اليوم الثاني كنت في العمل أقوم بتقديم تقريري و الذي أوصيت فيه بعرض عاصف على لجنة لتقييمه نفسياً ..ولم أذكر نبيل بأي شيء ، لم أهتم بقصته ولا بتحليله أو تقديم تقرير عنه .. أردت أن ينال أقصى عقوبة على الإطلاق
عدت إلى مكتبي ولم أستغرق دقائق حتى وجدت شخصاً يطرق مكتبي
طرق الباب و دخل مباشرة .. كنت أعرف الرجل .. إنه ذلك الضابط الذي شاهدته في الميدان
كنت أجمع و أرتب أوراقي و أموري لأغادر مبكراً و سمعت الباب يطرق و دخل ذلك الضابط .. بإبتسامة واسعة مريبة " دكتور نضال ، حضرتك فاضي دقيقتين "
لم يكن من الضباط العاملين بسجن المطار .. و لم تكن لي أي علاقة بحادثة الفتى الذي شاهدته في الميدان .. حتى إنني غادرت بسرعة وقتها .. أجبته " اتفضل يا فندم "
الضابط " معاك الرائد وليد الصياد ، أمن وطني "
أومأت برأسي فجلس و أكمل " إمبارح عرفت إن في واحد كان مستني زوجتي تحت المبنى اللي بتشتغل فيه و ركبوا مع بعض تاكسي واحد .. "
أردت المقاطعة فنظر إلي و هو يحرك يديه و أكمل " أنا فاهم إن مش طبيعي إني أكون مراقب تحركات زوجتي الي بثق فيها لكن لأن في بينا مشاكل فأنا كنت مضطر لكدا عشان أعرف لو في حد بيأثر عليها في حاجة .."
حاولت الرد لكنه أكمل " بصفتي رائد في الأمن الوطني مقبلش بأي حاجة تمس سمعتي أو شرفي "
نضال" ممكن حضرتك تسمعني شوية " أجبت بصوتٍ عالٍ أجش
وليد " أنا جاي أسمعك "
نضال" أنا مطلوب مني أقدم تقرير عن الشخص المتهم في قضية السفاح اللي كانت زوجة حضرتك مترافعة عنه لفترة ، بصفتي الأخصائي النفسي المسئول "
وليد " ميسمحلكش الأمر إنك تآخد تفاصيل منها متنساش نفسك يا دكتور إنت دكتور مش المحقق كونان ، ثانياً سفاح زي ده مش محتاج إنك تروح تسأل الناس عنه كفاية وجهة نظرك ولا انت مبقيتش تعرف تميز "
تلك الحظة ابتسمت عوضاً عن الغضب المتوقع ، استرحت على الكرسي و نظرت إليه
نضال" تقريباً .. الشغلانة ليها مشاكلها برضو كل يوم بقابل بلاوي سودة .. "
أشرت إليه و أكملت " وإنتو برضو "
وليد" و إحنا برضو إيه ؟؟؟"
نضال " غير التعامل مع المجرمين ، الواحد في المائة المرضى النفسيين مبوظين صورتكم " نظرتُ في عينيه و غمزت " جنون السطة "وليد " إحمد ربنا إني مش من الواحد في المائة دول .. لو لقيتك في طريق مريم تاني مش هتكون أفضل من السفاح بتاعك في حاجة "
ثم وقف و حينما كان عند الباب نظر إليّ و أكمل " أنا اللي قبضت عليه و حطيته في السجن "
رددت " لسة بالبدلة البيضة " لكنه كان قد أغلق الباب لكنني متأكد أنه سمعنيالمتهمون قيد التحقيق و المحاكمة يكونون باللباس الأبيض و عندما يُصدر الحكم عليهم يرتدون إما الأزرق أو الأحمر في حالات الإعدام و أعتقد أن عاصف ليس بعيداً عن الأحمر ..
هناك من يجب أن يرتدي أحمر الإعدام هذا بالخارج و لكنه طليق و حرمر يومان .. تم رفض طلبي و غداً هو موعد محاكمة عاصف و أيضاً نبيل
أعتقد أنه في جرائم كهذه و في ظل عدم وجود محامي لن يستغرق القاضي وقت في تقرير حكم الإعدام ، ربما محامي نبيل قد يطلب تأجيل لجلسة أخرى لكنه حتى لو أثبت أن نبيل قاتل جارته هذا مختل عقلياً لا أعتقد أن القاضي سيفكر حتى في إمكانية إعطائه حكم أقل من إعدام
قد يكون الإعدام أحياناً قليلاً بالنسبة لبشاعة الجريمة
أدركت أن عهد غادرت و تركت خلفها كل الإكتئآب من أجلي ، كنت أرسم في تلك الشقة التى أصبحت واسعة و أكثر ظلمة و كآبة عندما صرت وحيداً فيها
سمعتُ الباب يطرق ، كان فريد
فريد " مبشوفكش بتطلع من البيت ولا بتقعد على القهوة "
نضال " مكنتش أعرف بحبها قد إيه ، كانت قدامي و مكنتش ملاحظ "
نظر فريد إليّ بنظرة تعجب حزينة بينما جلست أكمل رسمي
فريد " إنت مش كنت بطلت تدخين يابني ؟! "
نظرت له بينما كان لازال واقفاً " اقعد يا فريد ، مبحبش اللي بيقف على راسي "
كنت أرسم في الريسيبشن حيث نقلت كل أدواتي ، بينما تحرك فريد مستكشفاً لوحاتي التي تركتها في كل مكان في الشقة ، لم أكن أنظر إليه حتى كنت غارقاً في تركيزي في لوحتى التي أرسمها ، جندي الحرب مبتور الزراع
نضال " لو هتدخل المطبخ شغل الغلاية عشان نعمل شاي "
عاد فريد إليّ و تكلم " إنت غيرت الكارير ولا إيه ، هتسيب الشغل و هترسم "
نظرت لفريد و أعجبتني الفكرة " تعرف تلاقي حد يشتري الحاجات دي "
فريد " أنا أقدر أسوقلك أي حاجة ، بس الأول في مشكلة عندك يا نضال غير موضوع عهد ؟! لأن معتقدش إن كل رسوماتك تكون معاقة كدا دي حاجة عادية "
أنت تقرأ
عدالة باللون الرمادي
Science Fictionيقول فرانسيس بيكون " يميل المرء للإعتقاد بما يفضل أن يكون صحيح" لم تعد هناك ألوان بيضاء و سوداء .. أصبح كل شيء باللون الرمادي و أصبح الصواب و الخطأ متداخلين إلى حد كبير إذا لم يكن هناك أي دليل على الجريمة ولكنك تعرف الجاني و تعرف أنه سيلوذ بالفرار...