الثامن & هاربة & صابرين شعبان

5.3K 320 21
                                    

الثامن

كانت صرختها الخافتة كأنها دوي مدفع ضرب في أذنه ليجد راحته تضرب على الباب بقوة و عصبية عندما لم تستجيب على الفور وجد نفسه يبتعد عن الباب و يعاود ضربه بجسده عدة مرات حتى تحطم المزلاج و فتح الباب ليجدها تقف في منتصف الردهة تنظر للباب و إليه بصدمة و يدها ممسكة بكوب ماء واضعة يدها الأخرى به سألها بعصبية " أنتِ بخير . لم كنت تصرخين "
تنفست فاطمة بقوة قبل أن تنتبه لم ترتديه فعادت للداخل راكضة "استند بيبرس بتهالك على الباب بعد أن أغلقه تلك الحمقاء لم كانت تصرخ إذا كانت بخير " تبا ليتني تركتها لرامز علوان "
عادت فاطمة ترتدي  سروال واسع من القماش الناعم و قميص طويل يصل لركبتيها . وقفت أمامه متخصرة و هى تعقد حاجبيها بغضب
تمتم بيبرس بسخرية " ليس أفضل مما كنت ترتدينه قبل قليل "
زمجرت قائلة بغلظة " أولا أفتح الباب . ثانياً كيف تدخل بهذه الطريقة الهمجية ثالثاً ما الذي جاء بك لهنا تفضل للخارج شاكرين  خدماتك سأعود لمنزلي لوحدي ..."
شهقت فاطمة بفزع و هى تشير لذراعه الدامي قائلة " ماذا حدث هل أصبت من الباب "
نظر بيبرس لذراعه التي تلوث رباطها الأبيض بالدماء بعد أن ضرب الباب بكتفه مؤكد فتحت قطب جرحه مرة أخرى . قال لها بخشونة بعد أن سب بغلظة " لم كنت تصرخين أيتها الحمقاء لقد سقط قلبي في قدمي "
سألته فاطمة بدهشة" كيف سقط في قدمك "
نظر إليها بحنق تريده أن يشرح حقاً  عادت لتزجره قائلة بغضب بعد أن انتبهت لنعته لها بالحمقاء .. " إياك أن تسبني أيها الوغد من أنت لتأتي هنا و تضايقني"
أعاد بيبرس حديثه السابق بملل " بيبرس تاج الدين أيوب أرسلني السيد قطب لأبحث عن ابنته الوقحة التي تركت عرسها هاربة مخلفة خلفها فوضى عارمة من عريس مهجور و أم مكلومة و أب غاضب و شقيقات حزينات و أخ نزق و جدة متحمسة كأنها ستقوم برحلة سفاري "
كادت فاطمة تضحك لتذكره كل كلمة قالها لها بل العجيب أنها هى تتذكر كل كلمة أيضاً رغم مرور هذه الأشهر الطويلة . تفحصته بتوتر هل فقد بعض الوزن . أم فقط كونه مصاب .  هل أصيب في أحد مهماته لذلك يضمد ذراعه ، يا إلهي هل هى تتذكر كيف كان حتى تلاحظ كيف أصبح  . تحركت تجاهه سأله بتوتر  " هل اصابتك هذه بسبب الباب "
نزع بيبرس الرباط عن عنقه و أنزل ذراعه بألم قائلاً " لا هو كان مصاب فقط عاود النزف . هل لك أن تأتي معي الأن مؤكد جدتك أخبرتك أن تعودي بهدوء هذه المرة من أجل والدك "
قالت فاطمة ببرود " أنا لم أهاتف أحد و لا أحد أخبرني بشيء . هل لك أن ترحل بعد أن أضمد جرحك "
قال بيبرس بلامبالاة " حقاً لم تحادثك غريب هذه العجوز كل مرة أراها أهدئ من المرة التي قبلها . "
ردت عليه بغلظة " بما تخرف و لا تقل عن جدتي عجوز "
نظر إليها ببرود متفحصا  قبل أن  يلفت حوله قائلاً " أريد الجلوس ألا مقعد هنا "
زمت فاطمة شفتيها بضيق هل سيبقى معها وحدهما هنا . قالت بضيق و هى  تشير لغرفة الجلوس " لا تفكر أنك ستظل هنا كثيرا . فقط سأضمد ذراعك و ترحل "
قال بيبرس بهدوء " لا تشغلي عقلك بذراعي و أخبريني لم كنت تصرخين "
قالت تجيبه بخشونة " لقد احترقت يدي و أنا أقلي البطاطس "
نظر ليدها بتفحص فقالت ببرود " لا تشغل  عقلك بيدي و أخبرني كيف أصبت "
رغم عنه ابتسم بيبرس لمعاملته بنفس البرود  .. جلس على المقعد مكان إشارتها كانت غرفة جلوس  كلاسيكية بقماش قطيفة ناعم ما بين أزرق و أحمر قاني برسوم روميو و جولييت . قال بيبرس بهدوء و هو ينظر للصورة المعلقة على الحائط و هى تمثل روميو و جولييت أيضاً بوضع حميمي مختلف فقال بسخرية " المرأة العجوز يبدوا أنها كانت رومانسية ميؤوس منها لتملئ المنزل بكل هؤلاء العشاق حولها على الحوائط و الأثاث "
زمت فاطمة شفتيها بضيق فجدتها بالفعل من عشاق هاتين الشخصيتين الخياليتين . و بالفعل تحيط نفسها بهم في كل مكان في المنزل .. " هل تريد شرب شيء "
قال بيبرس بهدوء " طبق بطاطس إذا أمكن "
رفعت فاطمة حاجبها  باستنكار " هل تظن أني سأطعمك "
قال بيبرس بسخرية " جزاء بحثي عنك .. أم  ربما كونك فاشلة في كل شيء هو من يجعلك تهربين من عرسك كل مرة "
أشارت فاطمة للباب قائلة بحنق " هيا أذهب من هنا يا سيد و لا تصدع رأسي بحديثك و لا تتدخل في شؤوني "
وضع قدم فوق الأخرى و قال ببرود " أنا لم أقابل فتاة مستهترة مثلك من قبل . ألم يقبل بك الرجل الذي تهربين من أجله كل مرة "
ردت فاطمة بغضب " ليس من شأنك . هيا أخرج من منزلي "
قال بيبرس ببرود " لا خروج إلا و أنت معي لمنزل والدك "
قالت فاطمة متخصرة بحقد " أريني كيف ستجبرني على الذهاب "
ضغط نواجذه ببرود هل تظن أن أصابه ذراعه ستمنعه من أخذها بالقوة إذا أراد "هل ملابسك مناسبة للذهاب "
ضربت قدمها بالأرض احتجاجا قائلة " أنت أيها الوغد لا تثير جنوني أذهب و إلا قتلتك "
رد بيبرس مغيظا " أقتليني إن استطعت "
رفعت يديها جوار  رأسها صارخة " يا رجل لا تثير غضبي  هيا أذهب إلى الجحيم من هنا "
قال لها بتحدي " سأخذك معي لهناك أيضاً "
تلفتت فاطمة حولها تبحث عن شيء تقذفه به . لاحظ نظراتها و قرأ أفكارها فقال بهدوء لامبالي " لا تفكري بتهور يا جميلة و إلا سيكون عقابك على يدي لم تتوقعيه يوماً  ربما قمت بتربيتك و علمتك الأدب أيتها الوقحة   "
نظرت إليه بصدمة ماذا يقول هذا الرجل تربيتي أنا . تأديبي أنا
" هل أنت مجنون " سألته بعنف
أجاب بيبرس بسخرية " منذ رأيتك "
صمتت فاطمة و نظراتهم لبعضهما  متحدية  الرجل لم يرها سوى عدة ساعات و من أشهر . هل يكرهني لهذا الحد ليتعامل معي بتلك الطريقة المقززة ماذا فعلت له . هل يظن حقاً أني مدللة أهرب من رجل لأجل رجل أخر و يرفضني بدوره  .. أخذت نفس طويل قبل أن تقول ببرود " سأعود للمنزل وحدي تفضل انصرف "
سألها بيبرس بخبث و هو يتلفت حوله " هل حبيبك هنا و تخشين أن أراه فأخبر أبيكِ "
لم يعرف بيبرس ما حدث ليجد فاطمة جاثمة على صدره بركبتيها  و يديها تحيط عنقه و هى تصرخ غاضبة " أيها الوغد سأقتلك الأن "
رفع يده السليمة ليمسك برسغها بقوة كادت تحطم عظامها لتتأوه بألم و هو   يبعدها عن عنقه قائلاً ببرود " هذه التصرفات الطفولية مثيرة للشفقة حقاً . هل حديثي جرحك أم ضايقك كونه صحيح و أنا كاشفك "
زمجرت فاطمة بغضب " أصمت يا رجل أنت مجنون و تتفوه بالهراء أقسم أن أقول لأبي و لن تنال مليما واحد من مالك الذي تتقاضاه "
أجابها بيبرس بلامبالاة ساخراً " و هل أخبرك أبيكِ البخيل أني أخذت مالا المرة الماضية . أنتِ مهمة خاسرة  لي أقبل بها شفقة على أمك و شقيقاتك اللذين يتضررون بسببك . لقد تزوجت شقيقتك مرة أخرى بدلا عنك أيتها الفاسدة الأنانية "
هذا كثير ماذا يهرتل به هذا المخبول . تبا و لكن معه حق  من ينظر للأمر من بعيد سيجد بالفعل أنها تهرب من العرس تاركة إحدى شقيقاتها تتزوج عريسها بدلاً منها . " و ما شأنك أنت هل هن شقيقاتك أنت أم هل تخشى أن يتزوجنك أنت "
قال بسخرية " و من قال أني سأقبل بالزواج من مستهترة مثلك  تهرب يوم زفافها من أجل رجل أخر  ربما فعلتها معي أيضاً "
ردت بجنون فهو سيصيبها بسكتة قلبية من بروده " و من قال أني أقبل بحقير مثلك أيضاً "
رد ببرود " متفقين إذا أننا لا نقبل الزواج من بعضنا هل تهبطين من على صدري الأن فقد ضاق تنفسي و أجلبي حقيبتك لنرحل فذراعي بدأ يؤلمني  "
تقسم أنها لم تعي أنها مازالت تجلس بساقيها على صدره و يدها ممسكة بتلابيبه  ابتعدت فاطمة بغضب و تحركت لتجلب أشيائها فالأفضل أن تعود للمنزل بالفعل و إلا ستجن من هذا الرجل فهو يخرج أسوء ما فيها ..

