الفصل الثامن

36 5 0
                                    

لعل أفضل شيء في الإكتئآب هو أنك لا تحتاج أن تنفق الكثير من الأموال ، إنه أمر موفر .. لا هدايا ولا نُزهات ولا أكلات مكلفة ، المكتئبين غير مكلفين لا يأكلون ولا يتفسحون ولا يخرجون ولا يفعلون سوى النوم وهو أمر غير مكلف بالمرة حتى إنهم لا يستهلكون كهرباء لإضاءة الغرف فقط ينامون في ظلام وحتى إذا إستيقظوا لن يضيئوا الأنوار
قررت شراء الأزهار لعهد و كانت باهظة الثمن ، عندما سألت البائع أخبرني أنه لم يعد هناك أحد يشتري الورد لذلك أصبح باهظ لندرته لتعويض خسارته ففي النهاية فقط ربع هذا الورد هو ما يبيعه أما الباقي يذبل و يموت
وصلت الشقة وكانت الأضواء كلها مطفأة .. تقدمت نحو غرفة النوم و كانت نائمة كالعادة و كالملاك .. ثم لاحظت آثار قيء على الأرض بجانب السرير ، لاحظت شريط الريمينوس فارغ موجود أمام المرآة .. حاولت إيقاظها لكنها كانت متحجرة ، باردة و باهتة .. قمت بتحسس نبضها من رقبتها .. لم يكن لديها نبض
كانت قد فارقت الحياة قبل دخولي الشقة بفترة كبيرة .. لم أتحمل الأمر لم أستطع تصديق أنني فقدتها الآن حين صدقت أخيراً أنني قد استعدتها
حملتها و نزلت بها حاولت أخذها لأقرب مستشفى .. لكنهم في المستشفى رفضوا استخدام جهاز الصدمات الكهربية لأنها فارقت الحياة منذ ساعتين ، كنت أدرك هذا لكنني كنت أقاوم ، كنت أصيح فيهم ، أمسك بي رجال الأمن ، ولكن عندما رأوا بطاقتي و علموا أنني طبيب جلس معي أحد الأطباء و حاول مواساتي .. جعلوا رجال الأمن يتركوني .. كنت محطماً و عيناي يدمعان بلا توقف كنت بالكاد أسمع صوت الطبيب وهو يخبرني أننا أطباء ولابد أن نكون أكثر حكمة في تعاملنا مع الموت ، كان يكلمني عن الدين و أن الموت قدر وعندما تحين الساعة و تغادر الروح لا يعد بإمكاننا أي شيء غير الدعاء ... نحن حتى مجرد أسباب لا نستطيع حتى إنقاذ الأرواح التي تعاني إذا لم يردنا الله أن نفعل ، نحن لا نتعارض  مع القدر .. ما قدره الله هو ما يكون .
إكراماً لحرمة الجثة و حق الميت لا نقوم بتشريح الجثة إذا كنا متيقنين من السبب و أن الأمر ليس قتلاً ، حتى في حالات جرائم القتل أحياناً كثيرة يطلب أهل الميت عدم تشريح الجثة .. قد يكون الأمر غير قانونياً لكن القانون الذي نتعامل معه قد سنه أشخاص لا يعلمون شيئاً عن مصر

عدالة باللون الرماديحيث تعيش القصص. اكتشف الآن