الفصل العشرون
وقفت هنا امام الشرفة تطالع الحديقة الخارجية للفيلا بملامح شاردة حينما شعرت بيد تربت على كتفها فشهقت بقوة والتفتت نحو الشخص الذي اقترب منها لتجد ريهام اختها والتي قالت بسرعة :
" انا اسفة ...شكلي خضيتك ..."
وضعت هنا يدها على قلبها وقالت بأنفاس لاهثة :
" ولا يهمك..."
اردفت ريهام متسائلة :
" انتي كويسه ...؟! شكلك كنتي سرحانه ..."
اقتربت منها هنا وامسكت بيدها وجرتها خلفها نحو السرير وهي تقول :
" انا كويسه ... انتي اخبارك ايه ...؟!"
اجابتها ريهام وهي تتفحصها بحذر :
" انا بخير الحمد لله ... المهم انتي ...عاملة ايه واخبارك ايه ...؟!"
تنهدت هنا وقالت مجيبة اياها :
" عايشة ... انتي وصلتي هنا ازاي ...؟!"
اجابتها ريهام موضحة :
" قابلت رؤية وهي وصلتني لحد اوضتك ... شكلهم ناس كويسين اووي... ولا انتي ايه رأيك ...؟!"
اومأت هنا برأسها دون ان ترد لتحتضن ريهام كفي يدها وتقول :
" هنا حبيبتي ...انتي متأكدة انك كويسه ....؟!"
ابتسمت هنا بوهن واخذت تربت على كف ريهام بينما ترد عليها ببساطة :
" صدقيني انا كويسه ...انا بس مرهقة شوية من اللي حصل وكده ..."
قالت ريهام براحة حينما أكدت لها هنا انها بخير :
" المهم انك تكوني بخير ... بالنسبة للي حصل فحاولي تنسيه ...ده لمصلحتك اولا ..."
" بقلك ايه يا ريهام ،..حصلت حاجة غريبة .."
قطبت ريهام جبينها متسائلة:
" حاجة ايه ...؟!"
رطبت هنا شفتيها بلسانها وقالت بجديةة:
" حازم بيتهمني اني السبب فاجهاض الجنين ...بيقولي اني خدت حبوب عشان اجهضه ،.."
ريهام مصعوقة لما تسمعه :
" ايه اللي انتي بتقولي ده ...؟!! معقول ....!!"
هنا بنبرة جادة :
" معنى كلامه انوا الدكتور قاله كده وده دليل انوا فيه حد اداني حبوب من غير ما اخد بالي ..."
هزت ريهام رأسها بتفكير للحظات قبل ان تقول :
" معقول تكون الممرضة اللي جابهالك حازم عشان تراعيكي هي اللي عملت كده....؟!"
" انا شكيت فيها بردوا ...عشان محدش غيرها كان بيديني الدوا والفيتامينات اللي كتبها الدكتور ليا ..."
" او جايز الدكتور بيكدب ..."
" تقصدي ايه ...؟!"
سألتها هنا بحيرة لتوضح ريهام مقصدها :
" جايز الدكتور قال كده عشان يوقع بينك وبين حازم ... كل حاجة ممكنه ...وده طبعا بناء على طلب شخص ما ..."
اخذت هنا تفكر في حديث ريهام بجدية ولم تتوصل سوى لنتيجة واحدة ... نتيجة واحدة لا غير ... وسوف تتأكد منها بأسرع وقت ممكن ....
...................
ما ان خرجت ريهام من عند هنا حتى نهضت هنا من مكانها وارتدت سترتها ثم خرجت من المنزل متجهة الى المشفى الذي نقلها اليه حازم حينما حاولت الانتحار مسبقا ...
ما ان وصلت هناك حتى اتجهت الى الطبيب الذي اشرف على حالتها ولحسن حظها وجدته موجودا في مكتبه ...
استقبلها الطبيب مرحبا بها بحفاوة شديدة لتجلس هنا على الكرسي المقابل له وتتسائل بجدية بعدما رسبت ابتسامة مرحبة على شفتيها :
" ممكن اعرف الممرضة اللي كانت مشرفة على حالتي فين ...؟! انا محتاجة اشوفها ..."
تسائل الطبيب بتوجس :
" خير يا مدام هنا ... هي عملت حاجة ..."
اعادت هنا خصلات شعرها الى الخلف وقالت بنبرة جعلتها طبيعية :
" ابدا ...انا بس كنت محتجاها عشان وحده قريبتي حامل ومحتاجة ممرضة معاها فالبيت ... اصل وضعها الصحي مش تمام ... فعايزة اشوفها واعرض عليها تشتغل عندها ... هي كان اسمها سميرة تقريبا صح ..؟!"
الطبيب بابتسامته المعهودة :
" صح يا فندم... هنده عليها حالا ..."
ثم خرج من مكتبه واوصى احدى الممرضة المارات امام مكتبهان تنادي سميرة بسرعة ...
وبالفعل جاءت سميرة بعد لحظات لتنصدم من وجود هنا امامها ...
ابتلعت ريقها بتوتر بينما نهضت هنا من مكانها وهي ترسم على وجهها ابتسامة صفراء وقالت بترحيب مفتعل :
" اهلا يا سميرة ...كويس اني لقيتك ...كنت محتاجاكي ضروري ... ممكن نتكلم بره ...؟!"
اومأت سميرة برأسها دون ان ترد وخرجت خلف هنا ...
وقفت هنا على جانب الحائط ووقفت سميرة امامها وهي تفرك يديها الاثنتين بتوتر ....
اخذت هنا تتفحصها بعينيها قبل ان تسترسل في حديثها :
" بصي يا سميرة...من غير لف ودوران ... اعترفي بكل حاجة ... وانا هخرجك من الموضوع من غير اي اضرار ..."
رفعت سميرة نظراتها المضطربة نحوها وهمت بقول شيء ما لتسبقها هنا بصرامة:
" من غير كدب ...مين اللي خلاكي تديني الحبوب وطلب منك تسقطيني ...؟!"
اخفضت سميرة عينيها خجلا وقالت بنبرة متقطعة خافتةة:
" سنا هانم هي اللي طلبت مني دي ..."
" وكان ايه المقابل ...؟!"
سميرة بخجل :
" عشر الاف جنيه ..."
رمته هنا بنظرات محتقرة قبل ان تقبض على رقبتها بكفي يديها وتقول بنبرة مهددة :
" عارفة لو بلغتي سنا باللي حصل دلوقتي ... اقسم بالله مهرحمك وهبلغ البوليس عنك ....وانتي عارفة جوزي يبقى مين وممكن يعمل ايه ..."
" يا هانم انا مستحيلة اعمل كده ... انا عندي ولادي بربيهم وبخاف عليهم..."
هنا بنظرات حارقةة:
" ولما انتي عندك ولادك وخايفة عليهم اوي تاخدي فلوس بالحرام ليه ...؟! "
ادمعت عينا سميرة التي انحنت نحو هنا ومسكت يدها تحاول تقبيلها وهي تهتف بتوسل :
" سامحيني يا ست هنا ... سامحيني الله يخليكي ..."
ابعدت هنا كف يدها عنها وقالت بنفور واضح :
" المسامح ربنا ... بس اتمنى انك تتعضي من اللي عملتيه وتبطلي اذية بخلق ربنا . ."
اومأت سميرة برأسها متفهمة بينما تحركت هنا بعيدا عنها وهي تفكر بحازم وكيفية اخباره بما علمت قبل ان تبتسم بخبث وهي تفكر في موقفه حينما يعلم بأن حبيبة قلبه تسببت له بكل هذه الفضيحة ....
......................
اخذت راقية تراقب حازم الذي يسير امامها ذهابا وايابا بملامح يعلوها الغضب والتوعد ...
تنهدت بصمت قبل ان تقول بجدية :
" يابني اقعد شوية ...اكيد زمانها جاية ..."
اشار لها حازم بعصبية :
" انا حذرتها انها تخرج من غير اذني ...واهي خرجت ومسمعتش كلامي ..."
اخذت راقية تحاول تهدئته فقالت :
" مهي ممكن اضطرت تخرج من غير متقولك ...الغايب عذره معاه ..."
وقبل ان ينطق حازم بحرف واحد كان هنا اماميهما ترمي حازم بنظراتها الساخرة بينما اقترب منها حازم بسرعة وقبض على ذراعها قائلا بعصبية كبيرة :
" كنتي فين ...؟! مش حذرتك قبل كده من الخروج من غير اذني ...؟!"
نهضت راقية من مكانها وقالت:
" يا حازم مش كده ..."
" سيب دراعي احسنلك ..."
قالتها هنا وهي تحرر ذراعها من قبضته قبل ان تكمل بتحدي :
" انت ملكش حكم عليا ..."
حازم بحدة :
" انتي مراتي وانا ليا كل الحق بأني احاسبك ...."
ردت هنا بنبرة حازمة :
" يبقى تحاسب التانية كمان ...مهو مش انا الوحدي اللي اتحاسب ..."
ابتلع حازم ريقه بتوتر بينما اخذت راقية تنقل نظراتها بين الاثنين بعدم فهم لتتجه هنا نحوها وتقول :
" متستغربيش يا طنط ...نسيت اقولك انوا البيه متحوز عليا ...سوري ... متجوز غيري وقبلي ..."
" انتي بتقولي ايه ...؟! حازم اتكلم ..."
صرخت راقية به ليلتفت حازم نحوها ويقول :
" هفهمك كل حاجة ...بس اهدي الاول ..."
نقلت هنا بصرها بين الاثنين قبل ان تفجر قنبلتها الاخرى :
" على فكرة انا عرفت مين اللي اداني حبوب الاجهاض ..."
تأملها حازم مندهشا لتكمل هنا بتهكم :
" هي مراتك يا استاذ ....اتفقت مع سميرة الممرضة عشان تديني الحبوب بدل الفيتامينات اللي كتبها ليا الدكتور....كل ده ليه ..؟! عشان ايه ...؟! عشانك انت ...؟! ده انا كنت هتنازل عنك ليها ببلاش ... بس يلا اهي عالاقل خلصتني من ابن حرام كان يتولد موصوم بعار ابوه طول حياته ...."
" اخرسي ..."
قالها حازم بينما امتدت يده لا اراديا وصفعت هنا بقوة على وجنتها لتصرخ راقية اخيرا بتعب وقلة حيلة :
" كفاية ....حرام عليكم ...انتوا ايه ... "
ثم التفتت نحو حازم وقالت بملامح مزدرءة :
" انا مش عارفة اقولك ايه ...حقيقي مش عارفة ... بس لازم تعرف انك من هنا ورايح معدتش ابني .... انت بقيت واحد غريب عني معرفهوش ومش حابة اعرفه ..."
نهاية الفصل