عندما أكون مكتئباً أتمنى أن يمر الوقت بسرعة ، أن يمر بأي طريقة لينتهي فحسب بأسرع ما يمكن ، هناك أمل يجعلني أعتقد أن الغد أفضل من اليوم ، قد يكون هذا الآمر بلا معنى لكن هذا ما الأمر هو ما يجعلني أنتظر الغد
أخذت أتابع الحديث مع زينات بينما عهد تحاول النوم مجدداً في غرفة النوم ، كنت أقنع نفسي أنني فعلت كل ما بوسعي لأجلها تركت الهاتف و الملف الورقي الذي يحوي بيانات عاصف
دخلت إلى الغرفة كانت تتغطى بتلك الكوڤرتة ، إنه وقت الخريف حيث الجو لا تستطيع التنبؤ به هل هو بارد أم دافئ
صعدت إلى السرير بجانبها و حاولت أن أقترب منها لكنها تحركت مبتعدة
حاولت لمس شعرها فحركت رأسها بعيداً
ظننت أنها لن تقول أي شيء بتصرفها هذا لكنها تكلمت " بتكلمها بقالك قد إيه ؟ "
نضال" هي مين دي ؟"
عهد " كنت فاكرة إنك متمسك بيا أكتر ما كنت أتخيل ، طلقني يا نضال لو متأذي مني "
نضال " إنتي فاهمة غلط يا عهد ، دا مش حب دي صداقة أنا حتى عمرى ما شوفتها ولا أعرف شكلها ، دي حتى مش مصرية دي من الجزائر و بتحكيلي بس مشاكلها كصديق و كطبيب نفسي ، دي أصغر مني بعشر سنين "
لم تجيبني ، لكنني أدركت أنها تبكي ، لقد أصحبت شائكة تحاول فقط أن تؤذي نفسها أو تؤذيني و تبعدني عنها ، عندما تأكدت أنها كانت تبكي تعصبت و غادرت السرير و الغرفة كلها و توجهت إلى الريسيبشن لأستلقي على الكنبة و أحاول النوم ..
تساءلت وقتها لماذا تعصبت حقاً من الأمر ، هل توقعت أن أسافر يوماً إلى الجزائر و أقابل زينات ، هل توقعت أنني أتقبل صداقتها كصديقة حقيقة أم أنني افتقدت الكلام مع زوجتي و تقبلت الأمر كبديل
إنها خيانة مصغرة
تأتي الأحلام فنكون في وسط أحداثها و لا نلاحظ الأمر أنه خيالي
حتى عندما يتكرر نفس الحلم ، لقد كنت أحلم بما حلمت به الليلة السابقة و كنت مندمج في الأحداث وكأن ما يحدث كان يحدث لأول مرة .. كنت أستمتع بقتل الناس في ذلك القارب البغيض كنت بالكاد أتذكر من أنا ، استيقظت و كان الوقت فجراً و أذان الفجر يملاً آذان النائمين في كل مكان
نزلت لأصلي في المسجد للمرة الأولى منذ زمن بعيد ، و ظللت أحاول أن أتذكر كيف كنت بعيد كثيراً ولماذا كنت هكذا
بعد الصلاة ذهبت للشيخ ، كان رجلاً عجوزاً طاعن في السن ، بلحية كبيرة خطها الشعر الأبيض ، ذكرني بأبي .. اقتربت منه و جلست بجانبه أنتظره لينتهي من التسبيح فأدرك أنني أريد أن أسأله عن شيء
ابتسم ببشاشه جميلة ، فتكلمت " تقبل الله يا شيخ "
أقترب مني و وضع يده على كتفي و قال " منا و منكم ، خير "
نضال" حلمت بحلم وحش جداً بقالي ليلتين "
الشيخ " و الحلم ده هو اللي صحاك الفجر "
فأومأت برأسي ، فأكمل " كنت متوضي قبل ما تنام و نمت على جنبك اليمين "
فأجبت بلا ، فأكمل الشيخ "بص يابني متحكيش الحلم لحد و لو مفهمتش منه هدف أو مغزى متحاولش كتير لأنه مجرد كابوس من الشيطان "
نضال " أنا دكتور نفسي يا شيخ و دراستي و أبحاث الدكتوراه اللي بعملها عن تأثير العقل الباطن أو اللاوعي على الإنسان وهو نايم و تفسير الأحلام "
ابتسم الشيخ و تكلم " يا دكتور نضال،العلم و الاسلام مش خطين متقاطعين ، دول خطين متوازيين .. خطين منطبقين ، مش متخالفين مع بعض ، و الشر موجود في الدنيا و موجود فينا نفسنا
الشيطان ليه نصيب في كل بني آدم فينا "
أدركت و فهمت ما يحاول الشيخ قوله لي .. ظللت أفكر طوال طريق عودتي القصير هل ذلك الحلم يحمل مغزى أم أنه مجرد أضغاث
تذكرت حينها فقط وجه تلك الفتاة التي أصبتها في كتفها بالرصاص .. عدت إلى شقتي و بدأت أبحث في أوراقي حتى وجدت إحداها غير مهمة و بظهر أبيض غير مطبوع و بدأت أرسم ذلك الحلم و تلك اللحظة
و تذكرت وقتها كيف كنت أرسم قديماً عندما كنت في المرحلة الإعدادية ، إنها منذ زمن بعيد ، لم أحاول الرسم طوال مدة كبيرة ، كانت يدي تحاول أن تتذكر الرسم و كأنها في مرحلة الصدمة وقتها كأنها تقول لي هل تمزح ، ما الذي أعادك إلى تلك الهواية أيها المعتوه .. هل تتذكر لماذا توقفت عن الرسم في النهاية قطعت الورقة ، شعرت بأن الهواء مكتوم و دافئ أكثر من اللازم و كان الضوء في الخارج ملفتاً وقتها فتحركت نحو الشرفة ولاحظ كيف أن الكافيه قد إمتلأ بأشخاص يقومون بمسحه و تجهيزه .. ارتديت ملابسي و نزلت .. أخذت كرسي و جلست أمام المحل و طلبت فنجان قهوة و جلست أنتظر مرور الوقت من جديد
ساعتان و أنا أنتظر و أفكر .. نزل فريد فلاحظني فجاء ليجلس بجانبي
فريد " لو مكنتش مشيت قبلي كنت هفكر إنك بايت هنا من إمبارح "
استطاع إضحاكي ، فأخرجت من جيبي علبة لبان التشيكليز التي أخذتها من زوجتي و قدمت له لبانة ، ضحك و أخذها و ثم تكلم
" أنا ممكن أجيب المدام بتاعتي و نيجيلكم ممكن دا يخليها تفك شوية "
استدرت له بتعجب و للحظة فكرت في الأمر بإيجابية لكنني توقعت أن الأمر قد يسوء أكثر " هي فكرة جميلة منك يا فريد بس خليها شوية كدا "
استأذنت من فريد مرة ثانية لأذهب إلى السجن
و كنت في مكتبي مبكراً أنتظر أن يأتو إلي بعاصف من جديد لأستكمل معه ذلك الحوار .. كنت أراجع كل ما قاله كل ، الأمر حيث كل ما حدث كان مسجل على جهاز الكمبيوتر صوت و صورة
أنت تقرأ
عدالة باللون الرمادي
Fiksi Ilmiahيقول فرانسيس بيكون " يميل المرء للإعتقاد بما يفضل أن يكون صحيح" لم تعد هناك ألوان بيضاء و سوداء .. أصبح كل شيء باللون الرمادي و أصبح الصواب و الخطأ متداخلين إلى حد كبير إذا لم يكن هناك أي دليل على الجريمة ولكنك تعرف الجاني و تعرف أنه سيلوذ بالفرار...