التاسعة والثلاثون - ميرا وما تخفي

111 3 3
                                    

كان قد انهي حديثه مع ايهاب وخرج وما ان خرج حتي وقف مكانه من شدة الصدمة التي تلقاها عندما شاهدهما يقفان مع بعضهما يضحكان وكأن المياة عادت الي مجاريها ...
جاسر :" يا نهارك اللي مالوش ملامح ... نهار ... نهار ايه ... يا ليلك اللي هيكون اسود اكتر ماهو اسود ... يعني مسمع الواد جوا محاضرة وقمت وانت ضارب بوزك شبرين وانا من بعدك اديتهمله في الصميم عشانك واخرتها واقفلي مع الحب القديم وهات يا ضحك... والله انت فعلا ممثل شاطر وفعلا عرفت تضحك علينا كلنا... بس بجد حرام عليك ... ميرا ما تستاهلش منك كدا وبجد مش حمل صدمة جديدة ... صدمة ... دي مش صدمة دي هتكون كارثة عليها بجد ... وممكن يحصلها حاجة فعلا لو عرفت انك بتضحك عليها ... معقولة طلعتني حمار وما بفهمش حاجة ... لكن لا ايوة لا ومليون لا ... وهتشوف يا باسل لو ناوي تجرحها بجد انا اللي هقفلك ساعتها ... انا يمكن صدقت الاهبل اللي قاعد جوا دا وجنيت معاه عليها قبل كدا بس المرة دي ابدا وزي ما كنت في صفك علي طول هعرف اخد منك حقها ... مش ممكن تتظلم مرتين واقف اتفرج عليها ... ماشي يا عم باسل ... وانتي يا حرباية من قبله ... "
ليفيق علي صوته وهو ينادي عليه ...
باسل : جاسر تع يلا اتاخرنا ...
جاسر : حاضر اديني جاي ... " وفي باله " ... لما اشوف اخرتها معاك ايه ...
ليذهب اليه وما ان اقترب حتي وجد رنا تبتسم له وهي تحدثه ...
رنا : جاسر ... كويس انك جيت عشان انا زعلانة منك كتير ...
جاسر : زعلانة مني ... ليه ان شاء الله ...
رنا : يعني كنت فهمتني ان باسل ارتبط عشان ...
جاسر " متنح وهو ينظر اليهما معا " : عشان ايه بقي ...
رنا : عشان اباركله ... بجد فرحتله اوي ...
جاسر : والله طب كويس ... المهم انتي ايه ...
رنا : انا ايه ...
جاسر : يعني هتكملي شغل والا هتروحي اهو نوصلك في سكتنا ... دا لو كنتي في طرقنا اصلا ...
كانت ينظر الي باسل نظرة كلها تساؤلات ولاول مرة احس باسل بان جاسر يوجه له اتهام صريح بالخيانه ولكنه لم يفهم لما يتهمه بهذه التهمة حتي سمع سؤاله الاخير لرنا حتي تاكد منما يفكر فيه جاسر ليخرج من صمته ويجيب هو عنها ...
باسل : لا رنا مانها بطريقنا تنوصلها معانا ... هي بطريق ونحنا بطريق ... عم تفهم علي جاسر ...
ليتركه ما ان انتهي من كلامه ليركب السيارة ويغلق الزجاج منتظرا جاسر ان ينطلق به ... امام صدمة جاسر ورنا التي حاولت تدارك الموقف حتي لا تحرج نفسها اكثر من ذلك ...
رنا : فعلا انا مش في طريقكم ... اتفضلوا انتوا ... مع السلامة ...  
جاسر : مع السلامة ...
لتتجه الي داخل الريستوران وتغلق علي نفسها غرفة تغير الملابس لتنفجر في البكاء وهي تلوم نفسها ...
رنا : " حمارة وغبية ... ضيعتيه من ايديك وبقي لغيرك ... تستاهلي اللي بيجرالك واللي لسة هيجرالك ... "
لتسمع صوت انطلاق سيارة جاسر فهو من النوع المحب للانطلاق بحركات غربية ...
رنا : " خلاص راح وانتي اللي هتعيشي العذاب ... اشربي بقي الكاس اللي شربتهوله زمان ... "
لتنهمر في البكاء عله يغسل كل خطاياها ويكون نهاية صفحة لم تقوي السنين علي تمزيقها فهل تستطيع الدموع فعل ما عجزت الايام فعله ...
كان باسل طول الطريق صامت فهو وعلي الرغم من معرفته الوثيقة لجاسر الا انه لم يعتقد انه يفكر فيه بهذه الطريقة ...
باسل : " كيف اجيته هالجراءة تيشك فيني هيك ويصدق حالو اني عم امثل عليه وعميرا كمان ... ميرا ... ااااااه يا ميرا ااااااااااه ... كيف طلعتي هيك قويه واتحملتي كل هالمدة بلا ما تكلفي حالك تتصلي فيني تتطمني علي ... حاضر سوي متل ما بدك وما تزعلي من اللي راح يصير وقت اشوفك ... ومشان هيك حضري حالك منيح للي هيصير وساعتها ما تلومي حدا غيرك ... لكن هالجاسر ما راح اعديهاله هيك بسهولة متل ما هو مفكر وكيما كل مرة وراح يشوف ... كيف يسمح لحاله يشك هيك شك ... حاضر كلو باوان وهلا مو اوانك جاسر ... هلا اوان الاستعداد للي راح يصير بيني وبينها ... هالمجنونة اللي طيرتلي عقلي بحاله معها ... عنجد الله معها في اللي راح يصير ... " 
اما جاسر فاحس بانه اخطئ في حق صديقه وان ثقته فيه لم تكن كما يجب ان تكون ...
جاسر :" انا فعلا زي ما قلت حمار وستين حمار كمان بس اعمل ايه منظره معاها وهما بيضحكوا هو اللي خلاني اشك فيه ... بس ملحوقة هصالحه ... صحيح هيزعقلي بالشامي بتاعه بس هستحمله ... كلمتين والموضوع يخلص ... قلبه طيب وهيسامحني عطول ... يلا هخسر ايه ولو عاند هشتكيه لميرا وهي اللي هتقدر عليه ... "
ليستعد لمواجهته حتي يصلح ما فعله ...
جاسر : تحب اشغلك موسيقي ...
باسل : لم يرد عليه واكتفي بالنظر اليه نظرة سريعة تدل علي عدم مبالاة به وبما يقوله لينظر مرة اخري الي الشباك بجواره ...
جاسر " في باله " : الظاهر انه زعلان بجد ومش هيسامح بسهولة ... خلاص اكلمه علي طول هو يعني هياكلني ...
ليستجمع شجاعته مرة اخري حتي يحادثه ...
جاسر : شوف مش هترد عليا والا هتبصلي بطريقتك دي بس برضو هتسمعني ... انا ما كانش قصدي اشك فيك بس منظرك وانت بتضحك مع رنا قصاد الريستوران هو اللي ...
باسل : هو اللي شو ... هو اللي خلاك تشك فيني وترميني بالكلمة هيك وكانك ما سمعت شو حكيت معه لايهاب ولا شي... مو هيدا قصدك ...
جاسر : معاك حق تعمل فيا وتقول اللي انت عايزه بس عايزك تفهم حاجة واحدة بس ... انا المنظر اللي شوفته خصوصا بعد كلامك مع ايهاب هو اللي خلي دماغي تقف وما بقاتش عارف افكر صح ...
باسل : خلاص سكر هالموضوع ...
جاسر : يعني سمحتني والا هحتاج واسطة ...
باسل : ههههههههه ... شو واسطة ... لكن مين بدك تكون الواسطة ... 
جاسر : هو في غيرها ... ميرا طبعا ...
باسل : لا لو عهيك واسطة ... خلاص سامحتك ...
جاسر : ايه دا معقولة من اسمها بس سامحتني اومال لو كنت قولتلها كنت تعمل ايه ...
باسل : عنجد صاير سئيل هلا ... اسكت وكفي خلينا نوصل ...
جاسر : طب هسكت بس الاول قولي هنعمل ايه في الشغل ...
باسل : شو بو ...
جاسر : لا يعني عايز اعرف هنكمل شغلنا اللي اتعطل فجاءة بدون سابق انذار دا امتي ... والا انت خلاص خدت علي الراحة والجواز وما ادراج ما الجواز ...
باسل : بتعرف جاسر لو ما سكرت تمك هيدا وما كفيت حكيك اللي بلا طعمة هيدا ... راح افتحه للباب وازطك بالشارع ...
جاسر : لا خلاص وعلي ايه العمر مش بعزقه ... هسكت ومش هتكلم خالص ...
باسل : ايه وبكرة بحكي معك تنرتب امور الشغل ... منيح هيك...
جاسر : لم يرد واكتفي بهز راسه بالموافقة ...
ليكملا الطريق صمتا حتي وصل الي البيت ...        
ما ان وصل الي البيت ونزل من السيارة حتي التفت الي جاسر الذي حافظ علي صمته بعد تهديد باسل له وبعد ان احس بجديته بهذا التهديد ...
باسل : راح احكيك بكرة عحداشر هيك ... بيمشي معك ...
جاسر : ايضا لم يرد بل هز راسه فقط ...
باسل : هههههه ... شو هيدا ... ليش ما بتحكي متل العالم شو القطة اكلت لسانك وما عاد فيك تحكي متل قبل ...
جاسر : يا سلام عايزني اتكلم عشان ترميني في الشارع والعربية ماشية ... مش كدا ... لا يا خويا ... انا مش مستغني عن عمري ...
ليتجه الي حيث الشباك الذي بجواره ... ليمسك راسه ويقبلها وهو يضحك ... 
باسل : وانت بتصدق اني اسوي هيك فيك انت ... معقول جاسر بتفكر فيني هيك ...
جاسر : وانا اعملك ايه ... وانت شكلك وانت بتقولهالي كنت قاصدها بجد ...
باسل : سوري عنجد ... كنت معصب من اللي صار كله ... ما تزعل مني ...
جاسر : ماشي يا عم ... خلاص سامحتك ... المهم انت سامحتني ...
باسل : من بدري ... هلا لازم ادخل تشوف هالمخبولة اللي ما هان عليها تسال ويني من شي ساعتين ونص ...
جاسر : بس براحة عليها ... وبلاش العصبية اللي فيك دي تخرج عليها ... ميرا مش قدك ...
باسل : ايه صح هي مانها قدي ... يلا بحكيك بكرة ...
جاسر : سلام ...
ليتركه وينطلق بالسيارة ليتوجه هو الي داخل البيت وما ان فتح الباب حتي وجدها امامه علي احدي كنبات الانتريه الامامي ...
اغلق الباب بسرعة ووقف وهو ينظر اليها ... كانت جالسة ساندة راسها علي ظهر الكنبه وظهرها اليه ممدتدا ارجلها بطول الكنبه... استغرب عدم التفاتها اليه مع انه تعمد غلق الباب بصوت عالي حتي يسمعها ... لكنها ظلت علي وضعها دون النظر اليه... اقترب خطوات معدودة ووقف علي مقربتا منها واضعا يداه بجيوبه يحدثها ...
باسل : لساتك زعلانة ... شو ما هان عليكي تسالي فيني من شي ساعتين ونص ...
لم تلتفت ولم ترد عليه ... استغرب ردة فعلها ولا مبالاتها به وبما يقول ...
باسل " في سره " : شو بها ... اكيد زعلت بزيادة مشان خرجت هيك بلا ما احكيها ... لكن خلاص بيكفي هيك وبلا ما زودها عليها وراح اصالحها ... ايه بروحلها واللي بيصير يصير ...
ليتجه حيث تجلس وما ان اقترب حتي سمع صوت بكاء صامت ... وقف مكانه غير مصدق ما يسمع ... هل فعلا تبكي ولكن لما ... لما تبكي فما فعله لا يستدعي ان تبكي بهذا الشكل ... ليمسك بها من كتفيها ويحيطها بيديه دون ان يري وجهها ...
ما ان احست به معها حتي انهمرت في البكاء الذي لم يتوقف منذ ان رات ما رائته علي مكتبه ... احاطته بقوة كالتي تحتمي به منما عرفت ورائت دون ان تتحدث معه بكلمة ...
باسل : ميرا شو صار لكل هيدا ...
ميرا : .........................
باسل : ميرا وحياتك ما بقدر والله وما بتحمل اشوفك هيك ... ميرا احكيني شي ... فهميني شو صار ...
لتغالب دموعها ليخرج صوتها متهدجا دالا علي طول فترة البكاء ...
ميرا : كنت فين وسيبتني لوحدي ...
باسل : سوري حبيبي والله ما كنت مفكر هالشغلة راح تاخد كل هالوقت لكن عنجد اسف وبوعدك ما بكررها عنجد ...
ميرا : يعني مش هتسيبني تاني لوحدي ...
باسل : لا ما راح اتركك لحالك تاني ... لكن كل هالبكاء مشان هيك ...
ميرا : لا مش عشان كدا بس ...
باسل : لكن ليش شو في تتبكي وتحرقي حالك بالبكا هيك ...
ميرا : يعني مش عارف ...
باسل : وحياة ميرا ما بعرف ... شو في ...
لتبتعد عنه وترفع راسها حتي تري وجه وما ان راها حتي صعق من عيونها الحمراء والتي ما ان رائها حتي عرف انها تبكي من وقت طويل ...
باسل : يييييييي يا قلبي ليش هيك مسويه بحالك ... هيك هيك عيونك ... هيك حمراء ... من امتين وانتي عم تبكي ...  
ميرا : من ساعة ما عرفت انك مش موجود ...
باسل : هبولة والله ... شو صار لكل هيدا ... عنجد احكي ...
ميرا : قبل ما اقولك اي حاجة عايزة اسئلك سؤال وعايزة منك اجابة صريحة ...
باسل : ولو من امتين كدبت عليكي ...
ميرا : باسل ... انت تعرف ايهاب منين ...
باسل " متنح " : شوووووووووووووووو ...
ليبتعد عنها وهو مستغرب ما تسال عنه ... كيف عرفت وكيف توصلت الي هذه المعرفة ... هل تكلم معها ايهاب بعد ان تركوه ام انها ذكيه كفاية لان تعرف منها لنفسها ...   
ميرا : سمعتني وما تتذاكاش عليا ... جبت نمرة ايهاب منين ... ومين اللي ادهالك وكنت عايزها ليه اصلا ...
باسل : ميرا فيكي تهدي شوي ... كيف عرفتي بهالموضوع ... مين حكي معك بهالشي ...
ميرا : ما حدش حكي لي حاجة انا عرفت مني لنفسي ...
باسل : والله وكيف عرفتيها للقصة ... ميرا بليز فهميني لاني ماني فهمان شي ...
ميرا : اقولك عرفتها ازاي ... لما سيبتك ودخلت الاوضة فكرتك شويه وهتيجي تصالحني ... نص ساعة وما حصلش حاجة ... قلقت عليك ... " ابتسم وشعر بالفخر واحس بانه وصل معها لما يريد " ... خرجت اشوفك فين ... دورت عليك في البيت كله مش لاقيتك ... فكرت انك في مكتبك ... دخلت اشوفك وبدل ما القيك لاقيت دي ...
لتخرج من بين طيات يدها ورقة بيضاء وتضعها امام عيونه ... ما ان نظر اليها حتي تذكر ما حدث ...
باسل " في باله " : كيف تركتها للورقة هيك وخرجت ... كيف ما فكرت انها ممكن تشوفها وتعرف اللي بيصير ... هلا كيف بقنعها وكيف راح تفهم الحكاية كلها ... اكيد بخسرها بهيك حكي ... يعني ما كان فيني ما اروح ولا شي ... او اجله للمشوار ...
ميرا : باسل ... فينك ... هايييييييييييييي ...
باسل : معكي وين راح اكون غير معكي ...
ميرا : طب مش هتقولي ازاي النمرة دي وصلتلك ...
باسل : ميرا ما راح اكدب عليكي لاني عنجد ما بقدر اسويها للشغلة ... وراح احكيلك كل اللي صار ... لكن مشان الله ما تفكري فيني بغير طريقة ...
ميرا " بقلق " : طب احكي ...
ليحكي لها كل شئ ... حكي منذ ان تقابلا وما مرا به اثناء مقابلة محمود حتي المطاردة التي حدثت بالعمارة عندها ... ليصمت قبل ان يكمل ما يريد ان يقوله لها ...
احست بان صمته هذا يحمل بعده ما لا تريد ان تسمعه منه ... احست بان ورائه السبب الحقيقي وراء علاقتهما التي سارت بسرعة غريبة غير مفهومة ...
ميرا : كمل سكت ليه ... اوعي تكون هتخبي حاجة عليا ...
باسل : ما بعرف اللي راح احكيه هلا كيف راح تتقبليه ... لكن بريد منكي وعد انك ما راح تاخدي اي قرار قبل ما تفكري منيح في كل اللي راح اقوله هلا ...
ميرا : بوعدك ... " وفي بالها " ... بس يا خوفي يكون اللي هتقوله دا يحط النهاية لحكاية لسة كلمة البداية حبرها ما نشفش ...

آسرتنى ( Complete )✅✅✅✅✅ حيث تعيش القصص. اكتشف الآن