واقفا أمام ذاك الزقاق الخالي، بينما يدس يداه في جيوب بنطاله الأسود مائلا برأسه.
من هنا بدأت كل تلك المشاكل ومن هنا ستنتهي أيضا، دخل الزقاق بخطوات بطيئة مسببا صوتا مع كل خطوة بسبب خلو المكان من أي مخلوق.
سقطت فجأة حاوية القمامة لتخرج قطة سوداء مع أعين زيتونية وتموء بعدائية اتجاهه بعدها ركضت خلف ذاك الستار الأحمر الذي تعلوه لافتة مضيئة تحت عنوان صائدة الأرواح.
اتبع تلك القطة وأبعد الستار أيضا محدقا للمكان بشك، كما توقع لم يتغير كثيرا، فلازالت تلك الجماجم المخيفة في مكانها، والكتب ذات الأغلفة المرعبة، إضافة للحيوانات المحنطة المعلقة على الجدران، والأهم تلك الطاولة الصغيرة التي تعتليها كرة زجاجية متوسطة الحجم.
نظر للباب الصغير الذي تحرك مقبضه لتظهر من خلفه سيدة عجوز تخفي نصف وجهها بقلنسوة ردائها المسود، كما تحمل ذات القطة السوداء التي رآها مسبقا.
"كنت أعرف أنك ستعود أيها الشقي الصغير"
أردفت بصوتها المهتز بسبب كبر سنها بينما تتخذ لها مكانا أمام الطاولة الخشبية
"اجلس! لن آكلك"
أضافت مقهقهة بصخب بينما تربت على رأس قطتها التي تحدق للوكاس بعدائية شديدة كأنما ترغب بافتراسه.
جلس على الوسادة السوداء المقابلة لها متخذا حذره ليتنهد بعمق قبل أن يردف بثبات
"أنا متأكد أنك تعرفين سبب وجودي"
"بالتأكيد يا أيها اللص الصغير، لكن أخشى أن لدي أخبار لن تعجبك"
قبض على يده حتى ابيضت أنامله بينما تراصت أسنانه ببعض القلق فنبرتها و كلماتها لا تبشر بالخيرا بتاتا.
"اسمع أيها الشقي،الفتاة أقامت اتفاقا مع روح شريرة ليست من عالمنا حتى، هذا الاتفاق يقتضي بأن ينتقم هو من أحد أداها بينما هي تسلم روحها الطاهرة له ، فهذا النوع من الأرواح يتغدى ببني جنسه لتزداد قوته"
اقترن حاجباه بعدم استيعاب ليستفسرها بتلهف يشوبه القلق
"لم لم يفعل إلى الآن؟ لم لم يأخذ روحها؟"
تابعت التربيت على رأس قطتها ثم استطردت مفسرة
"في الغالب أن هذه الروح تستفيد كثيرا بحيث تقتل الآخرين لتتغذى على أرواحهم، هو لا يريد روحا واحدة، فما إن تذوق طاقتها صار يطالب بالمزيد وهناك احتمال آخر وهو أخطر؛ هذه الروح تريد أوديت لها فقط ويستحيل التخلص منها في هاته الحال"
ابتلع ريقه بخوف فكلامها لا يمده بأي أمل، ورغم ذلك تابع محادثتها
"ماذا قصدت بكلامك السابق عن كون الكتاب صار ملعونا؟"
وضعت القطة جانبا ثم أجابت
"أي أنه سيسبب كارثة لشخص تحبه ..وهذا الشخص كان الفتاة"
ابتلع ريقه بصعوبة وقد جحظت عيناه بغير تصديق، شد على قبضتيه الموضوعتان على فخديه بينما يطأطئ رأسه للأسفل ويقضم شفته بحسرة.
الندم يأكله والشعور بالذنب يكاد يفترسه، هو السبب في كل ما جرى مع أوديت، هو سبب معاناة حب طفولته، أما تلك الساحرة فكانت تبتسم، هي سعيدة بعجزه وعدم مقدرته على إنقاذ حبيبته، كما أنها مرتاحة لحزنه وشقائه، وأيضا بؤسه.
تبسمت شامتة به ثم علقت بصوتها المهتز
"أنت طلبت هذا لنفسك، رغبتك كانت أنانية وهذه عاقبتك، إنها تعاني بسببك"
كادت تغادر ما إن أتمت جملتها لكنها توقفت لتستمع لما يريد قوله بنبرته المهتزة والمتلعثمة المعبرة عن ضعفه وخيبته من نفسه.
"أرجوك أخبريني بطريقة لأقضي على تلك الروح واطلب ما تريدين في المقابل"
ابتسمت بخبث بينما تحدق له، تحدق لضعفه وعدم قدرته على إنقاذ حبيبته، هي قطعا لن تفوت فرصة ثمينة كهاته، هو من جاء بقدميه إليها وعليه تحمل عاقبة فعله.
أنت تقرأ
لعنة داجية
Horrorعاد بعد سبع سنين هربا من ماض مشين، تواق لرؤية فتاته الدعجاء ليصفع بمرارة حاضر أسوء منه ماض، تغير عصف بها و من ملاك بأجنحة فراش تحولت إلى شيطان بأعين حمراء صارت. فهل له أن يعيدها؟ Odette Lucas