بينَ ثنايا المدينةِ الحائرة ،
بينَ رموشِ المباني الخائفة ،
بينَ رذاذِ عطرِ السمآءِ الحارِق ،
بينَ صآدٍ ونونٍ .. وكلامٍ غيرُ مفهوم :أمشي وحيدةً ..
لا يراني الملأُ ولا يحُسُّني ،
أثرثرُ بغتةً ..
عن ماضٍ باتَ يقتلني ،
أهوي غائبةً ..
عن الوعيّ الذي يقيدني ،
أرسُم لوحةً ..
بها الغائبُ الذي يسرقني ،
أكتبُ قصيدةً ..
عنوانها نسيآني .اتذكرُ بكائي تحتَ وسادتي
اتذكرُ ظلمتي في سمفونياتي
اتذكرُ ذلكَ الصبيّ ينظرُ الى لوحتي
اتذكرُ ايامي وحُزنُ سيرتي
اتذكرُ غيابهم ..
وصوتٌ وضعوهُ بِ حنجرتي !فَ مازالا خدّايَ رطِبان من البكاء ،
ولازالت موسيقايَ مملة !
والغلام ؟ هه لم تعجبهُ رسمتي ،
وعُمُري الذي مضى : أصبحَ هباءً منثوراً ،
ولا زالت خطاهم مطبوعةٌ على رملِ الطريق
لم يرجعوا ، لم يحنُّوا ، لم ييأسوا ..
وصوتي كادَ يقتلني ؛
فهو لم ينتظر رحيلهم حتى صار ينادي بأسمائهم .لا بأس !
فَتلكَ لحظاتٌ تستحقُ أن تبقى ،
وإن كانت سيئةً ؟ تبقى ذكرى ..
فإن قلتُ سَ انسى ؛ فلن أنسى ،
وإن قلت لن أنسى ؛ سَ أنسى .تلكَ الدُنى يا رفيقي
ابتعد عنها تقتربُ لك ،
اقترب لها تبتعد هيَ ..
افعل ما تراهُ عكساً لها ،
صدقني ؛ ستفعل ما يرضيكَ منها .فَ الذكرياتُ سهمٌ يستبطنُ العقلَ
إما تجتهد وتخرجهُ فَ تتألم ،
وإما تتركهُ بِحالهِ ..
فَ تنزِفُ الدمَ جميعهُ ؛
إلى أن يُغشى عليكَ متبلداً .