اللمحات الأخيرة

46 7 0
                                    

الكثير من الأشياء حدثت ولم أكن منتبهاً لها ، لم أكن موجوداً حتى لأعلم ما حدث لكنني توقعت الأمر
ذلك الوقت عندما كنت أزور عاصف للمرة الأخيرة قبل إعدامه بيوم و عندما أعطيته علبة لبان تشيكليز التي تحتوي على أقراص الريمينوس .. أدرك الأمر و استغل الخطأ .. أخذ حبة واحدة فقط
تناول تلك الحبة قبل أن يأخذوه للمشنقة .. لم يتوقعوا بالطبع أنها حبوب منومة و أنه فقط نائم ، لابد أنه قام بالضغط على نفسه ليتقيأ قبل أخذ الحبوب فعندما يأتي الحراس و يجدونه فاقد الوعي و بجانبه القيء يعتقدون أنه تسمم من شيء و يتم نقله للمستشفى
الضغط الإعلامي يجعل إدارة السجن تتكتم على الأمر و تعلن أنه تم تنفيذ حكم الإعدام بالسفاح
في المستشفى يتمكن الطبيب الذكي من الهروب
يستكمل تحقيق أحلامه
وصل إلى دانيال ، ربما تنكر في ذي فتى الطباخ لأن فتى الطباخ الحقيقي تم إختطافه ولا أحد ينتبه لنكرة يقوم بتقديم الأكل فقط للشخص المهم
يدخل ليقدم الأكل لدانيال و ينتهز الفرصة و ينقض عليه ، لا يقوم بخنقه لأنه في عجلة من أمره ، فقط يقوم بكسر رقبته .. يديرها حتى يجعله ينظر لظهره
أكاد أتخيل رؤية الأمر في كاميرا المراقبة
عندما يُعرف الأمر و يجدوا دانيال قتيلاً و يتم إبلاغ الشرطة .. يعلم وليد بالأمر و يخشى أن تجذب التحقيقات الخيوط حول جرائمه فيقرر تولي التحقيق بنفسه .. و يحاول جعل الأمر يبدو كأنه حادثة .. يلقي بالجثة من فوق السلالم
و تمر الأيام حتى يصل عاصف إلى وليد و يقتله بنفسه كما قتل دانيال لكن تلك المرة يجد الوقت ليقتله بطريقة السفاح

بينما كان فريد يسأل عن المشكلة فتحت علبة لبان التشيكليز التي أرسلها عاصف ، أعطيته واحدة و مضغت واحدة و أخبرته أن الأمور بخير و أنني فقط إنشغلت و نسيت أمر هذا الطرد الأخير و أنني كنت سأخبره عنه
طلبت منه أن يعود لزوجته و أن يعذرني الليلة ، لم أكن لأستطيع تناول أي طعام حالياً
نضال " فاكر يا صاحبي إني  قولتلك إني هعزمك النهاردة إنت و ياسمين على الغدا بره ، لكن بجد خليها لبكرة لأني معايا مشكلة بسيطة .. مشكلة ملهاش علاقة باللوح و المعرض .. حاجة بسيطة هكلمك عليها بكرة "
ربت على كتفه و طلبت منه المغادرة و تابعت العمّال ليقوموا بتغليف اللوحات و وضعها في المخزن
.. كان هناك حارسان من المفترض لهم السهر حتى الصباح لحراسة اللوحات .. جلست معهم
أجواء المقطم إنها ساحرة ليلاً بحق و ذلك الوقت في الخريف إنها ليالٍ ساحرة بحق ، ظللت أتأمل علبة اللبان تلك و أبتسم
لم أعلم كيف عليّ الشعور حيال الأمر ، هل أشعر بالسوء و الأسى و الخزي لأنني و بدون قصد ساعدت قاتل متسلسل على الهروب ، إنه مجرم و سفاح
أم أشعر بالبطولة لأنني ساعدته على قتل سفاح آخر
ربما أشعر بالسعادة لأن دانيال قد قتل ، لقد استحق الأمر عن جدارة .. لقد سلب الكثير من الأرواح
لكن حتى عاصف سلب الكثير من الأرواح أيضاً
ربما هي أرواح شريرة و كانت تستحق الموت ، لكن من نحن لنقرر من يعيش ومن يستحق الموت .. ربما يكون الأمر بطولي من وجهة نظر و من وجهة نظر أخرى هناك الكثيرين ماتوا .. من قتلهم عاصف لم يكونوا كلهم أمثال دانيال
هناك فيهم أمثال نبيل ، ذلك الشخص الذي كان من وجهة نظري أن حكم الإعدام شيء قليل على جريمته و كان مريضاً
ربما هناك أشخاص ليسو مرضى و إرتكبوا جرائم كذلك الطالب الجامعي الذي قتل فتاة الليل .. ربما استحق الموت لكنه كان يستحق محاكمة عادلة
كان يستحق فرصة ليندم فيها على جريمته

للحظة كنت أعتقد أن ما يقوم به عاصف كان بطولياً لكنني أدركت أنه ليس كذلك ، للحظة فكرت في أن أساعده  ، أدركت أننا نقيم محكمة في عقولنا لنطلق الأحكام و نعين الأبطال
أدركت أننا نقيّم الأمور وفق ما نريد لا وفق ما هي عليه

عدالة باللون الرماديحيث تعيش القصص. اكتشف الآن