الساعة السابعة مساء
اطفأت نور الصالة حتى أهيئ الجو لتنام ابنتي (عالية)
التي كانت في حالة من النشاط الزائد تلك الليلة
كانت تثير ضجيجا وفوضى لا يتناسبان مع كونها قد أتمت من عمرها عاماً ونصف، ولا مع قامتها التي بالكاد تناهز سطح الأريكة التي كنت استلقي عليها متعبا بعد يوم عمل شاق جداً ..
كانت عيناي تتابع شاشة التلفاز، وعقلي غير قادر على عدم الإنصات لصوت (عالية) .. كانت من حولي تروح وتجيء غير عابئة بالمكان وقد صار شبه مظلم .. وكأنها تتنافس مع التلفاز على جذب انتباهي.
وقفت هي عند طاولة صغيرة بجوار الأريكة ناحية رأسي
وأشارت إلى جريدة كنت قد انتهيت من تصفحها وتركتها هناك
ظلت تتكلم معي دون أن اتبين كلماتها التي تصوغها من مفرداتها الخاصة بها
حروفها الطفولية اللذيذة كانت أعذب شيء في حياتي
اعتدلت جالساً على الأريكة، وتحركت نحو الطاولة
سألتها محاولا تقليد طريقة حديثها الطفولية الحلوة:
- حبيبتي، ماذا تريدين؟
ضحكت وأشارت مرة أخرى إلى حيث توجد الجريدة
واتخذت خطوة إلى الطاولة ومدت يدها لتمسك الجريدة
ولكنها فجأة أطلقت صرخة ألم باكية وهي ترتد للوراء في عنف
وقد وضعت كفها على خدها في فزع
واخذت تبكي بمرارة
انتفضت من مكاني لاحتضنها
شككت في نفسي "هل أكون ضربتها دون قصد مني؟"
تساءلت وأنا أحاول تهدئتها
ولكني كنت متأكداً من أن المسافة بيننا كانت أكبر من أن تكون يدي قد ضربتها من غير قصد
بقيت محتضنا لها حتى هدأت وتوقفت عن البكاء
ولعلها كانت بضع دقائق فقط استغرقتها حتى دخلت في نوم عميق
نهضت وأنا أحملها، ووضعتها في فراشها ووضعت عليها الغطاء
وكعادتي منذ ولادتها همست في أذنها بآية الكرسي ثم قبلتها على رأسها ... ثم خرجت من غرفتها ... ويا ليتني ما خرجت
أنت تقرأ
حماية
Horrorيأتي الليل بسكونه لتهدأ نفوس الصغار ويطمئن خفقان قلوبهم يخلدون إلى فرشهم الدافئة لينعموا بنوم عميق هانئ حتى مطلع النهار التالي ولا يعلمون ما الذي نواجهه أثناء نومهم لحمايتهم