إعتقدت أنني لن أستطيع النوم و استطعت ، إعتقدت أن الكواليس ستراوني حول تلك الفتاة من الإيغور فاطمة ولم أفعل ، و كأن عقلي يخبرني أن موضوع الحلم و قصة السفاح قد إنتهيا .. نعتقد أننا يمكنا توقع أحلامنا كالطفل الذي فقد جده و يتمنى حين ينام أن يراه في حلمه لكنه لا يفعل
كالفتاة التي تحلم بأن تجد عروستها تتحرك و تنبض بالحياة
وكلاهما يحلمان بلا شيء ، و كان حلمي كذلك .. ربما ما حلمت به من البداية كان كما تتداخل إشارات القنوات على المذياع
لكنني عندما استيقظت ظللت أفكر في أمر عاصف ، هل كذب علىّ فعلاً و لما عساه يفعل ذلك .. هل يوجد سفاح حقيقي فعلاً و هو حر طيق يستلذ بالقتل
و فكرت أكثر في تلك الجملة التي ترددت كثيراً كإنها تحفز تكرارها بذاتها
هل لديه خطة هروب ؟! ربما فريد محق بأمر عاصف ، ربما الجميع محق بأمره
بالتأكيد لديه خطة هروب ، لربما كنت جزءاً من تلك الخطة حينما كتبت في تقريري أنه شخص مريض نفسي ، لا الأمر ليس صحيحاً لأنه كان يعرف أن قصته هي ذريعة إعلامية و أنه هالك لا محالة ولا سبيل له لتغيير الأمر لم يرد مني شيء لقد أخبرني أنه لا أحد يستطيع مساعدته .. رباه ، الأمر معقد .. هل تكون كل تلك القصة بالفعل فبركة إعلامية ولا يوجد سفاح من الأساس أو جريمة قتل مسلسل إنما أشخاص ماتو بنفس الطريقة و تم تجميع الأمر ليبدو كذلك
لكن مالي أفكر في الأمر و أنا لست طرفاً في أي شيء ، أنا مجرد شخص عادي حتى إن كنت طرف بسيط بكوني الأخصائي النفسي فأنا قد قررت أن أستقيل من فترة ، بحلول الغد لن يكون الأمر بالنسبة لي أكثر شيء من كونه بالنسبة لفريد سأكون مع المتفرجين .. مع عامة الشعب الذين يتابعون الأحداث من خلف شاشة التلفزيون ولا يأبهون بكونها حقيقية أو مفبركة أو حتى تراجيدية أو كوميدية
نشاهد الأمور فقط ولا شيء آخر
رباه .. إننا فعلاً نشاهد بدون أي تحرك القصص التراجيدية الواقعية ، نشاهدها منذ وقت طويل جداً .. لطالما فتحت التلفزيون و شاهدت القصف في فلسطين ، رأيت الطفل الغريق في سوريا و قبله إنتهاكات الأمريكان في سجون العراق
رأيت معاناة مسلمي الإيغور في الصين و التطهير العرقي في بورما
نشاهد و نحزن و نضع علامات الحداد و يمر الوقت و تعود للكوميديا في حياتنا من جديد و ننسى الأمر و كأنه لم يحدث و كل شخص يهتم بشئونه الخاصة و فقط
قد يكون الإختلاف كبير بين الأمرين لكن أحيانا لا يمكننا جعل عقونا أن تتوقف عن التفكير .. الأمر أشبه برؤيتك لفلم رعب .. لا ينفك عقلك يحدثك بأن الشبح في الفيلم يقبع تحت سريرك ..
بعض الأفكار جائعة لا تتوقف عن تكرار نفسها داخل عقلك
ربما قلة من الناس يعانون من تلك المشكلة ، بالتأكيد هي مشكلة حقيقية
تلك الفكرة التي تتكرر داخل دماغك باستمرار حتى تتحرك معها
في الصباح ذهبت لسجن المطار للمرة الأخيرة .. أردت فقط تقديم استقالتي
عندما انتهى الأمر و كنت أغادر ذلك المكان الكئيب للعالم المشرق المشمس في الخارج راودتني تلك الفكرة التي تحفز الفضول لأن أقابل عاصف مرة أخيرة
أنت تقرأ
عدالة باللون الرمادي
Ciencia Ficciónيقول فرانسيس بيكون " يميل المرء للإعتقاد بما يفضل أن يكون صحيح" لم تعد هناك ألوان بيضاء و سوداء .. أصبح كل شيء باللون الرمادي و أصبح الصواب و الخطأ متداخلين إلى حد كبير إذا لم يكن هناك أي دليل على الجريمة ولكنك تعرف الجاني و تعرف أنه سيلوذ بالفرار...