نجح المعرض الذي أقامه فريد على غير المتوقع ، حتى إن بعض الصحف ذكرت كلاماً عن الأمر .. بالتأكيد كان نقد سلبي محطم للآمال ، لكنني مؤمن بأنه حتى النقد السلبي في الجريدة هو دعاية .. حتى لو كان دعاية سيئة ، فالدعاية هي دعاية ، سيحاول الناس أن يشاهدوا تلك اللوحات التي أغاظت النقاد إلى حد ذكرها في الصحف
حققت لوحاتي ربحاً و الكثير من الأموال ، اشتريت سيارة و لم أكن مبذراً
كنت أتوقع قدوم الموت إليّ في أي وقت هذا لأنه تهديد السفاح لي من رجل لسفاح .. لكنني علمت أنه قد مات بعد مرور خمسة أيام على لقائي به .. حينما مررت بجانب الڤيلا و رأيت الكثير من الرجال و يتم نقل الأشياء منها ، بمجرد إقترابي لأسأل أبعدوني .. كان هناك رجال من الشرطة ، ولمحت ذلك اليوم
الضابط وليد في محيط الڤيلا الخارجي و قد رآني أتناقش مع رجال الأمن و هم يحاولون منعي .. إقترب مني
وليد " دكتور نضال ! "
نضال " فاكر اسمي لسة .. " لربما كان عليّ الشعور بالإطراء
وليد " أي حد بيعدي من قدام الكاميرات في الڤيلا دي بنعرف كل التفاصيل عنه .. لو متحركتش من هنا دلوقتي حالاً مش هيحصلك كويس "
نضال " أولاً أنا مش إرهابي ، ثانياً دانيال بيه أخد مني لوحتين و موقعين باسمي و كنت عايز أستردهم "
وليد " دانيال بيه ده مات إمبارح ، وقع من على السلم و رقبته اتكسرت و مات .. كل حاجته دلوقتي تحت تصرف الدولة لحد ما يجد جديد في الأمور ، و اتفضل خد عربيتك و اطلع من هنا ، مش مسموحلك حتى تقف في الشارع قدام الڤيلا "تابعت الأمور عن كثب ، أغلب أغراض دانيال تم نقلها لعائلته في إسرائيل ، تم إعتبار اللوحة خاصتي من من الأثاث الذي كان موجود في الڤيلا قبل أن يتم تأجيرها و ذلك لأنني طالبت بالحصول عليها و ساعدني فريد في ذلك من خلال أشخاص في مراكز عالية ، منهم الشخص الذي اشترى الڤيلا التي أقمت فيها المعرض الأول ليّ
ذكرتُ اللوحة خاصتي لأن لوحة واحدة من الإثنتين كانت موجودة في الڤيلا
فقط لوحة فتاة الكابوس التي علقها على الحائط خلف مكتبه ، أما لوحة جندي الحرب مبتور الذراع فلم أجدها لأن ذلك الملعون قد أهداها لصديق لديه قبل موته
تمكنت من الحصول علي لوحة فتاة الكابوس بعد نجاح المعرض الثاني لي الذي أقامه فريد أيضاً و حقق نجاحاً كسابقه ، الڤيلا لم يتم تأجيرها حتى وقت طويل جداً و كانت موضع للكثير من التحقيقات التى تم إجرائها حول قضية موت دانيال و الغريب أن الإعلام لم يذكر الأمر مطلقاً ولا من قريب أو بعيدمرت الأيام كل يوم في ذيل التالي حتى أتى خريف عام 2030
واقفاً مكاني في معرضي الثالث أتذكر ما مرّ كأنه قضى بالتصوير السريع ، أنتظر وصول طردي الخاص
بينما كنت أخبر مريم
أن بعض لوحاتي التي أرسمها أحاول أن أرسمها مجدداً
" في لوحات بعد ما برسمها بحاول أرسمها تاني ، اللي بيخلي الرسمة الأولى عندي هي الرسمة الأصلية "
لأنني قمت برسم لوحة فتاة الكابوس أو سيدة الكابوس مجدداً ، كانت تلك اللوحة التي أقف أنا و مريم نشاهدها اللوحة الثانية ..
ما يجعل اللوحة لوحة ثانية لا يجعلها سيئة أو نسخة غير أصلية .. الأمر فقط يشبه التوائم ، لا يمكنك القول أن التوأم المتماثل أحدهما نسخة عن الآخر
الأمر فقط مميز بالنسبة لي شخصياً ، أشعر بأن النسخة الأصلية أو الرسمة الأولى هي أفضل بكثير من الثانية
كنت أنتظر طرداً .. كان لوحة فتاة الكابوس الأولى
اقترب مني فريد و أخبرني أن طردي قد وصل .. استأذنت من مريم و ذهبت لأستقبل تلك اللوحة بنفسي حتى أضمن سلامتها .. وضعتها في تلك الغرفة مع بعض اللوحات أو ما أطلق عليها المسودات
عدت إلي مريم
نضال " مش عارف أسألك إزاي عن الموضوع بس عندي فضول رهيب .. إطلقتي عادي من غير مشاكل "
ضحكت مريم " هو موضوع غريب شوية صح ، وليد شخص متملك لا يُحتمل .. يعني مقدرتش استحمل إني أكمل معاه "
نضال " بيقولو الحب بيغير الناس و حاجات سحرية كتير "
ابتسمت و ردت " الحب للناس اللي بتقدر تحب ، كان جواز عادي تقليدي بس دا مش سبب ، وليد ميعرفش يحب حد " ثم قبضت على شفتيها في حيرة تحاول شرح الأمر المعقد جداً كما يبدو " وليد أنا هربت منه بمعنى الكلمة .. يعني كان الموضوع صعب أصلاً إني أطلق بسلام "
نضال " دا سؤالي بقى .. يعني هو ضابط في أمن الدولة و من موقف واحد شوفته فيه أقدر أتوقع إنه من الصعب يوافق يطلق زوجته بكل سهولة كدا "
لم تجب ، و صمتنا لبرهة من الوقت ثم قطعت ذلك الصمت
نضال " تيجي تشوفي أهم جزء في المعرض "
مريم " كنت فاكرة إن دا هو أهم جزء "تحرت و تبعتني نحو غرفة المسودات كما أطلقت عليها
نضال " أهلاً بيكي في أهم مكان في المعرض ، غرفة المسودات .. "
تقدمت مريم و دخلت الغرفة ، و بينما كنت أقوم بإذالة التغليف عن لوحة فتاة الكابوس الأصلية كانت مريم تتفقد المسودات الأخرى حتى وقفت أمام لوحة رسمتها ، تحركت لأرى اللوحة الأخرى بعد أن قمت باسناد لوحة فتاة الكابوس
وجدت مريم تشير إلي لوحة جندي الحرب مبتور الذراع النسخة الثانية
مريم " دي لوحة أصلية " ثم التفتت و انتبهت للوحة فتاة الكابوس
نضال " دي قصة مختلفة .. لوحة فتاة الكابوس دي اللوحة الأولى لوحة أصلية غير اللي معروضة بره .. أما لوحة جندي الحرب دي نسخة أو لوحة تانية مش الأصلية أو الأولى "
أخذت نفساً ثم أكملت أشرح الأمر " من حوالي خمس سنين كدا و قبل أول معرض ليّ رسمت لوحتين .. فتاة الكابوس و جندي الحرب مبتور الذراع
و أهديتهم لشخص غريب مش مصري ، تقدري تقولي شخص أجنبي .. كنت فاقد الأمل إني أرجعهم تاني .. فرسمت لوحتين غيرهم "
مريم " شايفة إنك رجّعت واحدة منهم "
نضال " الشخص اللي أهديته اللوحتين مات من يومين ، عرفت أرجع واحدة أهم واحدة .. رجعتها النهاردة ، أما اللوحة التانية إختفت "
كانت نظرة الزهول ظاهرة في عينيّ مريم .. أشارت إلى لوحة جندي الحرب
مريم " أنا شوفت اللوحة دي ، لوحة شكل دي بالظبط كإنها هي .. وليد معلقها في الشقة .. قال إن واحد صاحبه أهداها ليه هدية "كانت تلك الإجابة تفسر الكثير من الأمور بالنسبة لِي ..
إذا كان دانيال هو السفاح الذي تكلم عنه عاصف قبل موته ، السفاح الحقيقي
كان يقتل ضحاياه صيداً بواسطة بندقيته .. هناك شخص مهم أو في جهة الشرطة ، شخص حصل على أمواله و كان له نفوذ ليأثر في تقارير الطب الشرعي ..
ليخبر أن الموتى قد قتلهم السفاح خنقاً بيديه كما هي طريقة عاصف في قتل ضحاياه
وليد هو من إنتبه لعاصف عندما تعامل مع مريم ، عندما أوصلها للمنزل لأنها كانت تعاني من تلك الدوخة التي تحدث لها بسبب مرضها مرض منيير
بالتأكيد لغيرته تتبعه و راقبه ، علم أنه قاتل .. و وجد الطريقة المثالية ليخلص دنيال من جثث ضحاياه
لقد كان وليد هو صديق دانيال
أنت تقرأ
عدالة باللون الرمادي
Ciencia Ficciónيقول فرانسيس بيكون " يميل المرء للإعتقاد بما يفضل أن يكون صحيح" لم تعد هناك ألوان بيضاء و سوداء .. أصبح كل شيء باللون الرمادي و أصبح الصواب و الخطأ متداخلين إلى حد كبير إذا لم يكن هناك أي دليل على الجريمة ولكنك تعرف الجاني و تعرف أنه سيلوذ بالفرار...