"البارت الثاني"

21 6 9
                                    


"البارت الثاني"

رميتُ بما بيدي زافراً بحنق لألتفت لهاتف مهى ، أخذته بينَ يدي لأرى ما قد تخفيهِ عني ، لكنَّني صُدِمت من أوَّلِ نظرة ..

صورة الشاشة ...
ذلك النائمُ مغلقاً جفنيه بإسترخاء ، و قد وضعت جملةَ

~My silent love ~ ..
هل هو أنا؟؟؟!!!
شددتُ ما بين حاجبي محاولاً بجهدٍ جهيد أن أستوعب ما أرى ...
فكَّرتُ مطَوَّلاً كيف لها أن تكتب شيئا كهذا على صورة شخص لم ترى منه إلَّا الجفاء، فهل تغزَّلتُ بها و أنا نائم مثلاً ...
اعتلت مني ضحكة لما تبادرَ بذهني ، و سرعان ما تبدَّلتِ الأحوال عند سماعي لصرير باب الشقة الخشبي اللون ..
رميتُ الهاتف مكانه و بدأت بالتلاعبِ بجهازِ التحكم لأراوغ ما قبل لحظات و عندما قالت متسائلة تساءلها الفارغ -
-أنت هنا ..؟!

أجبتها بالصمت الذي يبدي عدم الإكتراث ، بينما ذهني قد تشوش لما وقعت عليه عيني قبلَ ثوان ...

•••••••••••••••
••••••••••••••

دخلتُ المطبخ و أنا أسلِّي نفسي ببعض الأناشبد التي حفظتها عن ظهر غيب و بدأت بتقطيع الخضروات المطلوبة لخلطة صينية البشميل ، من الجيِّد أنَّ أمي لم تدلِّلني كثيرا، وإلّا لكنتُ في خبرٍ كان...

وضعت شوربةَ خضارٍ خضراء و جهزت كلَّ ما يلزم ثمَّ جلستُ أنتظر حتى يطهوا الطعام على حرارةِ النار ...
فكَّرت بدايةً بكيف سنتدبر أمور معيشتنا بإستقلال و أحمد غير قادر على العمل بهذا الوضع ،كيف يجدُ عملاً حقاً، و لا داعي للتفكير بعملي أنا فمن المؤكَّد أنَّه لن يقبل لأطرح الفكرة ...
تركت ُ التفكير من هذه الناحية لأتسلَّى بالنظر حولي ...
المطبخُ واسع و منظره بهي بتلك الأدراج و الدواليب ذات اللون الخشبي الذهبي و الفرن الكهربائي الموضوع بالجانب الأيسر و الثلاجة قد أخذت متَّسعها في مكانٍ مستقل...
أحببتُ المكان إلاَّ من الفراغ الذي يجتاحني ، أظن سأجنُّ قريبا ً و أبدأ سلسلةِ أحاديثٍ مع نفسي ...
خلوِّ المكان يذكرني بالفوضى التي كانت نكهة عملي مع أمي و أخواتي الثلاث في ذلك المطبخ المصطبغ بالطابع المزرق و الأبيض ، لكم اشتقت لهم جميعاً ...
تنهدتُ بعد برهة و أنا أتنبه لغفلتي عن الشوربة التي انسكب نصفها على أطراف الفرن لأنهض مسرعة متجاهلَةً أفكاري التي لا تغني و لا تسمن من جوع...

•••••••••••••••••
•••••••••••••••••

أتصفَّح قوقل لأرى ما هيَ نهايتي مع هذا الوضع المزري ، بعثرتُ شعري بفوضوية ليأسٍ قد دخل قلبي ...
نظرت لقدمي كما اعتدت ان افعل كل خمس دقائق ، أتذكَّر آخر مرَّة شعرتُ بها ...
آخر مرَّة خطوت بها كرجلٍ سوي لولا ذلك الحدث الملعون..
أجل ، حين كنت أعبر الشارع كباقي الناس و أتى والدُ مهى لينهي مستقبلي و يأخذ مقدرتي على التحرُّك كما يفعل هو و هي ...
لذا، لن أسامحهم و سوف أريهم الجحيم كلَّ يومٍ ليتذوقوه معي...

لجمال حياة رسمتها الأقدار نسعى حيث تعيش القصص. اكتشف الآن