جثة البحر

200 5 0
                                    

السطور دي عبارة عَن تَفريغ لتسجيلات صَوتية جاتلي على الميل بتاعي مِن مَجهول، وحقيقي مَعرفش مين صاحبها ولا لاقيت عَنه معلومات، ففرغتها ومحتوى التسجيلات فيه الأتي:

خطورة البَحر في إسكندرية وقُرب أعياد نهاية السنة خَلِت الهَيئة اللي أنا تابع ليها تنزلني مع عدد من الغطاسين نراقب بَليل البَحر علشان الشباب الطايش اللي بيجي وبينزل في عز التلج ومبنبقاش عارفين هدفهم إيه ؟، ورغم إننا بنقفل الشواطئ لكنهم بيقدروا يدخلوا.

المَوضوع كان صَعب جداً علشان برودة الطَقس بس مكَنش ينفَع نُرفُض، استلمت الشيفت بتاعتي بَليل، البَحر موجه عالي والسماء بتمَطر، وكُنت واقف لوحدي في غُرفة مخصصة لينا على الشاطئ مباشرة، ولابس بَدلة العوم وبَشرب قهوة، السماء مَطَرت فقفَلت الباب بتاع الغُرفة وقعَدت على الكُرسي لكني لمَحت حاجة بتتحَرك في البَحر، دقَقت النَظَر فلقيت

واحد جوه الماية، خَرجت وأنا بَجري ونَطيت في البَحر ولما وصلتله كان اختفى، بَصيت حواليا ودورت بالكشاف اللي معايا واللي بيكون ضد الماية، سمعت صوت كلام لفيت وبَصيت في كُل حِتة لكني مَلقتش أثر لشيء غَريب، الجَو كان تَلج والمَطَرة شغالة فوق راسي، فخَرَجت من الماية وأنا بحاول اقنع نفسي إني كُنت بتخَيل، وعلى أول البَحر قبل ما رجلي تفارق المياه، لقيت صوت بيُصرُخ وبيقولي:
-الحقني هَموت.

دَوَرت بعيني على مَصَدر الصوت لاقيت زَي جُثة واقعة بعيد عَني بخطوات وجزء مِنها متغَطي بالرملة، مشيت وأنا بتأمل المَنظَر برُعب وجسمي بيترعش من البَرد اللي بحاول أقاومه، وقفت قُدام الجُثة، نص جسمها من فوق مكَنش عَليه رملة، قعَدت على الأرض جنبها مباشرة فشَميت ريحة قَذرة، وجهت الكشاف ناحيتها لأن المكان كان ضَلمة، لاقيتها لبنت بالتَقريب مَتزدش عَن عشرين سَنة.

لونها أزرق ومُتَعَفِنة، وقفت أبُص للمَنظَر وخايف أعمل أي حاجة تاني وجوايا سؤال إيه اللي جابها هِنا ؟، فتَحِت عينها فجأة رجعت لورا وترقَبت إنها تقوم وتمشي، وفضِلت مستَني لكن محَصَلش، عينها كانت خضراء وفوقها طَبَقَة مِن البياض علشان اتحللت.
سمعت صوت عالي فجأة من ورايا رعبني أكتر واتكررت نَفس الجُملة:
-الحقني هَموت. 

بَصيت على البَحر لاقيت شاب في العشرينيات وجهت الكشاف ناحيته كان بيعوم معَ الموج وبيبُصلي بعيون سوداء بتلمَع وبيبتسملي، ثواني بَسيطة وملامحه اتغيرت وبقى خايف وفي حاجة بتحاول تشِده مِن تَحت، فضل يقاوم لحَد ما غِطِس في المايه، وكان الأغرب بنسبالي في اليوم هو اختفاء الجُثة، ملقتهاش دَورت في حِتت كتيره لكن النتيجة صفر.

عدا يوم على اللي حَصَل ومافيش جُثث ظَهَرِت ولا حَد بَلَغ مثلاً عن فقدان شَخص يعرفهُ، وعلشان كده محكِتش اللي شوفته، محبتش إن حَد يتهمني بالتلكيك والتَهَرُب مِن المَسئولية. الليل جيه والجَو كان هادئ وقتها والسماء صافية شوية، روحت للمكان اللي لاقيت فيه الجُثة كان نفسي الأقيها وأعرف قصتها، وبَصيت على البَحر كانت كُل حاجة هادية جداً.

جثة البحرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن