۱۳

44.5K 1.1K 149
                                    

تم النشر بتاريخ ٢٩-١-٢٠٢٠

الفصل الثالث عشر

تنهدت بعمق وابتسامة سعيدة عذبة زينت شفتاها ثم ازاحت خصلاتها خلف أذنها وشلالات من الإبتهاج انجرفت من زرقاوتيها وعضت على شفتيها وسن القلم الذي امسكت به خلف نقطة مهتزة تركت آثارها على السطر الفارغ بدفترها لتزفر بعمق وشرعت بالكتابة..

"أيها الصديق الذي تحملت الكثير والكثير من آفات آلامي.. أيها الأسود الذي حوى بداخله جروح ودموع.. يا من سمعت لشكواي دون كلل أو ملل.. أبشر فإن تلك الأيام قد ولت..

أتتذكر ذلك العصر الضبابي الذي لم تتخلله أشعة الشمس المشرقة ولو ليوم واحد؟ أتتذكر السنوات العجاف؟ أتتذكر البكاء الذي دوى بصخب حتى ارتجفت أوراقك في رعب؟ أبشر.. لقد ماتت تلك السنوات.. اندثرت.. انتهت بلا رجعة..

صديقي.. دعني أقص عليك الأمر منذ البداية.. منذ الوهلة الأولى إلي الآن.. دعني أعطر تلك السطور الفارغة بعبير جناتٍ من الورود التي ندر تواجدها في زمننا الحاضر.. دعني أقص عليك قصة.. ربما قد استمعت لبعضاً من تفاصيلها بالسابق ولكنني أريد الإطناب معك اليوم.. أمامي أربعة ساعات حتى يصل سليم ولدي بعض القهوة وكلمات كثيرة وأسطر فارغة لا تعد ولا تحصى ومزاج رائق ومناسب للتحدث.. هيا صديقي فلنبدأ بالقصة أو دعني أصيغ ما أريد أن أقصه عليك بـ "الفضفضة"!

كان هناك فتى.. فتى دخل بين عائلة الخولي فجأة.. دون مقدمات ودون طفولة يمر بها معنا.. آتى سليم بدر الدين الخولي، ابن خالي، ليكن بيننا.. أو هكذا أخبرونني..

لقد كنت صغيرة للغاية، صغيرة لدرجة عدم التحدث بجمل مفهومة.. تقول والدتي وأخواتي أن عمري وقتها كان في حدود سنتين..

لا أتذكر بالطبع ما هي تلك التعابير التي ارتسمت على وجوه الجميع عندما تعرفوا عليه، لا أتذكر أول لقاء جمعه بعائلتنا، ولكن ما أتذكره هو ملاعبته اياي..

لقد بدأت أن أكون وقتها بالرابعة أو الخامسة أنا حقاً لا أتذكر!! ربما السادسة!! أياً كان.. كل ما أعرفه فقط أنه كان بجانبي.. يغدق عليّ بالهدايا العديدة.. يهرول معي.. يقرأ لي قصصاً طفولية، يعلمني كيف أقود دراجة، يعقب على كل ما أفعله، لا يتوقف عن رسم الإبتسامة والضحكة على وجوه الجميع..

يمزح مع الكبير والصغير، ينهال منه الحنان دون انقطاع، آخى الجميع كأنهم أخوته هو، لم يميز أبداً بين أحد.. نظر له الجميع وقتها بأنه "كبير العائلة" المرتقب..

لا أدري كيف نما ذلك الفتى وكبر بنفس الطريقة ليكن نِعم الأخ، الصديق، الأبن، الطالب، الحفيد.. لا أعرف ولكن كل ما أتذكره أن صفاته الحميدة كبرت معه لتحوله من فتى رائع إلي رجل عظيم!!

لتوي علمت أنه وقف بجانبي حتى أسافر وأحصل على حريتي المزعومة وأتخلص من تحكم الجميع، لتوي علمت كم يعتبرني الأقرب له بين الجميع.. لتوي أدركت كم كنت حمقاء للغاية بمعاملتي الفظة له عندما عدت من سفري وقت وفاة أبي..

دجى الليل الجزء الثاني - عتمة الزينة كاملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن