صوت رجل يقول بفزع: - ابعد عنه، ابعاااااد.. التفت (خالد) نحو مصدر صوت هذا الرجل الذي كان يأتي من بعيد وهو يسرع بخطواته نحو الڤيلا ولكن لم تكن ملامحه واضحة إلى أن اقترب فهو رجل في الأربعينات من عمره له شارب سميك أسود اللون وشعر أبيض، سأله (خالد) بنبرة تهكميةٌ: - انت مين وكنت بتزعق ليه كده؟! أخذ أنفاسه بصعوبة ثم قال وهو ينهج: - اوعى تقرب من الكلب ده تاني ولا تمسه بسوء يابني فاهم... ابتسم (خالد) بسخرية: - ده اللي هو ليه يعني وبعدين انت مالك؟!



- يابني الكلب ده أسوأ حاجة ممكن تشوفها... اقترب أصدقاء (خالد) عندما وجدوا الحديث الدائر بين الرجل وصديقهم ليقتربوا نحوهم ويستكمل الرجل حديثه قائلًا: - الكلب ده كان بتاع راجل غلبان وكان بيشتغل حارس على الڤيلا دي زمان وفي يوم الحارس بتاعه دخل عليه بالليل اتنين وقالوا أن عربيتهم وقفت على الطريق ومحتاجين مساعدة ولما قرب منهم الحارس ضربوه على راسه جامد عشان كانوا عايزين يدخلوا يسرقوا الڤيلا بس الكلب ده قام ولما شافوه وحاول يمسك بسنانه فيهم قتلوه هو كمان ومن ساعتها والكلب ده بيظهر هنا ويُقال إن ده شبحه بييجي يعوي على صاحبه بالليل زي ما شوفته كده ويمشي وأي حد بيفكر يئذيه نهايته بتكون صعبة، الكلب ده عليه قوة ربنا يحفظنا منها ماتقربوش منه تاني أرجوكم وأنا جاركم


هنا في الڤيلا اللي جنبكوا اسمي (رؤوف سعدي) وبعد ما انتهى (رؤوف) من حديثه صمت الجميع وكأنهم ينصتون في ذهول لما يقول ولكن (خالد) كان يرتسم على وجهه ابتسامة سخرية ليقطع صامته قائلًا: - طيب يا عمو احنا آسفين أوي مش هنئذي الكلب البلدي ده تاني عشان شكله طلع خطر وأنا خوفت.. - انت بتتريق؟! رد عليه بنبرته التهكمية المعتادة: - لا لا خالص أنا مصدقك بس إحنا عايزين ندخل بقى جوا عشان الجو بدأ يحرر.. التف لأصدقائه وهو يغمز بعينه لهم قائلًا: - يلا بقى بينا ولا إيه عشان الجو حرر.. - مش هكدب على حضرتك وأقولك إنه من بعد ما سمعنا كلام الراجل اللي اسمه (رؤوف) ده إني عن نفسي ماخُفتش، أنا خُفت وجدًّا كمان بس عشان (فارس) دمه خفيف فضل يضحكنا وخلانا إحنا كمان ناخد الموضوع بهزار وضحك، لحد ما جه تاني يوم.. ***








منتصف الليلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن