الثامن عشر
نظرت فاطمة لدهب بحيرة قائلة " لا أفهم حبيبتي ماذا تطلبين أن أقول عندما يأتي مراد و يسألني والدي "
ردت دهب بتوتر " أخبريه أنك لن تستطيعي الزواج به لأنك تعلمين أني أحبه و لذلك هربت من الزفاف "
قالت فاطمة بحزن و علمت نوايا شقيقتها " و لكنك لا تحبينه دهب و إنما تريدين إنقاذي أليس كذلك "
ردت دهب بصدق " لا .. لا أريد فعل ذلك لإنقاذك كما تظنين أنا .." ترددت قليلاً قبل أن تقول " حسنا أنا معجبة به و أعلم أنك لا تحبينه لذلك أعلم أنك لن تحزني لذلك كما حدث مع سندس و استبرق "
نظرت فاطمة لملامح شقيقتها المتوعدة و قالت بشك " لم لا أصدقك . "
ردت دهب بهدوء " لم لا . مراد رجل محترم و أنا أعلم أنك لا تحبينه لذلك وجدت نفسي غصباً عني أعجب به لم سأكذب عليكِ "
صمتت فاطمة قليلاً و هى تتفحص ملامح شقيقتها المتوترة
" حسنا لنرى أولا ماذا سيقول مراد لوالدي ربما رفض الزواج بأي منا بعد فعلتي " المبتز لن يفعل بالتأكيد .خرجت دهب قائلة بخفوت " حسنا لننتظر ماذا يقول " و أكملت في نفسها الحقير ...
****★★*****
جلس بيبرس أمامه في مكتبه يشعر بالتوتر و هو ينظر في ساعة يده من وقت لآخر كما لو كان منتظر شيء أن يحدث قال أنيس بملل " هل تعلم شيء ... أنا نادم على معرفتي بك و عزة جلال الله "
رمقه بيبرس بغضب و هو يضيف بخبث " و لكن لا بأس بعد أن دخلت حياتي سأحاول التعود على التخلف العقلي الذي سيظهر عليك من حين لآخر منذ دخلت فاطمة حياتك أجد أن علي تحملكم دفعة واحدة لا بأس سأتحمل و ليعينني الله و لكن أحتاج لشقراء تهون علي حياتي معكم ألا تعرف واحدة توصيها علي و تذكر محاسني لديها أكن شاكراً .. "
كتف بيبرس يده و رمقه ببرود قائلاً بخبث " أعرف باربي واحدة و هى محجوزة لأحدهم أرح نفسك "
عقد أنيس حاجبيه باستنكار و سأله بحنق " من هذا "
رد بيبرس بخبث " أنا "
رفع أنيس حاجبه بمكر " حقاً و فاطمة تعرف عن ذلك "
أجاب بيبرس ببرود " و لم تعرف هل هى زوجتي "
سأله أنيس بنزق الأن " لا أفهم . هل هناك شيء فاتني "
أجاب بيبرس بلامبالاة " لا شيء .. لقد وعدت أحدهم بجلب باربي حقيقة له و سأفي بوعدي يوماً ما و أظنه قريباً "
قال أنيس بضيق و هو لا يفهم شيء من هذا الغبي " ألم أقل أني سأتعود على التخلف العقلي الذي سينتابك من وقت لآخر و لكن لنتحدث بشكل جاد ماذا عن براءة الجميلة ما علاقتك بها "
نظر إليه بيبرس بتعجب " جميلة حقاً .. لم ألاحظ ذلك "
مط أنيس شفتيه بحنق و قال بغيظ " يا صبر أيوب "
رد بيبرس باسما لأول مرة منذ جلس " عليه السلام "
سأله أنيس بجدية " حقاً بيبرس هل هناك علاقة بينك و بين الباربي "
رد بيبرس بلامبالاة " لا .. كلما رأيتها أريد أن أخذها لأحدهم ليصدق أن هناك حقاً يوجد باربي حقيقة "
قال أنيس بحنق " كف عن قول باربي هذه أخشى أن يعتاد لساني عليها فيقع بها أمامها فتنتهي علاقتنا قبل أن تبدأ "
تكتف بيبرس و اعتدل في مقعده ليستند على ظهر المقعد براحة أكثر " هل أفهم أنك معجب بالباربي حقاً "
رد أنيس بنزق و هو يقذفه بملف أمامه ليسقط على الأرض متناثر الأوراق " لا . بل معجب ببراءة ..أظن ذلك .. براءة أنه اسم على مسمى براءة براءة .. " ينطقه مستمتعا
ضحك بيبرس بخفة " حسنا حسنا يكفي اقنعتني خذها إذن و لكن بعد أن أخذها ليراها أحدهم "
قال أنيس بحنق " أنت أيها المختل . هل تظنها لعبة حقاً . من سيسمح لك بأخذها لمكان أو هى ستسمح لك بذلك أنت حقاً جننت على يد هاربتك "
رن هاتفه فهب بيبرس قائلاً و هو يخرجه من جيبه ليجيب
" سأجيبك عن ذلك وقتا آخر وداعاً "
تمتم أنيس بحنق " أحمق "
******★*******
قال بيبرس بهدوء " حسنا فهمت . غداً زفافهم . و لكن لا يصح أن يمر زفافهم دون هدية تهنئنه منى فقط أخبريها أن تنتظر قليلاً قبل دخولها لغرفة نومهم فالهدية تخصه هو أكثر منها "
أنصت للمتحدث قليلاً قبل أن يقول بغضب " لا . أنا لا اتراجع عن كلمة قلتها "
سمع صوتها الغاضب قبل أن يغلق الهاتف دليل على غضب المتحدث . نظر إليه بيبرس بضيق قبل أن يتحرك متمتما بجذل " حان الوقت لذهابي لشراء هدية الزفاف لقد وعدته بذلك "
*******★**★**
كانت جالسة في غرفتها قبل الزفاف تشعر بعدم الراحة . اليوم ستحضر زفاف إحدى شقيقاتها على من المفترض كان سيصبح زوجها هى. . شعور غريب بالحزن و عدم الراحة لذلك و لكنها لا تستطيع أن لا تتواجد تخشى أن يفتعل مراد حماقة إذا لم يراها . رن هاتفها برقم غريب .. خفق قلبها بتسارع و هى تثق بهوية المتصل " نعم .. من معي " قالتها مجيبة بصوت مرتعش ..أجابها الصمت فقالت بغضب لعدم رده " أنت يا قاطع الطريق لم لا تجيب ماذا هناك "
رد بيبرس بسخرية " هاربتي عرفتني بقلبك أنا واثق من ذلك .. خسارة لن أراكِ غداً أو اليوم فلا هروب في الطريق "
سبته داخلها و لكنها سألته بحنق " لم تهاتفني أيها الوغد "
رد عليها و هو يتمدد على الفراش في غرفته بعد أن وضع هدية مراد في الفراش بنفسه " أشعر بالملل هاربتي .. لا عمل كثير هذه الفترة و لا أفعل شيء غير التفكير بكل كلمة دارت بيننا منذ رأيتك يا ذات العيون السوداء اللامعة "
توترت فاطمة من حديثه و قلبها يقرع بقوة و مع ذلك لم تغلق الهاتف تهرب منه و من تلك المشاعر الغبية التي تشعر بها تجاه هذا المجنون الوقح .. " و هل لديك عقل لتفكر أنت تمزح بالتأكيد "
رد بيبرس بهدوء "إذا لم تصدقي ذلك لا بأس و لكن أؤكد لك أنه لدي قلب غارق في عشق احداهن تعرفينها "
شعرت حقاً بالبؤس من هذا الوضع ماذا يريد منها .. ألم يخبرها أنه لن يطلبها للزواج مرة أخرى . حسنا لا يفعل و لكن ليبتعد عن حياتها و لا يظل يحوم حولها كالنسر الذي ينتظر الفرصة المناسبة لينقض عليها . همست بخفوت " أنا أكرهك بيبرس تاج الدين أيوب "
جاءها صوته متوتر " أنا لا أصدقك هاربتي "
ردت بغضب " لأنك مغرور "
زفر بيبرس بحرارة فكثرة الجدال لن تجديهم نفعا قال بضيق " هل حقاً تريدين حضور الزفاف . لم لا تقابليني في منزل جدتك سأنتظرك هناك لدي أشياء كثيرة أريد أخبارك عنها و ربما غنيت لي قليلاً اشتقت لصوتك و لكن هذه المرة أريدك أن تغني لي فارس أحلامي حبيب قلبي و حبيب أيامي للراحلة شادية تعرفينها ستكون رائعة بصوتك "
قالت فاطمة قبل أن تغلق الهاتف بعنف " بل فارس الظلام . فارس الجحيم فارس ورق ..أذهب إلى جهنم يا رجل "
جلست على السرير تنتفض غضبا قبل أن تخفي وجهها بين راحتيها تنفجر باكية ببؤس فهي حقاً تتمنى لو استطاعت الذهاب إليه كما يريد ...
بينما بيبرس وضع راحتيه تحت رأسه و هو ينظر لسقف الغرفة مدندنا بخفوت .. " يا خلي القلب يا حبيبي يا حبيبي لو في قلبك أد قلبي حب يا حبيبي يا حبيبي لو بتكوي النار نهارك لو بتسهر زي ليلي لو صحيح بتحب كنا نحضن حبنا و نبعد بعيد بعيد عن عيون الدنيا عن كل العيون لو في قلبك أد قلبي حب أد قلبي حب .. أخ هاربتي أتعبت قلبي بعشقك "
********★***★
جالسة بشرود في قاعة الزفاف غير منتبهة لنظرات الحاضرين المتعجبة و المستنكرة و الساخرة فعروس الأمس حاضرة لزفاف خطيبها على شقيقتها و لا تهتم و هى تشاهد الحفل .. جلست فخرية بجانبها بتعب بعد أن مرت على الحضور من معارفها شاكرة حضورهم لتعود للجلوس بجانب تلك الحزينة الصامتة التي تعلم سبب بؤسها و هو ذلك الوغد بيبرس . " لقد تعبت أتمنى أن يكون الزفاف القادم في يوم واحد فقط و ليس يومين فحالتي الصحية لم تعد تحتمل كل هذه الإثارة "
قالت فاطمة بحزن " أسفة حبيبتي إن شاء الله سيكون كذلك . فالمرة المقبلة فضة لا أنا لا تقلقي "
سألتها فخرية بفضول " لن توافقي على الارتباط بأحدهم إذن"
قالت نافية " لا لن أوافق "
" حتى لو كان بيبرس " سألتها فخرية بخبث
ردت فاطمة بصرامة " حتى لو كان المختل "
ضحكت فخرية بمرح و قالت برفق " حسنا يا حبيبتي كما تريدين لن يجبرك أحد "
صمتت فاطمة تنظر لدهب بشرود قبل أن تلتقي نظراتها بنظرات ساخرة خلف مقعد شقيقتها . عقدت حاجبيها بغضب عندما وجدت بيبرس يلقي لها قبلة في الهواء و يشير لها بساعته و يرفع أصابعه بعلامة ثلاثة . هل يظن أنها ستذهب للقائه حقاً بعد كم ثلاث دقائق هنا أم ثلاث ساعات . نهضت بغضب و هى تتوجه إليه لتجده يتحرك بدوره ليختفي خلف المقعد الملكي الكبير . وجدت باب صغير يقود لداخل القاعة للمكان الخاص بالتحضيرات و العاملين الذين يقومون على خدمة الحضور .. لم تتردد لثانية قبل أن تخترق الباب دافعه ستارته الخرزية بعنف مصدره صوت خافت لا يكاد يسمع وسط الضجيج .. كان المكان كخلية نحل من حاملين أكواب العصائر لأطباق الطعام تلفتت حولها فلم تجد له أثرا . عادت لتخرج بضيق عندما وجدت يد تسحبها لتخرجها من المكان متخطية العاملين الذين لم يعيرونهم أهمية .. قالت فاطمة بغضب و هى تشد يدها بقوة " أترك يدي أيها الوغد "
أخرجها بيبرس من المكان ليقف في ظلام الحديقة الصغيرة المشجرة التي تزين بلمبات السريا الخافتة الإضاءة التي لا تكاد تضيء شيء أوقفها أمامه صامتاً منتظر انفجارها و قد حدث عندما قالت بغضب و هى تركله على عظمة ساقه " أيها البغيض المختل كيف تجرؤ على إمساك يدي هكذا و إخراجي من المكان "
قال بيبرس بسخرية و هو ينقل قدمه بعيداً عن مرمى قدمها
" لا تقلقي لن يظن أحد أنك هربتِ مجدداً "
استدارت لتعود للداخل فأمسك بذراعها يمنعها و هو يقول بصوت أجش " فاطمة أنتظري قليلاً .. "
رمقته بغضب و الضوء الخافت يمر على ملامحها بألوانه المتعاقبة من الأحمر للأخضر للأزرق و من ثم الأصفر " سألها بهدوء " هل أنتِ حزينة لزواج مراد و دهب "
كتفت ذراعيها بغضب .. لن تجيبه ليحترق بظنونه لن تريحه .. سألها بخفوت عالما أنها لن تجيبه عن هذا أيضاً " هل مازالتِ تريدين الارتباط بحبيبك ذلك "
كما توقع لم تجيبه فسألها بهدوء " لن يأتي و يطلبك "
صمت أخر فقال بضيق " هل مازالتِ تحبينه أجيبي عن هذا على الأقل "
قالت بحقد " أجل و سأظل أحبه "
اقترب خطوة فظنت أنه غاضب لينتعش الأمل داخلها أنه سيشعر بالغيرة أخيراً و يعود إنسان طبيعي غير هذا البارد عديم الإحساس " يسعدني ذلك هاربتي . أحبيه كما تريدين و لكن من ستتزوجين بيبرس فقط "
خرجت صرخة غاضبة و هى تدفعه في صدره و تعود للداخل ضحك بيبرس بخفة متمتما بجذل " ماذا قلت لتتضايق"
دندن بيبرس بخفوت و هو يضع يديه في جيب سرواله و يتحرك عائدا لمنزله بعد رؤيتها بخير .." فارس أحلامي حبيب قلبي و حبيب أيامي كانت ستكون أفضل بصوتك هاربتي " أضافها بمرح .
***★★*****★*★****
من بين قبلات و عناق ودع الجميع دهب التي ستذهب لمنزل زوجها . و والديها يظنون أنها حقاً تحب مراد بعد حديثه و فاطمة التي ساعدتها فقط كونها عادت و أكدت لها أنها معجبة به .. دلفت للمنزل و هى مازالت تفكر متعجبة في طلب جدتها أن لا تدخل لغرفة مراد و تظل في غرفة أخرى اليوم لا تعلم أنها بالفعل هذا ما قررته فزواجهم مؤقت على غير توقعاتهم . قالت فور دخولها " أين غرفتي "
رمقها مراد بهدوء قائلاً " معي ذهبيتي "
جلست دهب على الأريكة و قالت ببرود " حسنا هنا مكان مناسب تصبح على خير "
رمقها ساخراً . حسنا ستدخل في النهاية لتبدل ثوبها و عندها لهم حديث أخر "
تحرك لغرفته و هو ينزع ملابسه و يلقي بها على الأرض في طريقه و هى تراقبه قائلة بحنق " مهمل قذر "
تمددت على الأريكة بتعب و هى تغمض عيناها براحة جيد أنه لم يجادلها أو يغصبها على الدخول معه .. بينما مراد نزع سرواله و أضاء المصباح و هو يتجه إلى الفراش لتتسع عيناه و تخرج صرخة ذعر من حلقة " يا إله السماوات "
كان الفراش غارقا بالدماء تتوسطه جثة فتاة مطعونة الصدر بخنجر كبير مازال بصدرها و رقبتها ملتفه بحبل جاحظة العينين شعر بقدميه غير قادرة على حمله ليسقط على الأرض من هول الصدمة هاتفا بغضب " بيبرس سأقتلك أيها الوغد "
انتفضت دهب على صراخه لتتحرك مسرعة للغرفة لتتفاجأ بالمشهد لتخرج صرخة خوف و هى تشعر بالدوار و وعيها يهرب منها .. لتسقط بين ذراعي زوجها الذي تلقفها فور صراخها و قد توقع ما سيحدث معها ليزداد حقده و غضبه على بيبرس متوعدا إياه ...
****************★
أبعدت أنفها عن مصدر الرائحة النفاذة و هى تقول بضعف و خوف متذكرة المشهد المرعب للفتاة " مراد "
ضمها بقوة قائلاً بحنان " لا تخافي عزيزتي أنا هنا أنتِ بخير"
سألته بذعر و هى تتشبث به " ما الذي حدث من تلك في الغرفة و من الذي فعل بها هذا "
قال يطمئنها " لا تخافي عزيزتي لا أحد فعل أنها ليست حقيقية أنها خدعة .."
سألته بخوف " خدعة كيف ..و كيف هى هنا في بيتنا "
ابتسم مراد بحماسة كونها تقول أنه بيتهم لا بيته .. " أنظري " أراها ورقة صغير مدون بها عدة كلمات بسيطة لتتسع عيناها بقوة . فالورقة مدون بها " أرجو أن تكون هديتي أعجبتك.. أنت لا تظن أني كنت أمزح . هذا كونك فكرت يوماً في فاطمة .. بيبرس تاج الدين أيوب " قرأ عبارته و كأنه يخرج له لسانه الوغد الحقير سيقتله لولا فاطمة لسلمه للشرطة ..
سألت بتوتر " من !!.. لا تقل؟! .. هل هو؟!! يا إلهي .. "
رد مراد بعنف " بيبرس تاج الدين أيوب لن يفلت من يدي بعد ما سببه لك من رعب " و أضاف في نفسه بسخرية و هو يضم دهب لصدره أكثر و شكراً لك لحصولي على هذا العناق ...و كانت ترتسم على شفتيه ابتسامة قرش ..
***★***★***★***★***★***★***★***