جالسة بجانبه في السيارة تشعر بالغضب و ممتنة أنه صامت لم يتفوه بكلمة يغيظها كالمرة السابقة . نظرت لذراعه شاعرة بالذنب فهى نست تماماً أنها تنزف لقد تبللت كم قميصه و جانبه تماماً و هذا يعني أنه نزف كثيرا . قطعت هى الصمت و قالت بهدوء " لم لا تتوجه للمشفى في طريقنا أولاً و يمكنك أن تعيدني فيما بعد "
التفت إليها بهدوء . يتفحص ملامحها فهو بالفعل بدأ يشعر بالضعف ربما كونه لم يتناول طعام من وقت طويل أو ربما بسبب هذه الدماء النازفة من ذراعه . قال بيبرس ببرود " هل أنت جائعة يمكننا الوقوف و تناول الطعام "
شعرت بالشفقة عليه رغم غضبها منه فقالت موافقة " نعم لم لا فلتتوقف أمام أي مكان لبيع الطعام و تحضر لي البعض سنأكل هنا في السيارة لا داعي للذهاب لمكان بملابسك هذه ليظنوا أنك هارب من معركة أو قتلت أحدهم "
لم يجيبها بيبرس و ظل يقود سيارته لبعض الوقت قبل أن يتوقف على قارعة الطريق  بجانب عربة لبيع الأطعمة فسألته بشك " هل سنأكل من هنا "
أجابها بيبرس بلامبالاة " نعم بالطبع ألم تقولي أي مكان "
قالت بضيق " و لكن أنظر مظهره ربما هو غير نظيف فيصيبنا بالتسمم "
أجابها ساخراً و هو يترجل من السيارة " لا تخافي لن تموتي قبل أن تتزوجي تعيس الحظ من دعت أمه عليه في ساعة فجرية "
كادت تسبه و لكنها قالت ببرود " جيد أني سأتزوج أما أنت فلن تجد من تتزوجك من الأساس أيها الغليظ "
توجه للعربة و تجاهل حديثها مما جعلها تثور لم حديثه يغضبها بينما حديثها لا . اللعنة عليه بارد .. عاد و جلس في السيارة فلاحظت ملامح التعب على وجهه فقالت بغلظة " هيا تناول الطعام حتى تعيدني للمنزل "

لا تعرف لم وقفت خلفه عندما فتح باب المنزل . هل تحتمي به يا ترى . قالت فخرية بفرح " حبيبتي عدت "
تنفست الصعداء عندما فتحت جدتها الباب و اندفعت فاطمة تضمها بقوة و هى تبكي لا تعرف سبب بكاءها و لكنها شعرت بالتوتر  و الضغط من كل شيء يحدث معها و رغم نواياها الجيدة إلا أن
الشعور بالظلم شعور سيء عندما لا تستطيع أن تدافع عن نفسك " جدتي أنا أسفة لن أعيدها مجدداً "
خرج والدها ثائرا و هو يندفع إليها بغضب " لن تكرريها أخيها أيتها الوقحة لأني سأقتلك الأن لفعلتك هذه و فضيحتنا "
ابتعدت فاطمة عن. صدر  جدتها و بدلا من الاحتماء بها عادت لتختفي خلف ظهر بيبرس مما جعل عيني جدتها تتسع دهشة من فعلتها التي لم ينتبه لها أحد غيرها .. قال بيبرس بهدوء يوقف الرجل
" سيد قطب أهدئ إذا سمحت لقد عادت الآنسة سالمة عليك المرة المقبلة التأكد من  موافقتها على العرس حتى لا تتسبب في فضيحة أخرى "
كادت فاطمة تلكمه على مؤخرة رأسه بعد حديثه هذا الوغد يثر جنون والدها أكثر . خرج نادر قائلاً عندما راها " ها عدت . هل نستطيع تناول الطعام الأن "
ليكون هو كبش محرقة أبيه بدلاً من فاطمة ..
نجوتِ فاطمة أيتها المحظوظة ...
"هذه المرة فقط يا جميلة " قالها بيبرس هامسا كأنه علم ما تفكر به
نعم هذه المرة فقط ؟!

****★****★****★****★****

هاربةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن