نكهةُ الكرز | MJ

نكهةُ الكرز

__

رُبما عبثه الغير مُنتهِي بأطرافِ الأوراق لم يكُن بالتظاهر المثالِي بالانشِغال، لقد كان يعلمُ هذا تمامًا.

كان قد جرب مرةً القراءة لكن التملُل تمّكن مِنه، ولم تكُن القراءة حتى بالفِكرة الجيّدة، فاختلاسهُ للنظرات لم يكن كافيًا، كان يودُ التحدِيق جيدًا، حفظِ التفاصِيل ورسمُها في عقلِه، حتى ما إذا ابتعد عن مجرى رُؤيته، عاد للتفكِير بكُل تفاصِيله من شعرِه شبيهُ الفراولة إلى حذائِه الأبيض البالِي .

كانت تجذبهُ تِلك العينانِ الجوزِية، بالرُغم من انها عادّية ولم يُوجد ماهو مميزٌ بِها، الا أنها تحملُ طويةً مخفِية شيءٌ يجعل معدل إنجذابِه اليها عالية، حتى صار يجلسُ على كرسِي الصنُوبر فِي الساعة الثالِثة عصرًا، ينتظرُ من تلك العينان ان تخبرهُ للمرة المئة بكم هِي قادرة على التلهِي بقلبه الواهِن .

هُو اخيرًا استقام من مكانِه، واضعًا الأوراق جانبًا، ثُم سار بخطواتٍ سرِيعة نحو العربة البيضاء .

"مساءُ الخير ياسيدِي، مالنكهة التِي تودُها؟"

خرج صوتُه الهادئ اللطِيف كنغماتِ أغنية أحب الاستِماع اليها، نغماتٍ اختارت من قلبِه مكانً للمبِيت، والاحتفالُ بضجيجٍ يكادُ يقسم بأنه مسموعٌ الى العالمِ اجمع .

"نكهةُ الكرز"

هُو قال بهدُوء لا يعكس مابداخِله من فوضى، ليُعطيه شبِيه الفراولة ابتسامةً ودُودة قبل ان يومأ برأسِه ويمسك المغرفة باصابعِه الحنطية الفاتِحة، شاعرًا برغبةٍ اجتاحتهُ بامتلاكه لتلِك الاصابع بين اصابعه .

راقبهُ من غير ان ينبُس بحرفٍ آخر، ليسلمهُ بعدها مخروط المثلجات بنكهةِ الكرز، النكهة التِي اعتاد طلبها منذُ وصُوله، النكهة التِي لم تكن المُفضلة اليه، المُثلجات لم تكن بالمفضلة اليه، لكن استخدامها كعُذر للحصُول على ابتسّامةٍ تجعلهُ يطلب الرحمة لنفسِه الضعيفة وتحدِيقات اقرب الى عيناهُ المرهفة، وملامسات أصابِع غير مقصُودة عند استلام المثلجات.

أخرج المَال من جيبِه، ثُم سلمه إياه، كان يتمنى لو الوقتُ يقف فِي صفه مرةً ويجعل هذا اللقاء يدُوم اطول..حتى..

هُو لم يعلم مادهاهُ عندما وجد نفسهُ يعود الى شبِيه الفراولة، ثُم متفاجئًا بقوله :

"هل انت مُتفرغ الليلة؟"

اللعنة، اللعنة، مالذِي تلفظ فمه الأحمق بِه للتو؟!